حكم «الإدارية» بمصرية تيران وصنافير يربك الحكومة ويُقسِّم البرلمان

  • 1/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وسط صمت رئاسي وارتباك حكومي وخلافات برلمانية وفرحة شعبية عارمة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر، أمس، حكما نهائياً وباتاً، ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وهي الاتفاقية التي تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير من القاهرة إلى الرياض. وأنهى الحكم التاريخي الذي أقر مصرية الجزيرتين جدلاً استمر منذ توقيع الاتفاقية في أبريل الماضي. سادت فرحة عارمة عندما أيدت دائرة فحص الطعون في المحكمة الإدارية العليا، أمس، الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية "ترسيم الحدود البحرية" بين مصر والسعودية، أبريل الماضي، والمتضمنة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، لتغلق ملف الاتفاقية المثيرة للجدل، وتؤكد حق المصريين التاريخي في الجزيرتين، الواقعتين في مدخل "خليج العقبة" في البحر الأحمر. الحكم جاء في ضوء رفض المحكمة برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار أحمد الشاذلي، الطعن المقدم من "هيئة قضايا الدولة" ممثل الحكومة، وتأييد قرار محكمة القضاء الإداري، الصادر في 21 يونيو الماضي، ببطلان توقيع ممثل الحكومة على الاتفاقية، وتعد الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا نهائية وباتة، ولا يجوز الطعن عليها. المستشار الشاذلي، قال في كلمة استهل بها النطق بالحكم إن المحكمة "وقر واستقر في عقيدتها أن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير، مقطوع بها، وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شيئا آخر يغير أو ينال من تلك السيادة المستقرة". احتفال وفور النطق بالحكم، انفجر الحضور داخل قاعة المحكمة، والآلاف الذين تجمهروا خارج أسوارها، بصيحات الفرح والهتاف بـ "عيش حرية الجزر دي مصرية"، وزغاريد بعض الحاضرات، ثم رددوا جميعا النشيد الوطني "بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي"، فيما حمل الحاضرون المحاميين خالد علي ومالك عدلي، على الأعناق وخرجوا بهما إلى خارج المحكمة الواقعة على كورنيش محافظة الجيزة، وسط حضور أمني مكثف، امتد إلى ميدان "التحرير"، وسط القاهرة. وعقد نحو 13 محاميا من هيئة الدفاع عن مصرية الجزيرتين، مؤتمرا صحافيا في مقر حزب "العيش والحرية"، وسط القاهرة، وقال الفقيه الدستوري، عصام الإسلامبولي، إن الحكم بمنزلة "تاج على رأس كل مصري، وأن الاتفاقية هي والعدم سواء"، فيما قال المحامي طارق نجيدة، إنهم سيواصلون التحرك أمام القضاء الإداري لملاحقة قرار الحكومة بإرسال الاتفاقية إلى البرلمان. ارتباك الارتباك كان سيد الموقف في أروقة حكومة شريف إسماعيل، الذي وقع الاتفاقية ممثلا للجانب المصري، فيما التزمت مؤسسة الرئاسة المصرية الصمت، أمس، وعلمت "الجريدة" أن الحكومة شكلت لجنة قانونية لمناقشة تداعيات الحكم، فيما قال وزير الدولة للشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي لـ "الجريدة": "الحكومة لم تعد لها علاقة بالاتفاقية منذ تحويلها للبرلمان، والأخير صاحب الحق الوحيد في التصرف إزاء الحكم القضائي". وحول التداعيات القانونية لحكم "الإدارية" العليا، قال رئيس البرلمان الأسبق، فتحي سرور، لـ "الجريدة": "أعمال السيادة تخص البرلمان وحده، لذلك فإن البرلمان صاحب الحق الأصيل في الفصل في الاتفاقية منذ البداية"، مشددا على أننا أمام