إحالة رئيس ونائب رئيس ومجلس أمناء الهيئة العامة لمكافحة الفساد على التقاعد، هو اكبر خطأ سترتكبه الحكومة في حال اعتمادها كتاب وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الامة فالح العزب في مجلس الوزراء والموافقة عليه. فقرار الاحالة من عدمه يحتاج الى نقاش ودراسة مستفيضة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لاتخاذ قرار مناسب في شأنه قبل ان يكون مشروع ازمة حقيقية بكل تفاصيلها، لاسيما وان مدة عضوية مجلس الامناء في الهيئة هي اربع سنوات قابلة للتجديد، فلم يمض على تعيين اعضائه اكثر من ثلاثة اشهر ونشب الخلاف في ما بينهم، وبالتالي ان كان هناك خلاف حول بقائه لا يجوز ان يتخذ قرار بإحالة اي من اعضائه الى التقاعد تحت ذريعة الظروف، اما ان كانت بنية التحقيق فقد تكون نهايته ذات شبهة قانونية. والسؤال هنا: ما المانع من قيام الحكومة والمجلس بتعديل قانون هيئة الفساد حتى وان اقتصر على تعديلات بسيطة بحيث تتكون قيادتها من رئيس ونائبه فقط؟ ثم ما السر وراء تعطيل الحكومة صدور لائحتها التنفيذية حتى خرجت مشوهة وعلى استعجال؟ ولماذا تم تشويه قانون الهيئة، ولماذا طرحت الحكومة فكرة احالة اعضاء الهيئة الى التقاعد رغم ان هذه المسألة ليست سهلة وقد تكبد الدولة ملايين الدنانير؟ فهل هي خطوة للتستر على قياديي الدولة من تقديم اقرارات ذممهم المالية في هذه الفترة بالذات، ثم اين خطة الدولة نحو تقنين المصروفات في ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية ان كان الهدر ما زال قائما؟ مهما نختلف ونتفق في الرؤى، فستظل الدولة بحاجة الى هيئة مثل مكافحة الفساد في ظل تنامي هذه الظاهرة ونفوذ المفسدين، فهناك مع الاسف من عاث في الارض فساداً ولا نجد من يردعه، وهناك جهات ومؤسسات حكومية أنفقت ملايين الدنانير من دون سند او جهة صرف ولم نرَ محاسبة حقيقية لها. إذاً هناك انفاق غير مبرر بحاجة الى وقف هدره من خلال سلطة تتمثل بهيئة مكافحة الفساد ولها الحق في الرقابة والتحقيق وردع المتجاوزين من سراق المال العام، فإن خلا الامر من ذلك فلن نستطيع السيطرة على رموز الفساد، فالفساد كالمرض لا يقف عند حد معين وانما يستمر فساداً وإفساداً... ورغم أهمية بقاء هيئة الفساد، الا ان عبث البعض بشؤون صلاحياتها ما زال مفتوحا وسط التراخي الحكومي تجاهها، فنفوذ الفاسدين والمفسدين قد اجهض طموح مؤسسات الدولة الاشرافية والرقابية، ولعل خير مثال على ذلك هو محاولات البعض افراغ هيئة الفساد من صلاحياتها الرقابية في الدولة وطمس هوية اعضائها من خلال الاحالة للتقاعد من دون سند قانوني والتردد باتخاذ قرار حكومي واضح ينهي مشروع ازمة الهيئة. ومن هنا يجب ان يكون لاعضاء مجلس الامة دور في المحاسبة لان الحكومة قامت باصدار لائحة منقوصة تناقض قانون انشائها ثم تجريدها من عملية الرقابة رغم توافقها مع مواد الدستور الكويتي، الا ان من المؤسف حقا ان يجري البعض وراء تبعيتها ودورها المشهود، فإن كانت هيئة حكومية مستقلة تابعة لوزير العدل ام تحت سلطة مجلس الامة أسوة بديوان المحاسبة فلا خلاف على ذلك شريطة بقائها، الا ان ما يحزننا حقاً هو الخلاف الدائر بين اعضاء مجلس أمنائها وكأننا بين «صراع الجبابرة»، وهذا خلق ازمة أدت الى استقالة الامين العام، وبالتالي لا نستبعد استقالة البقية عند اجراء اي تحقيق بهذا الشأن. نعم نحن مع وزير العدل حين تشكيله لجنة تقصي الحقائق من القضاة لتكون لجنة محايدة، ولكننا لا نؤيد موضوع الاحالة الى التقاعد بأي حال من الاحوال، وعلى ضوء هذه الخلافات ما بين الاحالة والبقاء والتعديل ننتظر القرار الحكومي - النيابي المناسب الذي ينهي موضوع ازمة قانون هيئة الفساد مع لائحته التنفيذية بعدما تحولت الى مشروع أزمة سياسية - قانونية - مالية حقيقية. ولكل حادث حديث... alfairouz61alrai@gmail.com
مشاركة :