خروج بريطانيا يجبر أيرلندا على البحث عن أصدقاء جدد

  • 1/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أيرلندا، بما لديها من علاقات تاريخية واقتصادية مع المملكة المتحدة، تتوقع الشعور بتأثير خروج بريطانيا بشكل أكبر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تواجه فيه تحولا في محورها الدبلوماسي والسياسي بعيدا عن لندن.واحدة من اللحظات الأكثر تأثيرا في التاريخ الحديث للعلاقات الإنجليزية الأيرلندية لم تحدث في دبلن أو لندن، لكن في ميلانو في عام 1985. كانت قمة القادة الأوروبيين تناقش كيفية المضي قدما بإنشاء سوق مشتركة للاتحاد الأوروبي. اقتراح بقيادة الفرنسيين دعا إلى عقد مؤتمر بين الحكومات لإدخاله حيز الوجود؛ لكن البريطانيين أرادوا شيئا ليس رسميا تماما.جاريت فيتزجيرالد، رئيس الوزراء الأيرلندي في ذلك الحين، أخذ جانب الفرنسيين في تصويت مهد الطريق لتحقيق أكبر إنجاز مميز على الإطلاق حدث على يد الاتحاد الأوروبي. مارجريت تاتشر، نظيرته البريطانية، كانت غاضبة للغاية: كلا القائدين كان في خضم مفاوضات حساسة بشأن الصراع العنيف في أيرلندا الشمالية، وفي حينها قالت السيدة الحديدية، "جاريت، لا يمكنك فعل هذا. تذكر أيرلندا الشمالية".بالنسبة لبريندان هاليجان، السياسي الأيرلندي المخضرم والمعجب الصريح بالراحل فيتزجيرالد، مثل هذا الموقف الحازم من قبل قائد أيرلندي بشأن مسألة السيادة القومية في مواجهة بريطانيا المشاكسة، كان مبررا بحد ذاته لقرار أيرلندا بالانضمام إلى أوروبا.بالنسبة لهاليجان وجيله من المسؤولين والسياسيين الأيرلنديين، الهدف كان أن لا تكون مجرد عضو في ما سوف يصبح الاتحاد الأوروبي؛ بل كان أن تكون قدر الإمكان ضمن الدول الجوهرية فيه. الآن، كما يقول، فإن تصويت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي يؤدي إلى لحظة حاسمة أخرى في التاريخ المضطرب للعلاقات الإنجليزية الأيرلندية.يقول: "كان جاريت يقول إن الانضمام إلى أوروبا سيكون بمنزلة تحرر نفسي بالنسبة لأيرلندا من علاقاتها العصابية مع بريطانيا. اعتقد أن خروج بريطانيا يمثل تلك اللحظة النفسية بالنسبة لنا. أراه نهاية علاقتنا الاستعمارية، القطع النهائي لحبلنا السري مع بريطانيا".تنفيذ تمحور دبلوماسيعندما تصل تيريزا ماي إلى دبلن في وقت لاحق من هذا الشهر لإجراء محادثات مع نظيرها الأيرلندي بشأن العواقب لكلا البلدين، من قرار المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، من غير المرجح أن يكون هناك تبادل اتهامات بينها وبين إيندا كيني، لكنها ستجد محاوريها الأيرلنديين مرة أخرى على استعداد لتأكيد المصلحة الوطنية في مواجهة التطور غير المرحب به عبر البحر الأيرلندي.أيرلندا والمملكة المتحدة انضمتا إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية في ذلك الحين معا في عام 1973؛ وتم استقبال التصويت للمغادرة بذهول وأسف في جميع أنحاء العالم السياسي والتجاري في أيرلندا. وفي حين أنه قد تكون هناك بعض الفوائد لأيرلندا إذا نقلت شركات الخدمات المالية في الحي المالي في لندن بعضا من عملياتها إلى دبلن، إلا أن تكاليف خروج بريطانيا بالنسبة لأيرلندا من المرجح أن تكون أعلى بكثير.من أيرلندا الشمالية إلى ضبط الحدود إلى التجارة الثنائية إلى منطقة السفر المشتركة بين أيرلندا وبريطانيا، يعمل المسؤولون بأقصى جهودهم لضمان أنه سيتم الحفاظ على المصالح الأيرلندية قدر الإمكان.على أن خروج بريطانيا يمكن أن يغير المواقف الأيرلندية تجاه المملكة المتحدة بطرق أخرى. عندما قامت نيكولا ستيرجين، الوزير الأول الاسكتلندي، بمخاطبة مجلس الشيوخ الأيرلندي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تم منحها استقبالا حافلا؛ فأعضاء مجلس الشيوخ لم يثنوا فقط على سعيها لتحقيق المصالح الاسكتلندية في أوروبا، بل أيضا أعلنوا تأييدهم للاستقلال الاسكتلندي.