حالة التململ والاحتقان تجاه أجهزة الأمن العراقية لا تتعلق فقط بتغلغل مختلف مظاهر الفساد في صفوف عناصره، بل أيضا بعجزها عن التصدي للعمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات من المدنيين في العام الماضي فقط. وتركزت أغلب العمليات الإرهابية في العاصمة بغداد رغم أنه من المفروض أنها تشهد حراسة مشددة خاصة وأنه توجد بها المنطقة الخضراء التي توجد بها المباني الحكومية والسفارات الأجنبية. ويدار الملف الأمني في بغداد منذ عام 2006 من قبل قيادة أمنية عليا تسمى “قيادة عمليات بغداد” وتضم قوات مشتركة من الجيش والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وأجهزة المخابرات، ويبلغ عددها نحو 700 ألف عنصر أمني وتكون تحت إمرة ضابط عسكري واحد يكون المسؤول عن أمن العاصمة. الشرطة تواجه صعوبة في تنفيذ واجباتها مع وجود فصائل مسلحة تنتشر داخل الأحياء وتمنعها من تنفيذ القانون وبدأت هذه الخطة تنال وابلا من الانتقادات الشعبية وحتى الرسمية وهو ما يستثمره الحشد الشعبي في سياق مساعيه لضرب الأجهزة الأمنية، فمحمد البياتي القيادي في قوات “بدر” أحد تشكيلات الحشد الشعبي، اتهم الأسبوع الماضي القوات الأمنية في العاصمة باختراقها من قبل الأعداء، في إشارة إلى الإرهابيين، وقال في بيان رسمي إن “قيادة عمليات بغداد غير دستورية”، وطالب الحكومة ورئيس الوزراء حيدر العبادي “بإعادة النظر بأمن بغداد وإشراك الحشد الشعبي بحماية بغداد في الخطين الأول والثاني”. هذه الاتهامات ليست الأولى التي يطلقها قادة في الحشد الشعبي ضد قوات الشرطة ولن تكون الأخيرة. في المقابل تواجه الشرطة صعوبة في تنفيذ واجباتها مع وجود فصائل مسلحة تنتشر داخل الأحياء وتمنعهم من تنفيذ القانون، فالضباط المنتشرون في مراكز الشرطة المناطقية مجبرون على التعامل والتعاون مع مسؤولي مكاتب الحشد الشعبي في الرقعة الجغرافية الواقعة ضمن اختصاص عملهم، وفقا للضابط أسعد الطائي. والطائي هو ضابط برتبة نقيب يعمل في أحد مراكز الشرطة في جانب الكرخ من بغداد، يقول لـ”نقاش” إن “مركز الشرطة مجبر على التنسيق الأمني مع مكاتب الحشد الشعبي في المنطقة، ولا يستطيع مدير المركز العمل دون ذلك، ولهذا لا نعمل بحرية كاملة”. ويضطر ضباط الشرطة أحياناً للتعامل مع أكثر من فصيل مسلح في المنطقة، كما يقول الطائي، “إذ أن بعض المناطق تضم مكاتب لفصائل مسلحة متعددة ولا نستطيع محاسبة الخروقات التي يقومون بها”. وفي بعض الأحيان تندلع اشتباكات بين الفصائل المسلحة داخل المناطق، بينما تضطر قوات الشرطة إلى التزام الحياد وعدم التحرك لوقفها، في مؤشر واضح إلى تراجع سلطتها في فرض القانون. ويخلق تعدد التشكيلات الأمنية فوضى مقلقة داخل العاصمة، وينتقد السكان كيف تجري عمليات سرقة واختطاف في وضح النهار ويتساءلون كيف تمكّن الخاطفون من تجاوز العشرات من نقاط التفتيش بسهولة، وغالبا ما تشير نتائج التحقيقات إلى امتلاكهم هويات مزورة تابعة إلى جهات أمنية عليا أو الحشد الشعبي. ويطالب العراقيون بوضع حد لحالة الانفلات والتركيز أكثر على معالجة ملف الأجهزة الأمنية، باعتبارها عماد دولة القانون. :: اقرأ أيضاً الإسلام الرسمي والجماعات المتشددة في مرمى ترامب اعتذارات المرشحين تربك التعديل الحكومي المصري قمة لليمين الشعبوي تضع الأسس لتغيير وجه أوروبا في 2017 دول الجوار تعلن رفضها القاطع للتدخل الأجنبي في ليبيا
مشاركة :