العنوان يحمل أسماء ثلاث من الممثلات؛ الأولى سيدة هوليوود من غير منازع، والثانية الفنانة السورية المعروفة، ولا أظن كثيرين سيخطئون الاسم الثالث فهو للفنانة المصرية التي باتت أشهر فنانة على مستوى الوطن العربي بعد ربيعه المنكود، ليس في الأداء الفني الخلاق ولكن فيما سيأتي ذكره لاحقاً. وكما جمعهن الفن، فمن المفترض أن يجمع بينهن الحس الاستثنائي المرهف، فيكنَّ علامات في اتجاه العدل، والحرية والقيم الإنسانية في مجتمعاتهن. وقد أتاح لنا الواقع عنصر مقارنة آخر في الحكم على أداء الممثلات الثلاث من هذه الزاوية، وهو موقف كل منهن من الوضع السياسي في بلدهن. في 8 يناير لهذا العام، وأثناء صعودها على منصة مهرجان جولدن جلوب لتسلُّم جائزة الإسهام الاستثنائي في عالم الترفيه، استغلت ميريل ستريب تلك الفرصة لتعلن عن موقفها تجاه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وتعبِّر عن امتعاضها أمام الجمهور وشجبها تصرُّفه المشين حين قلَّد مستهزئاً في إحدى المرات أحد المراسلين الصحفيين المعاقين بشكل ساخر، كما ذكرت. ميريل ستريب، التي تعيش في دولة ديمقراطية تحت ضمانة النظام والقانون، لم تُسَمِّ شخصية ترامب، لكنها عبَّرت عن قلقها من أن تكون تلك الشخصية التي لا تحترم ذوي الإعاقات ستتولى قريباً أعلى منصب في الولايات المتحدة، مما أكد تماماً أن المقصود هو الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي رد بالطريقة التي يتقنها؛ حسابه في «تويتر»! بأن ميريل ستريب قد بُولِغ في تقديرها كفنانة. ولأن بشار ليس ترامب، وسوريا ليست أمريكا، فالممثلة السورية رغدة ليست مثل ميريل، فهي أعلنت وتعلن بكل صراحة موقفها المؤيد للرئيس بشار دون أدنى تحفُّظ. وسبق أن لبست زي الجيش السوري ونزلت إلى جانبه في الغوطة الشرقية، على بُعد أمتار من الأحياء التي تلقَّت قصف الأسلحة الكيماوية، بل وحتى إنها زايدت على بعض الحلول المطروحة من أجل التسوية السلمية وحتى على النظام ذاته من على منبر السيدة (الإعلامية) لميس الحديدي في برنامجها (هنا العاصمة) بقولها «لو استقال بشار فسأعتبره خائناً»! الدرك العربي الثاني من المقارنة يأتي مع الممثلة المصرية إلهام شاهين التي باتت أيقونة إعلام ما بعد الثورة، إعلام رجال الأعمال، والدولة العميقة. لا يستغني عنها في برامجه المصمَّمة لمكافحة الثورة. حيث أصبحت ضيفة دائمة على برامج كثيرة. تستنجد بها المذيعات المرتجفات خوفاً من صعود التيار الإسلامي، في ما بعد الثورة، لتوفر لهن اطمئناناً زائفاً على وضعهن الاجتماعي. أو في الرهان عليها بالمنازلات الكثيرة التي غالباً ما يكون طرفها الثاني شيخاً من أولئك الذين ابتُليت بهم مصر والعالم الإسلامي، ليس له أي سمت أو قدر من العلم الديني. فتجلده إلهام جلداً تحت حماية مذيعة تفتقر الحياد والحياء، ومخرج يتلاعب بالكاميرا بحيث تقع على ما يخدم اتجاه الحوار الرخيص، وجمهور منتقى بعناية من أجل التهويش على الضيف. للقارئ استخلاص الحكمة من مجرد سطور تصف الواقع، ليس من شأنها الانحياز لأي خندق من الخنادق الضبابية التي يكتنفها دخان البارود المشتعل في منطقتنا، تلك الخنادق التي تشبه قبوراً طويلة متعرِّجة، قبوراً تتسع لأمة.
مشاركة :