القارة المتجمدة الجنوبية تذوب

  • 1/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

محمد محمد كمال الدين توفيق تقع القارة المتجمدة الجنوبية والمعروفة باسم أنتاركتيكا Antarctica، في أقصى جنوب الكرة الأرضية، وتعتبر ضمن المنطقة القطبية الجنوبية التي تحتوي على القطب الجنوبي الجغرافي، كما يقع معظمها ضمن الدائرة القطبية الجنوبية والمحاطة بالمحيط الجنوبي. تقدر مساحة أنتاركتيكا بنحو 14 مليون كيلومتر مربع، ما يجعلها خامس أكبر القارات. وعلى سبيل المثال، فإن حجم أنتاركتيكا يماثل ضعفي حجم أستراليا. ويغطي الثلج نحو 98% منها بمتوسط سماكة 1.9كم متر. وهي تحتوي على كميات من الجليد تكفي لرفع منسوب مياه البحار نحو 57 متراً إذا ذابت كلها. وأنتاركتيكا هي أكثر القارات برودة، وجفافاً، ورياحاً، ومعدل هطول الأمطار السنوي يقارب 200مم، وأقل درجات الحرارة المسجلة في أنتاركتيكا هي 89.2 درجة مئوية تحت الصفر. ويوجد فيها 90% من الجليد، و70% من الماء العذب الموجود في العالم، وسرعة الرياح 320 كيلومتراً/الساعة. يتراوح عدد البشر في أنتاركتيكا من 1000 إلى 5000 شخص، يعملون في 80 محطة للبحث العلمي لثلاثين دولة، منها المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، وروسيا. أهم الكائنات التي تعيش في المنطقة، طيور البطريق، والطحالب، والفطريات والنباتات، وبعض الكائنات الأخرى، وتسمى المناطق العشبية في القارة بالتندرا القطبية الجنوبية. تأثيرات التغيرات المناخية في القارة القطبية الجنوبية: شهد الساحل الغربي لأنتاركتيكا على مدى الخمسين سنة الماضية ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، ولم يكن ذلك محصوراً في الأرض فقط، ولكنه كان واضحاً في المحيط الجنوبي، حيث ارتفعت درجات حرارة الجهة الغربية أكثر من درجة مئوية منذ عام 1955. وتعتبر دراسة تغير المناخ في أنتاركتيكا على درجة كبيرة من الأهمية، لأنها تمكن العلماء من التنبؤ بدقة أكبر بتغير المناخ في المستقبل، وتوفير المعلومات لصانعي السياسات ومتخذي القرارات. وفي دراسة بحثية قامت بها وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية (ناسا)، نشرت في نهاية 2015، أكد الجيولوجي إيريك رينوت، أن جليد القطب الجنوبي قد تراجع بلا رجعة، وأكد أن ذوبان الجليد لا يمكن وقفه، ما سيؤدي إلى رفع مستوى سطح البحار بمقدار 1.2 متر. وأكد الباحثون في معهد بوتسدام للتأثيرات المناخية بألمانيا، عدم استقرار بحر أمندسين في غرب أنتاركتيكا نتيجة التأثيرات المستمرة لتغير المناخ. ويؤدى ارتفاع درجة حرارة أنتاركتيكا إلى تغييرات في البيئة المادية والمعيشية لها. فقد تغير توزيع مستعمرات طيور البطريق، وزاد تكاثر النباتات والكائنات البحرية الدقيقة، كما حدثت تغيرات كبيرة في الغطاء الجليدي في شبه الجزيرة. وتراجعت العديد من الأنهار الجليدية، وانهارت الكثير من المنحدرات الجليدية تماماً. ذوبان جليد القارة القطبية الجنوبية يضاعف ارتفاع مياه البحار في العالم: حذرت دراسة تحليلية جديدة لتأثير التغيرات المناخية على أنتاركتيكا من أن ذوبان الجليد فيها قد يرفع مستوى المياه في البحار بصورة كبيرة تتخطى ضعف التقديرات السابقة. فقد اكتشف لوح هائل من الجليد بطول130 كيلومتراً وعرض100 متر تتساقط منه أجزاء كبيرة باتجاه أحد الأنهار الجليدية في القطب الجنوبي، كما يوجد شرخ بينه وبين القارة الجنوبية يزداد يوماً بعد يوم. كما شوهدت قطعة هائلة الحجم من الجليد العائم يصل سمكها نحو 300 متر، وهي تتهشم بسرعة خارجة من شبه الجزيرة القطبية الجنوبية، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. ويعتقد العلماء أن تزايد الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الناتجة عن الأنشطة البشرية أثرت في