«الناصح الأمين».. ملاذ الباحثين عن حكمة التجارب

  • 1/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: مها عادل تفرض ظروف الحياة على الجميع، في أحيان كثيرة، اتخاذ قرارات مصيرية، تعتمد عليها دروب حياتهم ومصائرهم. ومع تطورات العالم يتعرض الشباب ذوو الخبرة الضعيفة إلى حد ما في الحياة إلى مواقف يعتمد عليها مستقبلهم، فيبدؤون البحث عن ناصح أمين لهم، ربما يكون الأب أو الأم، أو الأصدقاء الذين يثقون برأيهم، ومنهم من يعتمد على نفسه في موازنة الأمور واتخاذ القرار. ويعتمد معظم تفاصيل حياة الأبناء على قرار يتخذونه في سن مبكرة تحجب عنهم كثيراً من الخبرة الحياتية. في تلك السن الصغيرة يكون على الأبناء وهم على مرمى حجر من سن الطفولة، أن يتخذوا قراراً يتحدد عليه إلى حد كبير مستقبل حياتهم، مثل اختيار الدراسة أو التخصص في الجامعات واختيار مجال العمل أو المهنة التي يريدون أن يمتهنوها في المستقبل، وربما اختيار شريك الحياة وبناء الأسرة أو حتى قرار السفر واختيار الأصدقاء أو تغيير مجال العمل. كل تلك الاختيارات تضع كثيراً من الشباب أنفسهم في حيرة حقيقية للوصول لقرار حاسم، ولكن من هو المستشار الذي يلجأ إليه الشباب للاستعانة برأيه ورؤيته؟ في التحقيق التالي نحاول التعرف إلى آراء مجموعة من الشباب، ومن هو ناصحهم الأمين في قراراتهم الحياتية.. نانسي إبراهيم، طالبة جامعية، تقول إن الشخص الذي تسأله النصيحة، يختلف باختلاف الموضوع، فمثلاً إذا فكرت في استشارة أحد في اختيار التخصص الدراسي أو دراسة مادة معينة، فأختها الكبرى التي أنهت تعليمها الجامعي منذ عامين، ستكون مستشارتها، فهي على علم أكثر من غيرها بنظام الدراسة والحياة الجامعية وبقدراتها الشخصية وميولها الدراسية أكثر من والديها، اللذين اختلف أسلوب دراستهما عن الأسلوب الحالي. أما في موضوعات أخرى مثل الارتباط أو الزواج مثلاً، فتؤكد أن والدتها ستكون مستشارها الأول والناصح الأمين، التي ستلجأ إليها إن كانت في حيرة، أو وقعت المشاكل بينها وبين شريك حياتها. تختلف عنها نوران خالد، الطالبة في المرحلة الثانوية، إذ تلجأ إلى والدتها في الحصول على أي استشارة في كل مجالات الحياة، فوالدتها تشاركها اختيار المدرسة ونوع الرياضة التي تمارسها، كما حددت لها النادي الرياضي، حيث تمارس فيه هواياتها وتمارين السباحة التي اختارتها والدتها هي الأخرى، لما لها من فوائد لرشاقة الجسم فضلاً عن خلوها من الحركات العنيفة أو الاحتكاك بين اللاعبين، فهي تعرف ميول ابنتها وقدراتها. تقول : حتى صديقاتي كانت أمي سبب معرفتي بهن من خلال صداقاتها بأمهاتهن في النادي، وهذا أيضاً أثرى علاقتي بهن وجعلها أكثر متانة وصلابة لأنها في إطار عائلي، لهذا بحكم تجربتي الشخصية أفضل اللجوء إلى والدتي في كل أمور حياتي، لما لنصائحها من فائدة. محمد علاء، طبيب أسنان حديث التخرج، يقول: في المرحلة ما قبل الجامعية يكون الأهل والإخوة الكبار أقرب الناس وأولاهم بالنصح والمشورة، لأنهم عادة يشغلون دائرة الثقة الخاصة بالشخص، ولكن في المرحلة الجامعية وما بعدها تبدأ شخصية الفرد في التغيير شيئاً فشيئاً، ومقدار التأثر بالأصدقاء يزداد مع الوقت وتتشكل القناعات الخاصة بعيداً عن آراء الأهل وقناعاتهم، لهذا فعندما قررت السفر للعمل بالخارج كان القرار نابعاً من داخلي برغم اعتراض الأهل، إلا أنني أقنعتهم بقراري ونفذته، لما وجدوه من تصميم، وثقة في قدرتي على تحمل مسؤوليته. ويضيف: حين أفكر بالارتباط واختيار زوجة، فسيكون هذا القرار بلا