رأس الخيمة.. اقتصاد صاعد ومستقبل واعد

  • 1/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في خضم الأحداث الاقتصادية وغير الاقتصادية التي عصفت بالمنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، والتقلبات الحادة في الأسعار العالمية للنفط، المصدر الأساس للدخل والإنتاج في المنطقة، حقق اقتصاد إمارة رأس الخيمة معدلات نمو متصاعدة، فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي نحو 5.2% عام 2015 بالمقارنة مع 4.2% في العام 2014، كما ناهز النمو السنوي للتكوين الرأسمالي الثابت 7.8% بالمقارنة مع 6.3% سنوياً خلال الأعوام الخمسة السابقة، وبقيت معدلات التضخم في السنوات الأخيرة ضمن حدودها الآمنة والمستقرة، إذ بلغ متوسطها السنوي نحو2.1% فقط. هذه المؤشرات، وغيرها، تؤكد أن مسيرة وزخم التنمية الاقتصادية للإمارة كانت إيجابية ومتوازنة ومستقرة في آن معاً. ولكن ما الخصائص التي يتمتع بها اقتصاد الإمارة ليتمكن من المحافظة على استقراره، وتصاعد نموه خلال هذه الفترة الزاخرة بالتقلبات، والمملوءة بالمطبات؟ إذا جاز لي أن أجيب عن هذه التساؤلات وغيرها بكلمة واحدة فقط، أقول إنه التنوع بعيدا عن النفط والغاز الذي أثمر هذا الإنجاز المهم، وتحقيق الازدهار المرام، فمن المعلوم أن اقتصاد الإمارة، وعلى عكس كثير من اقتصادات المنطقة لا يعتمد على النفط والغاز، بل يتمتع بميزة فريدة ليست موجودة إلا في عدد قليل ومحدود من الدول، ألا وهي المساهمة الكبيرة للصناعات التحويلية في الاقتصاد، فهو (أي قطاع الصناعات التحويلية) بحق يعد للنمو محركاً، وللدخل مصدراً وللتوظيف موئلاً، إذ يمثل اكثر من ربع الناتج المحلي، ونحو 43% من حجم التكوين الرأسمالي، ويوظف ما يربو على 27% من الأيدي العاملة، وقد وفرت الإمارة كل متطلبات النمو والتطور لهذا القطاع من بنى تحتية، ومناطق صناعية خاصة الحرة منها، وينتظر من هذا القطاع أن يبقى في الأمد المنظور قاطرة للنمو، ومحركاً رئيسياً للنشاط الاقتصادي، بما يعزز من مكانة الإمارة اقتصادياً في المنطقة والعالم. إن الإمارة تنظر إلى التنويع الاقتصادي كخيار استراتيجي لا بد منه لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وبالتالي اهتمت الحكومة، وما زالت، بتطوير القطاعات والأنشطة الاقتصادية بكافة أنواعها من أجل تعزيز فرص التنمية واستدامتها ، بعيداً عن التقلبات الحادة التي تنتج عن تركيز النمو في قطاع محدد معين ، كما هو الحال بالنسبة للقطاع النفطي في دول المنطقة، ويأتي على رأس الاهتمامات في هذا السياق قطاع السياحة، فالإمارة تتمتع بتنوع طبيعي يمكنها أن تصبح قبلة سياحية، ووجهة عالمية، وقد شهدت الاستثمارات في هذا القطاع نمواً مطرداً خلال السنوات الماضية تم تتويجها في العام 2015 الذي نمت فيه بنسبة تراوحت حول 34%، وقد فاق عدد السياح في الإمارة النسب المستهدفة ليزيد على مليون و100 ألف سائح، ويتوقع أن يصل إلى هذا الرقم إلى ما يربو على 3 ملايين خلال السنوات القادمة، فكل هذه التطورات وغيرها ستجعل من هذا القطاع عنصراً رئيسياً ومكملاً وداعماً مهماً لبقية القطاعات في قيادة التنمية الاقتصادية المستدامة للإمارة. بالإضافة إلى ذلك، ومن اجل استغلال الموقع الجغرافي المتميز للإمارة وموقعها المهم في سلسلة التوريد الإقليمية والعالمية، ينظر إلى قطاعات التجارة والنقل والخدمات اللوجستية كقطاعات مستهدفة يعوّل عليها في جعل الإمارة مركزاً تجارياً وخدمياً متميزاً في المنطقة. ومن المؤمل أن تصبح الإمارة منصة عالمية للتجارة الداخلية والخارجية ، نظراً لشبكة العلاقات التجارية الراسخة والمتنوعة التي تمتلكها أو تسعى إلى العمل على تكوينها مستقبلاً. تتطلع الإمارة في بطبيعة الحال إلى المضي قدماً في مسيرة النمو والعطاء، نحو ما يصبو إليه الجميع من تعزيز مكانتها كمركز اقتصادي مهم في المنطقة والعالم، وتحقيق مزيد من الإنجازات، وتقديم الخير والعطاءات، وهو ما يتطلب بذل مزيد من الجهد والعمل على أكثر من صعيد ، خاصة في مجال الاستمرار في تبني السياسات والتشريعات الاقتصادية التي تعزز من تنافسيتها في مجال ممارسة الأعمال، ودعم دور القطاع الخاص كمحرك للنمو، وتعزيز روح الريادة والابتكار لدى فئة الشباب من أصحاب الأعمال، والاعتماد على الاقتصاد القائم على المعرفة. عبد الحليم محيسن مستشار اقتصادي -دائرة التنمية الاقتصادية برأس الخيمة

مشاركة :