مشكلة يجب حلها بشكل ينظم مبدأ الفصل بين السلطات، إذ إن الاتفاقية في حوزة البرلمان وفي نفس الوقت صدر حكم ببطلانها، علما بأن خيار التحكيم الدولي متاح، لكن يجب أن يكون بالتوافق بين القاهرة والرياض". وفيما رأى رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد حامد الجمل، أن الحكم مخالف للدستور الذي ينص على أنه لا يجوز للقضاء نظر قضايا تتعلق بأعمال السيادة، وأن البرلمان عليه مناقشة الاتفاقية، أكد الفقيه الدستوري، شوقي السيد، أن الحكم بمصرية الجزيرتين صار باتا غير قابل للطعن، وأن البرلمان لا يستطيع مناقشتها. من جهتها قالت نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة، تهاني الجبالي، لـ "الجريدة": "حكم القضاء عنوان الحقيقة، ودليل على أن مصر تحترم دستورها، لذا يجب على البرلمان الامتناع عن مناقشة الاتفاقية واحترام حكم القضاء والالتزام به". انقسام برلمانيا، ساد الانقسام حول تفسير تداعيات الحكم بين غالبية أعضاء البرلمان، إذ رأى البعض أن من حق المجلس مناقشة الاتفاقية التي أحالتها الحكومة للبرلمان في ديسمبر الماضي، فيما رأى نواب أن الاتفاقية باتت هي والعدم سواء، ويجب احترام أحكام القضاء، وأن على البرلمان عدم مناقشتها حتى لا يحدث صدام بين السلطتين التشريعية والقضائية، إذ قال مصدر حكومي لـ "الجريدة": "البرلمان يحق له مناقشة الاتفاقية بغض النظر عن حكم المحكمة، استنادا إلى أن الاتفاقية من أعمال السيادة". ورغم معارضة عدد من أعضاء ائتلاف الأغلبية البرلمانية "دعم مصر"، وفي مقدمتهم النائب علاء عبدالمنعم، أصدر الائتلاف بيانا، أمس، أكد عزمه مناقشة الاتفاقية داخل البرلمان، حيث قال: "الدستور قرر مبدأ الفصل بين السلطات، وأوجب على جميع السلطات احترامه، وسيكون المجلس حريصا على ممارسة دوره الدستوري في نظر الاتفاقيات الدولية، ولن يفرط في هذا الحق"، في حين قال وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، النائب نبيل الجمل، إن اللجنة ستأخذ في اعتبارها الأحكام القضائية الصادرة بشأن الاتفاقية، وأضاف: "أحكام القضاء ليس لها علاقة بإجراءات الإحالة أو المناقشة داخل البرلمان". في المقابل، قال النائب ضياء الدين داوود إن الحكم نهائي، ولا يجوز للبرلمان مناقشة الاتفاقية التي أعلن بطلانها، بينما رفض النائب محمد أنور السادات مناقشتها، وأضاف: "يجب على البرلمان عدم مناقشة الاتفاقية، تفاديا لمواجهة قد تحدث مع السلطة القضائية". رئيس «الجمعية الجغرافية»: لا كتاب جديداً حول الجزيرتين قال رئيس الجمعية الجغرافية المصرية، السيد الحسيني، ردا على سؤال بشأن مصير كتاب "تيران وصنافير"، الصادر عن الجمعية، والذي يقر بسعودية الجزيرتين، إن الجمعية "قالت الحقيقة التي تعرفها، بحسب الخرائط التي أمامها"، مضيفا: "الكتاب موجود، ولن نصدر كتابا آخر حول مصرية الجزيرتين". أنور عشقي: السعودية قد تلجأ للتحكيم الدولي علق عضو مجلس الشورى السعودي السابق رئيس مركز الشرق للدراسات، أنور عشقي، على حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر برفض طعن الحكومة على حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، بأن السعودية قدمت إلى الجانب المصري المستندات الكافية لإثبات سعودية الجزيرتين. وأضاف عشقي، في تصريحات لموقع شبكة "بي بي سي العربية"، أن بلاده قد تلجأ إلى الأمم المتحدة وللتحكيم الدولي، مشيرا إلى أن التوتر في العلاقات بين البلدين ناشئ عن خلافات بشأن قضايا إقليمية، لا بسبب التنازع على السيادة على الجزيرتين.

مشاركة :