مستشارين على الإطلاق، بل سيكون قراراً فردياً ينبع من عقلي وقلبي، فأنا أستفتي عقلي وقلبي عادة في معظم قراراتي الشخصية. وبالطبع هذا لا يقلل من أهمية دور الأهل والأسرة في حياتي، فأنا أحترمهم وأقدرهم كثيراً، ولكنني أفضّل اتخاذ قراراتي المصيرية من دون تدخل أحد، لأنها ستؤثر فيّ أولاً في المقام الأول، فلا أتصور أن أتزوج فتاة لمجرد أنها من عائلتنا أو أن أسرتي تجدها ملائمة، وبرأيي فإن دور الأسرة في تقرير مصير الأبناء، خصوصاً الذكور، يجب أن يكون له حد في مرحلة النضج. أما مهيرة محمد (15 عاماً) فلها تجربة مختلفة مع اختيار مستشارها في الحياة، وتقول: تعودت منذ طفولتي أن أمي صديقة مقربة تشاركني كل نزهاتي، وكنت أفضل البقاء إلى جوارها أكثر من الخروج مع صديقاتي. لكن في السنوات الأخيرة حين أتت خالتي الصغرى للعيش معنا، بدأت علاقتي بها تتوطد وتزداد قرباً وأصبحت تفهمني في أحيان كثيرة أكثر من أمي، وأصبحت أستشيرها في كل أمور حياتي لأنها تكبرني بأعوام قليلة، لذا أعتبرها أقرب إنسان إلى قلبي وأستشيرها في اختيار ملابسي وفي علاقتي بصديقاتي، خصوصاً أننا نعيش في مجتمع أغلبه من المغتربين، فكثير من صداقاتي تكون قصيرة العمر لعودة الأسر إلى بلادها أو السفر إلى مناطق مختلفة، ولهذا وجدت في صداقتي لخالتي الاستدامة والمستشار الواعي والمخلص، وأكثر من مرة تنجح نصائحها في تحذيري من البعض وإنقاذي من مواقف سيئة، فهي دائماً دليلي في اختيار صديقاتي، وأصبحت شريكتي في كل النزهات والتجمعات فهي تحتك بهم مثلي وتعرفهم جيداً، وكونها تتمتع بخبرة تزيد عليّ جعلها ذلك أفضل مستشار وناصح لي. ويعتبر ضياء الشريف، نفسه محظوظاً بوجود أصدقائه، بعد أن جمعتهم ظروف اغتراب أهاليهم. يقول: أنا أصغرهم، ولم يكن لي قرار في اختيارهم، ولكنني أعتبرهم المستشارين الأهم في حياتي، فقرار تخصصي بمجال دراسة الإخراج كان نصيحة من أحد أصدقائي الذي لاحظ تلك الموهبة لدي، من مراقبته لحرصي الدائم على تصوير تجمعاتنا ورحلاتنا، وكثيراً ما كنت أنفذ المونتاج لبعض مقاطع الفيديو الخاصة بنا، وتركيب الموسيقى عليها لأغانٍ محببة لنا، كما أوجه زملائي للوقوف معاً بشكل معين أو التصرف بشكل معين استعداداً لتصوير إحدى لحظات تجمعاتنا وذكرياتنا، وبعد التفكير في تلك النصيحة اتخذت قراري بتحويل دراستي إلى الإخراج، وعلى الرغم من اعتراض أسرتي، فإنهم اقتنعوا أخيراً، والآن أنا ناجح في الدراسة وأبلي بلاءً حسناً فيه، كما أشعر بالرضا عما أفعله وأشعر بأنني وجدت نفسي في تلك المهنة. أصدقائي لاحظوا موهبتي، بينما رأت أسرتي أنها شيء لا يستحق الالتفات إليه. ويرى كريم عاطف (18 عاماً) في والده القدوة والمثل والناصح الأمين. يقول: والدي لطالما كان صديقي منذ الصغر، شاركني اللعب وحب الرياضة ومتابعة مباريات كرة القدم، لهذا فمزاجنا الشخصي متقارب للغاية لهذا ألجأ إليه دائماً، ويستطيع أن يفهمني من دون أن أتحدث، وهو اختار لي ممارسة رياضة الكاراتيه في سن صغيرة التي أفادتني كثيراً صحياً وبدنياً، وحين استشرته في ترك رياضة الكاراتيه والالتحاق بتدريب كرة القدم بالنادي، نصحني بالجمع بينهما ولو لمدة عام، حتى أتأكد أن هذا ما أريده قبل أن أترك الكاراتيه وأفقد لياقتي به، ونصيحته كانت في محلها فتدريبات الكاراتيه زادت صلابتي وقدرتي على تحمل الصدمات والاحتكاكات والإصابات، والآن أفكر بالسفر للخارج للدراسة الجامعية وكان هو كالعادة مستشاري الأول، وبعد إجراء بحث ومناقشات طويلة شجعوني على البدء بالإجراءات اللازمة.

مشاركة :