عادت الحياة من جديد لأروقة متحف الفن الإسلامي، أكبر متحف إسلامي فني في العالم، بعد 3 سنوات من الإغلاق بسبب تعرضه للتدمير عقب تفجير طال مبنى مديرية الأمن المقابل له في يناير (كانون الثاني) عام 2014. وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتحف أمس، وشاهد فيلما تسجيليا عن تاريخ متحف الفن الإسلامي. واستمع الرئيس إلى شرح من وزير الآثار الدكتور خالد العناني، استعرض فيه تاريخ المتحف وأهميته، فضلا عن مشروع ترميمه وإعادة تأهيله في إطار الحفاظ على التراث الثقافي والإنساني لمصر، والمساهمة في استعادة حركة السياحة. وأعقب ذلك قيام الرئيس والضيوف من سفراء الدول التي ساهمت في المشروع بجولة تفقدية لقاعات المتحف ومقتنياته. وافتتح المتحف لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) عام 1903، في ميدان «باب الخلق» بوسط العاصمة القاهرة، وسُمي هذا الاسم منذ عام 1952، وذلك لأنه يحتوي على تحف وقطع فنية صنعت في عدد من البلاد الإسلامية. ويضم المتحف ما يزيد عن مائة ألف قطعة أثرية متنوعة من الفنون الإسلامية، من الهند والصين، مرورا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس. وقال الأثري أحمد الشوكي، المشرف العام على متحف الفن الإسلامي، إن التحف الموجودة في المتحف لا تُقدر بثمن، ويضم المتحف آثارا وكنوزا تاريخية وأثرية متنوعة، منها عملات منذ عهد النبوة ومجموعة من المشكاوات. بدأت فكرة إنشاء مكان يضم التحف الإسلامية في عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل؛ لكن في عام 1881 وقبل الاحتلال البريطاني لمصر بعام واحد، أصدر الخديوي توفيق مرسوما بتشكيل لجنة حفظ الآثار العربية، وبدأ في البداية جمع الآثار في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله، لكن المكان ضاق بالمعروضات، فأمر ببناء مكان المتحف الحالي في باب الخلق، وكان يعرف جزؤه الشرقي بدار الآثار العربية، وجزؤه الغربي باسم دار الكتب السلطانية. وواجه القائمون على المتحف كثيرا من التحديات خلال الفترة الماضية، ومن هذه التحديات طريقة العرض القديمة قبل التفجير، والذي قلص عدد القطع في العرض لنحو 1500 تحفة فقط. كما كانت هناك انتقادات واسعة لوجود كثير من التحف الرائعة داخل المخازن ولا يتم استغلالها، مما يجعلها عرضه للضياع. المشرف العام على متحف الفن الإسلامي، أشار إلى أن «كل أعمال التطوير والترميم تمت بأيد مصرية خالصة دون أي تدخل أجنبي... وأضيفت 3 قاعات عرض جديدة للمتحف، إضافة إلى 16 فاترينة جديدة إلى جانب القديمة». وافتتح المتحف أبوابه أمس لاستقبال زواره من المصريين والأجانب، بعد مرور 3 سنوات على إغلاقه لإجراء ترميمات. ووصلت تكلفة ترميم متحف الفن الإسلامي إلى 57 مليون جنيه، وقامت منظمة اليونيسكو بالتبرع بمبلغ مالي ضخم لترميم القطع الأثرية، وإعادة المتحف للعمل. ويتكون المتحف من طابقين، الأول به قاعات العرض، والثاني به المخازن، وبدروم يستخدم مخزنا، ولقسم ترميم الآثار. ويبدأ مدخل المتحف بمصحف يمثل الدين الإسلامي، ومشكاة وكتابات ترمز للغة العربية ومدى إسهاماتها في تطور البشرية. ويعرض أيضا إناء قاجاريا من إيران، ويعرض أقدم مفتاح للكعبة، وبوصلة عليها خريطة لنصف العالم، ورسم الكعبة، وهي من القطع الأثرية النادرة جدا، وترمز مع غيرها للتمازج الثقافي بين المسلمين وغيرهم الذين أسهموا في الحضارة الإسلامية. كما يعرض المتحف واحدا من أكبر الأبواب المصفحة بالفضة، والذي كان في مسجد السيدة زينب. وهناك قسم لعرض السلاح من سيوف وخناجر وغيرها، وبخاصة سيوف طومان باي ومحمد الفاتح وسليم الأول. وتضم قاعة العملة والسلاح تاريخ الأسطول الإسلامي، كونه جزءا من السلاح، وقطعا أخرى ترصد تاريخ الأسطول الإسلامي والبحرية الإسلامية، وبها أيضا نموذج لزي المحارب ويسمي «زرد». ويضم المتحف أيضا مخطوطات لآيات قرآنية مكتوبة، ومصاحف بأحجام مختلفة مكتوبة بخط اليد. كما يضم المتحف أيضا سجادة صلاة من نوع «جورديز» من العصر العثماني، ومبخرة من النحاس تعود للعصر المملوكي، وقمقما لحفظ العطور يعود لأسرة محمد علي، فضلا عن دينار باسم السلطان المملوكي محمد بن قلاوون، وخاتم من الذهب يعود للعصر الفاطمي، وقاع إناء من الفخار المطلي، وصحن من الزخرف، إضافة إلى بوصلة من الخشب عليها خريطة لنصف العالم الشمالي، وتصوير للحرم المكي تعود للعصر العباسي. في السياق ذاته، قالت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، إنه جرت أعمال تطوير متحف الفن الإسلامي - والذي يعد أكبر متحف إسلامي في العالم - بأحدث الأساليب لضمان الحفاظ على القطع النادرة التي تأثرت بالتفجير، وبواسطة خبراء في هذا المجال، وباستخدام الأساليب والأدوات والتقنيات التي تتناسب مع أهمية المقتنيات الأثرية. مضيفة: «تضمن المشروع أعمالا إنشائية وفنية وتقنية، للترميم الداخلي لمنصات العرض والنوافذ الزجاجية والخشبية والمعدنية، ومجموعة من المقتنيات والقطع النادرة، وكذلك خطة لإعادة البناء الخارجي التي شملت إعادة ترميم وتأهيل الواجهة الأمامية للمتحف».
مشاركة :