جدل قوي حول عودة الإرهابيين من بؤر التوتر

  • 1/20/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يدور حالياً في تونس جدل قوي حول عودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر، من العراق وسوريا وليبيا، المنتمين إلى «داعش» و«القاعدة» بعدما ضاق الخناق على تنظيم «داعش» الإرهابي في تلك البؤر.. وظهرت المخاوف جلية في الشارع التونسي من الأخطار التي تهدد البلاد بعد عودة «الدواعش» التونسيين بطرق مختلفة، متخفية أو علنية، وحسب وزارة الداخلية التونسية فإن عدد هؤلاء يبلغ 2929 إرهابياً، وهناك من قُتلوا خلال الصراعات، وهناك من هم داخل السجون العراقية والسورية والليبية.. لكن العدد الكامل والحقيقي غير معروف، إذ تقول بعض المصادر إن ما بين 3 آلاف و8 آلاف تونسي تم تسفيرهم إلى مناطق الصراع منذ عام 2011م، بينما يقول تقرير من الأمم المتحدة إن 5500 تونسي التحقوا بتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق وليبيا وإن ألفاً منهم قُتلوا في سوريا فقط.. بينما يعتبر السيد الهادي المجدوب وزير الداخلية التونسي أن وجود عشرة آلاف تونسي في بؤر التوتر رقم مبالغ فيه. وصرح في مجلس النواب أن 800 إرهابي عادوا إلى تونس بطرق مختلفة وقد وضع 137 شخصاً منهم تحت الإقامة الجبرية، وأضاف: لا ننتظر أن يعود 2929 الموجودين في بؤر التوتر في جحافل إلى البلاد، فهناك من قتل وهناك من انتقل إلى بلدان أخرى. رفض شعبي متعاظم وقد برز رفض شعبي قوي، يتعاظم يوماً بعد يوم لعودة الإرهابيين الذين تورطوا في أعمال إرهابية خارج تونس، من خلال مواقف علنية واضحة صدرت عن المواطنين والمجتمع المدني والسياسي والخبراء والأحزاب ووسائل الإعلام.. وهناك غضب شعبي كبير تجاه هذا الملف الخطير برز في المظاهرات والمسيرات والبيانات الصادرة عن مختلف الأحزاب والقوى السياسية طالبت بمنع الإرهابيين من العودة إلى تونس.. كما تحرك عدد من البرلمانيين وأجمعوا على أنه لا لعودة الإرهابيين الذين يعتبرهم أغلب التونسيين خطراً كبيراً وداهماً يهددون سلامة البلاد وأرواح المواطنين ويعتبرونهم بمثابة قنابل موقوتة، وهناك مخاوف من أن يعيد هؤلاء الإرهابيون سيناريو الجزائر خلال التسعينيات من القرن الماضي، ويرى خبراء أن «الدواعش» اليوم العائدون من سوريا والعراق وليبيا والنيجر ومالي هم أكثر خطراً وعنفاً وشراسة وفتكاً وتعطشاً للدماء من «الأفغان العرب» الذين فتكوا بالجزائر في عشرية التسعينيات. مخاوف عديدة وهناك حالياً موقفان من قضية الإرهابيين التونسيين الراغبين في العودة.. موقف يتبناه بعض الحقوقيين والسياسيين لا يرفض عودتهم ويدعو إلى استقبالهم وسجنهم ومحاكمتهم حسب قانون الإرهاب.. وفي المقابل موقف يرفض عودتهم ويطالب أصحابه بتنقيح الدستور لسحب الجنسية التونسية منهم لأن الناس يخافون من أن يقوم هؤلاء بعد عودتهم بأعمال إرهابية داخل تونس. كما يدعو البعض إلى سن قانون للتوبة في التعامل مع العائدين. وقد اعتبرت جمعية اتحاد التونسيين أنه «لا تسامح مع الإرهابيين ولا توبة للقتلة والمجرمين ممن اغتالوا أبناء الوطن من سياسيين وأمنيين وعسكريين وشوهوا صورة البلاد لدى الخارج». وحسب السيدة فاطمة المسدي النائبة في البرلمان عن حزب «نداء تونس» أن «التعاطي مع هؤلاء الإرهابيين هو برفض عودتهم وإسقاط الجنسية التونسية عنهم لأنهم خرجوا من تونس بهدف الانضمام إلى المجموعات الإرهابية وتخلوا عن جنسيتهم من أجل القيام بعمليات إجرامية تحت راية تنظيمات إرهابية».. وطالبت هذه البرلمانية بتنقيح الدستور التونسي في ذلك، خاصة أن تونس في حرب على الإرهاب ولا يمكن أن تسمح بعودتهم، رغم وجود ضغوطات دولية على السلطات التونسية من أجل عودتهم للتخلص منهم، وهناك من يعتبر أن «المواطنة» سقطت عن هؤلاء الإرهابيين بمجرد مغادرتهم البلاد نحو بؤر التوتر وتورطهم في محاربة وقتل الأبرياء بواسطة العمليات الإرهابية وشوهوا بذلك صورة تونس.. ذلك أن المخاوف عديدة من هؤلاء، ويعبر المسؤولون التونسيون عن أن السجون التونسية غير قادرة على استيعاب الكم الكبير من الإرهابيين العائدين.. وتزداد مخاوف المواطنين على أمنهم من هؤلاء خاصة من الذين عادوا خفية ولم تفطن إليهم السلطات..