التناقض مع الموقف قبل عامين كان مذهلا. في الفترة التي سبقت الاستفتاء على الاستقلال الاسكتلندي في عام 2014، اعتمد السياسيون الأيرلنديون موقفا علنيا محايدا بشأن القضية بغض النظر عن وجهات نظرهم الخاصة، لتجنب الاتهامات بالتدخل في شؤون المملكة المتحدة. خروج بريطانيا يغير ذلك الحساب السياسي مع بعض السياسيين الأيرلنديين الذين بدأوا يتصورون تفكك المملكة المتحدة.في دبلن، من المقبول أن خروج بريطانيا سيؤثر على أيرلندا أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي. هذا الرأي يحظى بسماع في لندن – وإن كان هذا جاء متأخرا، كما يشتكي المسؤولون في دبلن في بعض الأحيان. في تقرير عن مستقبل العلاقات الإنجليزية الأيرلندية الشهر الماضي، قال مجلس اللوردات في المملكة المتحدة إن البلدين "يملكان مجموعة خاصة من الروابط التاريخية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، وبالتالي فإن "الآثار المترتبة على خروج بريطانيا بالنسبة لأيرلندا هي أكثر عمقا مما هي بالنسبة لأي دولة أخرى من الدول الأعضاء". فضلا عن التعامل مع التهديد اليومي للتجارة بين إنجلترا وأيرلندا وتقديم حجة لإعطاء معاملة خاصة لجزيرة أيرلندا مع الحكومات الأوروبية الأخرى، يجب على كيني أن يسير بحذر في النقاش الحاد الناشئ في أيرلندا. يركز النقاش على ما إذا كان ينبغي، وكيف سيتم، إعادة توازن المجاملات الدبلوماسية والسياسية في البلاد بعيدا عن لندن، حيث كان يتم التركيز عليها خلال الأعوام العشرين الماضية، ونحو أصدقائها الأوروبيين، ولا سيما فرنسا وألمانيا.صفقة جديدةبالنسبة لدبلن هناك أربع أولويات فورية. الأولى هي الحفاظ على الترتيبات القائمة للتجارة الثنائية، التي تصل إلى 1.2 مليار يورو أسبوعيا عبر البحر الأيرلندي. وأخرى هي استمرار "منطقة السفر المشتركة". هذا يضمن السفر دون جواز سفر في كلا الاتجاهين.أولوية إضافية هي تجنب أي عودة إلى حدود "صعبة" تتضمن مكاتب للجمارك، والتحقق من جوازات السفر بين الجمهورية وأيرلندا الشمالية. تخشى دبلن أنه إذا كان سيتم إعادة مثل هذه الحدود، فإنها ستثير استعداء المجتمعات الحدودية، وفي أسوأ الحالات، إثارة اندلاع العنف المتجدد من النوع شبه العسكري الذي مزق أيرلندا الشمالية لمدة 30 عاما حتى أواخر التسعينيات.أخيرا، تستمر الحكومة الأيرلندية بالتوضيح أن عضوية أيرلندا في الاتحاد الأوروبي ليست موضع شك. ليس هناك ما يعادل حزب الاستقلال البريطاني في أيرلندا، والذي كان قوة ذات صوت عال في الحملة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن هناك بعض الأصوات ضمن اليمين الليبرالي التي تدعم مثل هذا المسار.إذا كانت هذه هي الآثار الوحيدة بالنسبة لأيرلندا من خروج بريطانيا، فإنها ستؤدي إلى قائمة رغبات كبيرة، إلا أنه وبحسب تعبير كيني، فإن خروج بريطانيا يمثل "التحدي الاقتصادي والاجتماعي الأكبر لهذه الجزيرة منذ 50 عاما".باعتبارها البلد الوحيد الناطق رسميا بالإنجليزية في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، وأنه يمثل قاعدة كبيرة للاستثمار الأمريكي الخارجي المباشر في أوروبا، وعضو في منطقة اليورو مع الالتزامات بشأن التكامل التي سيتطلب منها تأييدها، سيكون على أيرلندا تحويل محور وجهة نظرها العالمية الدبلوماسية والسياسية من لندن إلى باريس وبرلين وأماكن أخرى. هناك دلائل على أن الحكومة في دبلن تفكر منذ الآن بشأن العواقب الأوسع من خروج بريطانيا التي تتجاوز مخاوفها المباشرة بشأن أيرلندا الشمالية والحدود. هناك مناقشات رفيعة المستوى منتظمة بين الدبلوماسيين الأيرلنديين، غالبا ما يحضرها ممثلون سياسيون وتجاريون. وكان كيني في جولة في العواصم الأوروبية لتقديم الحجة لزملائه القادة مفادها أن هناك ظروفا خاصة في العلاقة الأيرلندية البريطانية، تؤثر في أيرلندا الشمالية، التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في المفاوضات على خروج المملكة المتحدة. يتم تعزيز سفارات أيرلندا في كافة أنحاء العالم لتوسيع الجهود الدبلوماسية الأوروبية التي كانت تركز في الأعوام الأخيرة على تسوية العلاقات مع لندن. Image: category: FINANCIAL TIMES Author: فنسنت بولاند من لندن publication date: الخميس, يناير 19, 2017 - 03:00

مشاركة :