العقاريون والسكن والوطن والمواطن «1-2»

  • 1/19/2017
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

يكاد إعلامنا المقروء والمرئي والمسموع يمتلئ بالأخبار التي تخص العقار وتخص السكن والمسكن، فهي أزمة العمر بالنسبة لأكثر من نصف سكان الوطن، ولم تعد أزمة طارئة بل أزمة أرَّقت عديداً من الأسر ولها عشرات السنين تزداد فجوتها وعظمتها سنة بعد أخرى، وكأننا بلد شحيح بالموادر المالية والطبيعية (بلد شاسع تمتد أراضيه من الخليج إلى البحر الأحمر، وتمتلك الدولة مئات الملايين من الكيلومترات من الأراضي، ولله الحمد نملك موارد مالية لو وُجهت بالطريقة الصحيحة لما وجدت لدينا أزمة سكن ولا وجدت أزمات أخرى مماثلة ومشابهة، وهي ككرة الثلج تتدحرج إلى أن تصبح كالجبال ومن ثم يصعب هدها وتتراكم حجارتها فنعيد الكرَّة تلو الأخرى لإيجاد الحلول، ونعود إلى المربع الأول وهكذا، ويمضي قطار العمر وتتلاحق الأزمنة ونحن نعود من حيث بدأنا)! بالأمس جاء الخبر كالتالي: «أعادت دائرة المساهمات العقارية بالمحكمة العامة في الرياض منذ بداية عملها في 3 رجب 1437هـ، أراضي تقدر قيمتها السوقية بأكثر من (12) مليار ريال، وإعادة حقوق (30.000) مساهم». وارتفع إجمالي ما أنهته وزارة العدل ممثلة في دائرة المساهمات العقارية في المحكمة العامة بالرياض من قضايا مساهمات عقارية متعثرة إلى (53) قضية متعثرة تم إغلاقها وإعادة حقوق المساهمين فيها، كان آخرها الحكم الصادر في مساهمة سوق المنار بحي المنار في منطقة الرياض، حيث انتهت جميع تلك القضايا خلال فترة (10) أشهر بعد أن كانت متعثرة لسنوات عدة. وأصدرت الدائرة الثلاثاء الماضي حكمها في مساهمة سوق المنار المتعثرة والمطروحة منذ (20) عاماً، وذلك بإثبات حقوق المساهمين والحكم فيها وإحالة صاحب المساهمة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للنظر في مماطلته في هذه المساهمة. وتقدر المساحة الإجمالية لمساهمة سوق المنار في حي المنار بمنطقة الرياض بـ(12250) متراً مربعاً، فيما يبلغ إجمالي عدد المحال التجارية في المساهمة (155) محلاً، وعدد المكاتب (20) مكتباً، بينما بلغ عدد المتضررين (20) مساهماً، وتقدر قيمة أرض مساهمة سوق المنار بـ(30) مليون ريال وفقاً لسعرها عام 1428هـ. وتعود أسباب تعثر المساهمات العقارية إلى تنازع الاختصاص بين الجهات الحكومية، وإيقافات في صكوك التملك لبعض المساهمات. وبعض المساهمات القديمة تسبب تعثرها في وفاة صاحب المساهمة، وسجن أصحاب بعض المساهمات بسبب ديون وحقوق للمساهمين. سأقف عند آخر سطرين ثم أعود إلى صُلب الموضوع وبداية الخبر. لاحظوا معي أن من أهم أسباب تعثر المساهمات العقارية (تنازع الاختصاص بين الجهات الحكومية..؟؟)، وهذه والله كارثة نعيشها في عديد من القضايا المطروحة، وإلى هذه اللحظة هناك تنازع اختصاص بين بعض الجهات «البلديات والمجلس البلدي والمرور وغيرها من الجهات إذا واجهتك مشكلة الحفريات فإلى من تشتكي..؟»، الجوازات والشرطة وإمارات المناطق والمحاكم وهيئة وجمعية حقوق الإنسان وحماية الأسر من الأذى والمستشفيات وجمعيات حقوق الأسرة والطفل والأم والجنسية وحقوقها، وأين تذهب إذا تعرضت للعنف وغيرها من القضايا المشتتة بين عشرات المباني والطوابق والوزارات والهيئات؟ مشكلتنا أنه لا توجد استراتيجية موحدة ونظام واضح وهيئة عليا لتوجيه الوزارات والهيئات ومحاسبة المتهربين من المسؤولية وتوجيه اللوم لها وكشف المتلاعبين بأرواح الناس وممتلكات الدولة، وأيضا المساءلة والمراقبة الدائمة، ومن ثم زرع ثقافة أنت وأنا مسؤولون أمام الله والوطن، ونحن نحمل الأمانة التي يجب أن نؤديها على أكمل وجه، وزراعة الخوف من الله قبل كل شيء وأداء الأمانة التي اؤتُمنت عليها، وثقافة العمل والإحساس بالمسؤولية، ومن هذا المنطلق لن تجد من يتهرب من أداء عمله على أكمل وجه، ولن تجد المقصرين والهاربين والعاشقين لرمي المسؤوليات إلى جهات أخرى وعدم الاكثراث بالأنظمة والقوانين، بل يصل بهم الأمر إلى الاستهتار في أحايين كثيرة، وكأننا لسنا نسير بطريقة الرؤية 2030 ولا ببرنامج التحول الوطني 2020، وكأن هؤلاء يعيدون كل البعد عن الوطن وهمومه، وكأن المشاركة الفعلية في البناء والتطوير والنهضة والعمران لا تعني لهم شيئاً..! يتبع

مشاركة :