أنماط الرياح حول القطب الجنوبي ودفعت بالمياه الدافئة نحو القارة متسببة بدورها بتآكل قاعدة الجليد. ووفقاً للتقييم الذي جرى من خلال نظم المحاكاة simulation فإن ذوبان ثلوج أنتاركتيكا وحدها يمكن أن يساهم في زيادة مستوى مياه البحر. وبحلول عام 2500، فإن هذه القارة المتجمدة قد تتسبب برفع مستوى البحار نحو 13 متراً إضافية. لكن الدراسة حملت بارقة أمل، حين أكدت أن الخفض السريع لمستوى انبعاثات الكربون قد يحد من الأضرار المستقبلية. تنوع الدراسات والتوقعات توقعت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) في 2013، أنه من دون وجود أية قيود على انبعاثات الكربون فإن مستوى سطح البحر سيرتفع بأكثر من 98 سنتيمتراً بحلول عام 2100. لكن تلك التقديرات أشارت إلى أن قارة أنتاركتيكا ستساهم في الحد الأدنى من هذه الزيادة، وتوقعت تحليلات أخرى أن مستوى الزيادة سيكون أكبر. ومنها الدراسة الأخيرة التي كشفت أن مياه المحيطات كانت ترتفع بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. وقدمت مجموعة من العلماء نموذجاً قادراً على تقديم تنبؤات أكثر دقة، لأنه يتضمن تأثير بعض العمليات الفيزيائية للمرة الأولى، ففي الوقت الذي ركزت فيه نماذج أخرى على تأثير المياه الدافئة في إذابة طبقات الجليد من الأسفل، تأخذ الدراسة الحالية في الاعتبار أيضاً أثر ذوبان الطبقات السطحية وانهمار المياه الناتجة عن هذا على الطبقات السفلى، وكذلك تهشم الجليد الداعم لتلك الطبقات، وسرعة انزلاقها إلى البحر. ويرى العلماء أن تلك العوامل الإضافية سوف تزداد خلال العقود المقبلة، خاصة أن ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي سيصبح المحرك الرئيسي لفقدان الجليد، ولن يقتصر الأمر فقط على المياه الدافئة في الأسفل، حيث يقول ديفيد بولارد، من جامعة بين ستيت الأمريكية من الأسباب التي جعلت النماذج الأخرى لا تتضمن ارتفاع حرارة الجو أن هذه الظاهرة لم تبدأ إلا مؤخراً. وأوضح بولارد أن درجات الحرارة بدأت ترتفع في القارة الجنوبية لتصل إلى النقطة التي تبدأ عندها عملية ذوبان الجليد عند حواف القارة القطبية، وكشف أنه مع ارتفاع الحرارة فإن هذه الحواف سوف تبدأ بالذوبان جذرياً خلال فترة ما بين 50 إلى 100 عام. ويؤكد الدكتور بولارد أيضاً، أن هناك أدلة جيولوجية تشير إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل كبير في الماضي، بمعدل ربما وصل من 10 إلى 20 متراً قبل نحو 3 ملايين سنة، في العصر البليوسيني. عكس المتوقع تؤكد دراسة حديثة وجود علاقة بين ثقب طبقة الأوزون وبين الزيادة في جليد البحر حول القارة المتجمدة الجنوبية، وهو ما قد يساعد على فك لغز ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. وتشرح النتائج التي توصلت إليها هيئة المساحة البريطانية للقارة المتجمدة الجنوبية بالتعاون مع وكالة (ناسا) تناقضاً ظاهراً بين ذوبان الجليد في المحيط المتجمد الشمالي بمستويات قياسية مقابل زيادة وذوبان الجليد حول القطب الجنوبي على مدار الثلاثين سنة الماضية، يقول جون تيرنر هذا البحث يساعدنا على فهم معضلة ذوبان الجليد في بعض المناطق وزيادته في مناطق أخرى. وفي دراسة حديثة خلال الثلاثين سنة الماضية يقول جيبنغ ليو من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أطلانطا بالولايات المتحدة يتزايد الجليد في القطب الجنوبي بعكس ما يحدث في القطب الشمالي نتيجة الاحتباس الحراري، وتستند هذه الدراسة على تحليلات جديدة لنماذج المناخ ودرجة حرارة سطح البحر، وملاحظات هطول الأمطار من عام 1950 إلى عام 2009. لتؤكد أن احترار المحيط عزز هطول الأمطار في الغلاف الجوي العلوي فوق منطقة القطب الجنوبي، التي تسقط كالثلج. *استشاري الإعلام والتدريب البيئي وبناء القدرات

مشاركة :