دوز (تونس)/ الهادي الرّداوي/ الأناضول بعبق الصحراء وموروثها البدوي تتواصل في مدينة دوز بمحافظة قبلي (500 كلم جنوب تونس العاصمة) فعاليات الدورة الخمسين للمهرجان الدولي للصحراء. مهرجان دوز، الذي بدأ الخميس الماضي وينتهي اليوم الأحد، هو أعرق مهرجان سياحي وثقافي في تونس، وانطلق عام 1910، وكان اسمه حينها "عيد الجمل". ويمثل هذا المهرجان حدثا فنيا وملتقى ثقافيا يحتفي بتقاليد الصحراء وموروثات المنطقة. وشهد المهرجان حضورا جماهيريا مكثفا في "ساحة حنيش" بالمدينة، ووصل آلاف المواطنين من أرجاء تونس لمتابعة الفعاليات، ولبينها العرض الافتتاحي. ** السيرة الهلالية قدم فنانون تونسيون لوحات فنية من الرقص البدوي (التقليدي) والأهازيج المحلية، تجسدت في ملحمة فنّية بعنوان "خضراء" تحاكي السيرة الهلالية، انطلاقا من مؤلفات الشاعر الراحل، محمد المرزوقي، ابن مدينة دوز. والسيرة الهلالية هي إحدى السير الشعبية العربية، وتتناول مرحلة تاريخية في حياة العرب معروفة بهجرة "بني هلال" من ديارهم في شبه الجزيرة العربية في اتجاه تونس وشمالي إفريقيا عامة، في القرن الخامس هجريا/ الحادي عشر ميلاديا. وكانت دوز تعرف قديما باسم "المرازيق"، نظرا لانحدار أغلب سكانها من قبيلة "المرازيق" العربية. وتشير كتابات إلى أن اسم "دوز" بربري، في حين يقول البعض إنه روماني، وتمع الروايات على أنها بوابة الصحراء الكبرى، ويعود تأسيسها إلى عشرات القرون. ** مشاركة فلسطينية عن هذه الفعاليات قال مدير الدورة الخمسين لمهرجان دوز، شريف بن محمد، للأناضول: "هي محطة لنراجع هذا المخزون التراثي لمهرجان صنَع مدينة دوز، فلولاه لما كانت لها هذه الشهرة وهذه المكانة". وفي قلب الصحراء كانت فلسطين حاضرة في فعاليّات المهرجان التونسي، لا سيما في ظل الغضب من إعلان الولايات المتحدة، في 6 ديسمبر/ كانون أول الجاري، الاعتراف بالقدس (بشطريها الشرقي والغربي) عاصمة مزعومة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والبدء بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشرقية الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وعن هذا الحضور قال "بن محمد": "أمام محاولات التهويد المتكررة، وقرار (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب الأخير باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، فإنّه لا يمكن لفلسطين أن تغيب عن المهرجان، وقد تجسد حضورها من خلال عرض فرقة (جفرا) للفنون الشعبية الفلسطينية". فيما قالت رقية العلي، وهي ممثلة عن سفارة فلسطين: "نحن هنا اليوم إلى جانب الشعب التونسي بالفن وبالدبكة الفلسطينية". وتابعت للأناضول: "رغم القرارات الأمريكية الغاشمة لن تغيب فلسطين عن التظاهرات، ويكفي تصويت أكثر من مائة دولة ضد قرار ترامب، فهذا انتصار للقضية الفلسطينة"". وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 21 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، وبأغلبية أعضائها، مشروع قرار قدمته تركيا واليمن يرفض قرار ترامب، ويؤكد أن القدس هي إحدى القضايا المتروكة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ولا يمكن حسمها بقرار أحادي الجانب. ** مسابقات وأعراس مهرجان الصحراء في دوز شهد أيضا تقديم فقرات متنوعة وأنشطة تحاكي الحياة البدوية لسكان المنطقة والصحراء عامة، إضافة إلى مسابقات متنوعة، مثل سباق "المهاري" (الجمال)، ومسابقة الصيد بكلاب "السلوقي"، فضلا عن أعراس تقليدية. كما تم تنظيم عروض "فرجوية" (نوع من الفنون بالمغرب العربي) في ساحة سوق الصناعات التقليدية وسط المدينة، وجرى خلالها تقديم الفرق المشاركة من ليبيا ومصر والجزائر وفلسطين والكويت. ويعد مهرجان دوز فرصة للحرفيين والتجار لتسويق منتجاتهم، نظرا لما تشهده المدينة من رواج سياحي كبير. وقال أحمد بن علي (55 عاما)، حرفي متخصص في الصناعات التقليدية، للأناضول، إن "الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس لم تعد تشجّع على شراء المنتوجات التقليديّة". واستدرك "بن علي": "رغم ذلك نأمل أن تسجل مبيعاتنا ارتفاعا بمناسبة المهرجان، خاصة مع توافد أعدد هامة من الزوار على مدينتنا". ** حجوزات 100% وعن أهمية المهرجان الدولي للصحراء، قال محمد الصايم، المندوب الجهوي للسياحة في محافظة قبلي، للأناضول إن "الوحدات الفندقية سجّلت حجوزات بنسبة مائة بالمائة.. مثل هذه المهرجانات لها دور اقتصادي هام". المهرجان الذي انطلق في نسخته الأولى قبل أكثر من قرن يعول عليه كثيرون داخل تونس في دعم السياحة الصحراوية المحلية، خاصة وأن السياحة في تونس هي المصدر الأول للعملة الأجنبية. وبشكل مباشر وغير مباشر يعمل في قطاع السياحة بتونس حوالي 400 ألف شخص، ويشغل هذا القطاع 400 ألف شخص، بصفة مباشرة وغير مباشرة، ويدر دخلا بنسبة 7℅ من الناتج الداخلي، وفق وزارة السياحة. وتجذب مدينة دوز مخرجين سينمائيين عالميين لتصوير أفلامهم فيها، منهم المخرج الإيطالي روبرتو بينيني، حيث صور فيلمه "النمر والثلج" (2005)، كما صور فيها المخرج الأمريكي، جورج لوكاس، لقطات من فيلم "حرب النجوم" (1977). الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :