حافظ مهرجان دوز الدولي في دورته 49 على الفقرات التنشيطية التي تجسد حياة البدو في حلهم وترحالهم، فكان العرس التقليدي وعروض الفروسية والصيد بكلب «السلوقي» أهم الأنشطة التراثية التي يركز عليها المهرجان طوال دوراته المتتالية. وتمكن المهرجان من بعث حركية سياحية مهمة في المنطقة ترجمتها الوفود السياحية القادمة على دوز سواء من خلال السياحة الداخلية أو السياحة الدولية ممثلة في بلدان الجوار (ليبيا والجزائر) وبلدان أوروبية تهتم بالجوانب التراثية المختلفة عن ثقافاتهم. وقدم إلى المدينة الصحراوية نحو 60 صحافيا من أوروبا وآسيا لمواكبة فعاليات هذه المظاهرة والترويج للوجهة السياحية ممثلة في الجنوب التونسي. وخلال حفل افتتاح الدورة الجديدة، قدم الفنان التونسي منصور الصغير عملا ملحميا تحت عنوان «بيض الزمايل» بمشاركة أكثر من 300 شخص، وقد أثثت مختلف ردهاته فرقة بلدية دوز للتمثيل، أما النص الشعري فهو من قراءة بلقاسم عبد اللطيف وأيوب الأسود. وقال منصور الصغير مخرج هذا العمل في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية إن «بيض الزمايل» يمثل رؤية جديدة للموروث الحضاري في المنطقة، وهي محاولة لتقديم الفقرات المألوفة من (دولاب ومرحول وقافلة وفروسية إلى جانب الألعاب الشعبية ككرة المعكاف وأهازيج الصبايا وأغاني النسوة في الأفراح). وأكد على أن هذا العرض جاء في تصور مغاير يجعل الحاضرين الذين يعدون بالآلاف في مدارج ساحة حنيش، يلامسون الموروث الحضاري للمنطقة ويتعرفون على ثراء عادات وتقاليد البدو وما يميزهم من طيبة وكرم ومحبة. كما قدم عرض «بيض الزمايل» مجموعة من اللوحات الفنية من بينها لوحة التنقل في البادية المعروفة بلوحة المرحول والدولاب، إلى جانب لوحة استقبال الضيف الوافد على القبيلة، ولوحة الفرح بالمطر والأهازيج التي يرددها الصبايا استبشارا بالغيث على غرار «يا مطر يا خالتي صبي على قطايتي» مع لوحة الصيد بالسلوقي ولوحة العرس التقليدي والغورة (الإغارة) بين القبائل، ليضيف منصور الصغير إليها لوحة جديدة تتمثل في لوحة المؤدب الذي يعلم الصبية القرآن في رمز لقيمة العلم. وبشأن مختلف فقرات المهرجان الذي انطلق يوم الجمعة الماضي وتستمر فعالياته إلى اليوم، قال الشريف بن محمد رئيس هيئة الدورة الجديدة إن العرض الفرجوي والملحمي والذي يقدم في افتتاح واختتام المهرجان بساحة «حنيش» العالمية، وهو فضاء فسيح تمتد مساحته على نحو 15 هكتارا ويتجمع فيها سنويا عشرات الآلاف من الزائرين من مختلف الدول، تضمن مشاهد لسباق المهاري والصيد بـ«السلوقي» وسباقات التحمل للخيول وعادات القبائل الصحراوية واحتفالات البدو الرحل والأعراس التقليدية. وأشار إلى أن المهرجان نظم مؤتمرا دوليا احتفالا بمئوية الأديب التونسي الكبير محمد المرزوقي وتضمن مداخلات نخبة من المختصين في مجال الثقافة الشعبية من بينهم حمد خالد شعيب من مصر وأحمد زغب وبن علي محمد الصالح وكلاهما من الجزائر، أما من تونس فنجد نور الدين بالطيب وبلقاسم جابر وعلي سعيدان وجلال الشعينبي ورياض المرزوقي ومحمد المي وحسن مبارك. وأكد الشريف أن المؤتمر الدولي يحتفي بمحمد المرزوقي الذي يعد علما من أعلام الثقافة التونسية والشعبية في تونس.
مشاركة :