غالباً ما يفتقر المزارعون في ميانمار إلى الكهرباء والجرارات الزراعية، غير أنهم باتوا ينعمون حالياً بتكنولوجيا متطورة جديدة هي الطباعة بالأبعاد الثلاثة تسمح بتصميم معدات على الطلب. فبعد خمسة عقود من العزلة خلال حكم المجلس العسكري السابق، عاش المزارعون في البلاد، وهم من الأفقر في آسيا، في منأى من كل الابتكارات. غير أن البعض قرروا الإسراع في تعويض ما فاتهم. وفي موقع صناعي في جنوب رانغون، كبرى مدن ميانمار، تعمل شركة «بروكسيميتي ديزاينز» الاجتماعية مباشرة مع المزارعين. ويقول مصمم المنتجات تاييي هاريموتو في مشغله المليء بالابتكارات: «نريد صنع أشياء تعجب المزارعين، نريدهم أن يقولوا عند فتح الحزم الخاصة بهم: هناك من خصص بعضاً من وقته للتفكير في المنتج استناداً إلى تجربتنا». واستخدمت الطابعة، وهي مكعب أسود أجوف صغير مع إبرة في الداخل متصلة بجهاز كمبيوتر، لصنع قطع تستعمل في نظام الري وأخرى في مضخة تعمل على الطاقة الشمسية. ويسمح استعمال نماذج بلاستيكية بتحسين الرسوم التخطيطية لقطع أكثر تعقيداً وتقليص عدد التنقلات ذهاباً وإياباً، والتي تكلف في كثير من الأحيان آلاف الدولارات. بعدها، ترسل إلى مصانع في الخارج حيث يجري إنتاجها بكميات كبيرة. وتقول ديبي أونغ دين، وهي من مؤسسي الشركة: «في الماضي، كانت هذه العملية تستغرق أسابيع أو بضعة أشهر. أحياناً كان العثور على القالب اللازم صعباً، وبعدها كان ينبغي إيجاد مصنع البلاستيك المناسب، وهذا مكلف للغاية. واليوم، بفضل الطابعة الثلاثية الأبعاد، يمكن العملية أن تتم بسرعة كبيرة وبكلفة أقل». ويلمس المزارعون نتائج فورية لهذه التقنيات. وفي قطعة الأرض الصغيرة التي يملكها على بعد نحو مئة كيلومتر من رانغون، يزرع كياو وين نبات التنبول. وصُمم نظام الري الخاص به بواسطة طابعة بالأبعاد الثلاثة. ومنذ بدء استخدامها قبل شهرين، تغيرت حياة هذا المزارع. ويقول الرجل البالغ 60 سنة: «استخدام مثل هذه المعدات يسمح لنا بتقليص وقت العمل المطلوب يومياً إلى النصف». ولم تعد هناك حاجة إلى دفع أجور لعمال ري، وهو ما كان يعرض هذه الأوراق للإصابة بالأمراض بفعل الرطوبة. ويضيف المزارع: «استطعنا أيضاً تقليص الأكلاف بنسبة تفوق النصف». ويعاني المزارعون في ميانمار تبعات الكوارث الطبيعية، بينها الفيضانات والأعاصير. كما أن نشاط هذه الفئة التي يمثل أفرادها 80 في المئة من السكان في ميانمار، دونه عقبات كبيرة بسبب النقص في المعدات الملائمة. غير أن تقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد جاءت لنجدتهم، مع أن الطريق لا يزال طويلاً أمامهم للالتحاق بركب الحداثة في هذا القطاع.
مشاركة :