روايات الهواة.. بين منطق السوق الاستهلاكية وغياب معايير النقد الأدبي

  • 1/16/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يعد غريباً أن يحتفل أحد نجوم سنابشات وإنستغرام بتوقيع كتابه، وسط حضور كثيف ومن أجل جمهورٍ واسعٍ يتلقف الجديد من نتاج نجومه المفضلين بتسليم مطلق واحتفاء لا حدود له. كما بات مألوفاً أن يقوم مذيعٌ، أو مذيعةٌ، في قناة فضائيةٍ بكتابة روايةٍ والاحتفال بتوقيعها، وسط إقبالٍ على اقتناء الرواية من جانب الجمهور العريض. موجةٌ من المؤلفاتِ الأولى التي أغرقت سوق الكتب في المملكة، وتحولت إلى ظاهرةٍ لم تأخذ حقها من النقاش ولا التقويم في الأوساط الثقافية والأدبية.. وبدت أشبه بظاهرة جديدة تواطأ الجميع على الصمت عنها. ذهاب زمن النخبة: لا يمكن للمراقب فصلُ موجة روايات الهواة عن تيار الإعلام الجديد الذي قلب الساحة الاجتماعية والفكرية رأساً على عقب، فتزايد الاهتمام الشعبي بالشأن العام، وصار بوسع الأخبار أن تنتقل بسرعة البرق، كما صار في قدرة الجمهور أن يرفع إنساناً أو يهوي به من خلال وسم على تويتر. النخبة التقليدية تفاجأت بما يحصل، وحاولت قدر المستطاع أن تعثر على مساحة ما في هذا الوضع المختلف، وقد نجحت في إثبات وجودها، لكنها عجزت عن فرض معاييرها النقدية السابقة شديدة الصرامة. نجوم جدد: وأفرزت هذه الحالة الجديدة واقعاً مختلفاً كادت معه شمس النخبة التقليدية أن تنحدر إلى المغيب، وبرز إلى الساحة نجوم قادمون من عرض المجتمع، أتيح لهم بخلطة من الإجراءات والجاذبية والحظ -أو سوء الحظ أحياناً- أن يصيروا نجوماً حقيقيين ينبض الشارع السعودي بجديدهم ويتابعهم بمنتهى الجدية. النجوم الجدد، الذين لم يمروا بذات التجربة التي مر بها الجيل السابق من النجوم، وجدوا أنفسهم متحررين من القيود المصنعية التي مر بها النجوم السابقون، ولم يجدوا في أنفسهم حاجة إلى تلك المؤهلات التي يحرص عليها كبار السن ومن في حكمهم.. لذا كان نتاجهم أبعد عن المعايير الصارمة. التمدد نحو الأدب: وبعد أن كان النجوم يصنعون محتوى مسلياً في تطبيقات التواصل الاجتماعي المتجددة، قرروا أن يمدوا نفوذهم إلى عالم التأليف، فتوالت مؤلفاتهم في ميادين متعددة، كتطوير الذات، والمذكرات والسير الذاتية، والروايات. ومن وجهة النظر التقليدية، فإن كتب النجوم الجدد تتسم غالباً بالسطحية وعدم الإتقان، وتؤدي إلى المزيد من التسطيح للوعي المجتمعي العام، وهو ما يجعل هذه الكتب لا تستحق عناء الالتفات إليها. يرى المثقفون التقليديون أن كتب النجوم ليست مقصودة لذاتها بل للـشو الذي يمكن أن تحدثه، وأن محتواها لا يستحق الالتفات إليه، وأنها ليست أكثر من أدوات إضافية لتسويق الذات يلجأ النجوم الجدد إلى استعمالها كأوراق قوة تدعمهم في سباق التنافس المحموم على أكبر قدر من كعكة الجماهيرية. ويؤكد التقليديون أن جودة كتابٍ ما لا يمكن قياسها بعدد النسخ المباعة، كما أنهم يشككون كثيراً في مصداقية الطبعات التي تصدر تباعاً على نحو غير منطقي، حيث يسهل أن تبلغ طبعات كتاب واحدٍ ثلاثين طبعة خلال عام أو اثنين. أين النقاد من كل ذلك؟ يبدو أن كل محاولات النقاد من أجل ترشيد أو تقويم ظاهرة روايات الهواة قد ذهبت أدراج الريح، فضلاً عن محاولة وقف هذه الموجة أو نقضها؛ لفارق الجماهيرية بين الناقد والمنقود، والذي يفوز فيه المنقود غالباً بفارق يجعل خصمه خارج إطار المنافسة. بيد أن من النقاد من يرى أنّ التصرف السليم حيال هذه الموجة هي رفع شعار: لا تفعل شيئاً، وأن ارتفاع حالة الوعي بشكل تدريجي يجعل القارئ أكثر حكمة عند اختيار الكتاب الذي يريد قراءته، كما سيجعل من يقدم على التأليف يفكر كثيراً وطويلاً قبل الإقدام على صنعةٍ لا يمتلك مؤهلاتها الحقيقية.

مشاركة :