«فعلها الصغار ووقع فيها الكبار»... مثل انطبق على أبوين تخاصما في دعاوى قضائية بسبب أن ابن أحدهما القاصر أساء إلى ابنة الآخر القاصرة عبر وسائل التواصل الإلكترونية بألفاظ وصور تخدش حياءها... فما كان من محكمة الاستئناف إلا تأييد حكم أول درجة بتغريم والد «الخادش» للحياء مبلغ 3 آلاف دينار تعويضاً باعتبار أنه مسؤول عن تصرفات وتربية ولده فيتحمل عقبات تصرفاته. وقائع القضية تعود إلى العام 2015 حين اشتكت فتاة قاصرة لأبيها أن فتى اختلق لها صوراً عبر وسائل التواصل مقرونة بألفاظ مخلة بالآداب تخدش الحياء، فرفع الأب دعوى قضائية في حق من أساء إلى ابنته وأبيه. وبعد نظر الدعوى من قبل محكمة أول درجة، وكون المُجرَّم في تلك القضية قاصراً فقد اعتبرت هيئة المحكمة أن الأب مسؤول عما يصدر عن ولده من سلوك سيئ يقتضي محاسبته عليه، وكون هذا الفعل قد ترتب عليه ضرر مادي تمثل في أتعاب المحاماة، ومعنوي أساء إلى سمعة ابنته، فقد جاء الحكم بتاريخ 2016/4/6 بتغريم والد الفتى ثلاثة آلاف دينار بصفته الولي الطبيعي لابنه القاصر تعويضاً نهائياً. وكون الحكم لم يرقْ لكل من المدعي على اعتبار أن مبلغ التعويض لا يفي بإزالة الضرر المعنوي والمادي الواقع على ابنته، لاسيما وأنه طالب في دعواه بتعويض 10 آلاف دينار، والمُدعى عليه على اعتبار أن مبلغ التعويض مبالغ فيه، وأن ظروفه المالية ومتطلباته الأسرية تجعله لا يقوى على سداده فقد استأنف كل منهما حكم محكمة أول درجة. وبعد قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بضم الاستئنافين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبعد نظر الدعوى في عدد من الجلسات أحضر فيها طرفا الخصومة كلا بوكيله، والذي أصر كل واحد منهما على طلباته، التي تضمنتها حافظة مستندات، ومرفق بها من قبل أب الفتى القاصر شهادات تتضمن مديونيات لعدد من البنوك، في المقابل إصرار من قبل المدعي والد الفتاة التي تعرضت لخدش الحياء على أن يكون التعويض عشرة آلاف دينار، وفي نهاية العام الماضي تحددت جلسة للنطق بالحكم... ولدى انعقاد هيئة المحكمة خلصت إلى أنه وفق المادة 238 مدني والتي تنص على مسؤولية المُكلف بالرقابة عن الأعمال غير المشروعة التي تقع ممن هم في رقابته هي مسؤولية مبنية على خطأ مفترض افتراضاً قابلاً لإثبات العكس، ولا تنتفي إلا إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة بما ينبغي من العناية، وأنه اتخذ الاحتياطات المعقولة ليمنع من يتكفل برقابته من الإضرار بالغير، وبما أن والد الفتى القاصر والذي ارتكب الفعل غير المشروع هو من يتولى رقابته ومن ثم يُسأل عن تصرفات ابنه والمُتمثلة في الدخول على بعض المواقع ونشر صوراً وألفاظاً مُخلة بالآداب، وهي أمور تتم في الخفاء وتقتضي تربية دينية وأخلاقية من ولي الأمر تردع القاصر عن الإتيان بها. وأكملت المحكمة حيثياتها بالقول أن مجرد وجود الأب في المجلس بجوار ابنه وارتكاب هذا الفعل قرينة على عدم قيام متولي الرقابة بما عليه من واجبات العناية والتربية، ومن ثم تخلص المحكمة إلى ثبوت مسؤولية ولي الأمر عن تصرفات ولده القاصر، ما يقضي بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف دينار تعويضاً نهائياً، مع إلزام كل مستأنف من المدعي والمدعي عليه بمصروفات استئنافه والمقاصة في أتعاب المحاماة.
مشاركة :