ويرى أهل القانون أن هناك ثلاثة خيارات لمواجهة عودة الإرهابيين وهي: الاستفتاء الشعبي أو سحب الجنسية أو الإعدام. لا تسامح ولا عفو وعلى الصعيد الرسمي فإن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قبل في البداية برجوع الإرهابيين، لكن أمام الرفض الشعبي القوي وردود الأفعال الفورية تراجع وصرح عدة مرات بأنه «لا تسامح ولا عفو عن الإرهابيين»، وقال إنه لا تسامح مع الإرهابيين التونسيين الذين يقاتلون في بؤر التوتر مع تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش». وأكد أنه يرفض بصفة قطعية العفو عن هؤلاء، كما يرفض أياضاً ما يسمى ب «قانون التوبة»، وقال: «إن هؤلاء مجرمون ولا بد من تقديمهم للعدالة. وأنه لا تسامح مع من يرفع السلاح ويقتل الأبرياء ولا بد من تطبيق القانون بكل صرامة». ومن ناحيته صرح السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية قائلاً: «إن تونس ضد عودة الإرهابيين من بؤر التوتر ولا ترحب بهم ولن تطلب من أية دولة إعادتهم، لكن في صورة عودتهم فإنها مستعدة للتعامل معهم وفق ما يقتضيه قانون الإرهاب وغيره من النصوص القانونية الأخرى». أما السيد خميس الجهيناوي وزير الخارجية التونسي فقال: «إن حسم ملف الإرهابيين العائدين سيكون بالأمن والقضاء». استهداف الجزائر وفي سياق متصل بهذه القضية قال السيد زياد لخضر النائب في البرلمان والأمين العام لحزب الوطنيين الموحد: «إن هناك مخططاً دولياً يقضي بترحيل 500 ألف إرهابي وعنصر خطير من مناطق النزاع في سوريا والعراق باتجاه تونس وجزء من المغرب العربي». وحذر من خطورة هذه المؤامرة الدولية على أمن واستقرار تونس والمغرب العربي ورفضها والتصدي لها. وأضاف: أن هناك ضغوطات دولية كبيرة على تونس للقبول بتوطين عشرات الآلاف من الإرهابيين المرحلين من سوريا مقابل إغراءات مالية نظراً لظروف تونس الاقتصادية الصعبة. وبلا شك فإن المستهدف من هذا المخطط الخبيث هي الجزائر بالدرجة الأولى. ووفق ما صرح به الدكتور علوان نعيم الخبير في العلاقات الدولية فإن المؤشرات التي تعزز فرضية استهداف الجزائر بيان أصدره حزب «مناهضة الصهيونية» الفرنسي نشره موقع معهد الدراسات العربية كشف فيه عن أن المخطط الصهيوني يستهدف الجزائر في المستقبل القريب وذلك من خلال تحريك الأوضاع فيها بتشجيع مطلب حماية الأقليات بهدف تقسيم البلاد.. وهنا نقرأ خلفيات الأحداث التي شهدتها الجزائر مؤخراً التي لها علاقة بهذا المخطط. ويضيف البيان: «إن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت منذ فترة أن «الجزائر تهدد السلم الدبلوماسي» وهو ما جعلها تضع تجهيزات وقوات عسكرية في جنوب إسبانيا استعداداً للتدخل.. كما تمت مناقشة قانون الإرهاب في الكونجرس الأمريكي لإعطاء الضوء الأخضر لتدخل القوات الأمريكية في شمال إفريقيا بلا رخصة مسبقة». ويقول البيان أيضاً: «سبق للصهيوني برنار هنري ليفي «مهندس الثورات العربية» أن صرح بأن الهدف القادم في المخطط الصهيوني لتقسيم البلدان العربية سيكون الجزائر». من هنا تتضاعف الضغوطات الدولية على تونس لاستقبال الآلاف من الإرهابيين العائدين من سوريا الذين يرى فيهم الخبراء وقوداً لإشعال نار الفتنة في الجزائر. طمأنة ولطمأنة الرأي العام التونسي والجارة الجزائر أكد رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد رفض حكومته عودة الإرهابيين من بؤر التوتر قائلاً: «إن الدولة التونسية لم توقع اتفاقاً واحداً بشأن إعادتهم، وإن لديها قوائم كاملة بأسمائهم ومعلومات كافية عنهم وأن من سيعود منهم ستجري محاكمته وفق قانون الإرهاب».. وأكد الشاهد أن حكومته تأخذ الأمور بجدية وأن أمن تونس فوق الجميع وبعيداً عن الحسابات السياسية». عمل تونسي جزائري مشترك إن ملف عودة الإرهابيين قفز إلى مقدمة الملفات الكبيرة وذات الأولوية في تونس.. بل إنه أولوية مطلقة. ووضع قبل غيره من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لأنه يتعلق بمصير البلاد ومستقبلها وأمن منطقة المغرب العربي كلها.. لذلك فإن تخوفات الرأي العام التونسي في محلها وكذلك تخوفات الجزائر.. لهذا وغيره ازداد التنسيق الأمني والعسكري التونسي الجزائري وارتفعت وتيرة العمل المشترك بين تونس والجزائر لحماية حدودهما مع ليبيا استعداداً لمواجهة تسلل الإرهابيين إليهما من التراب الليبي ولإحباط أي عمل إرهابي محتمل ضدهما إثر الهزائم المتلاحقة لتنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسوريا وليبيا وما حققته تونس من انتصارات على الإرهاب في الفترة الماضية بفضل اليقظة الأمنية والعسكرية رغم ما تكبدته من تضحيات وخسائر في الأرواح في الحرب المفتوحة على الإرهابيين لاستئصال آفة الإرهاب

مشاركة :