دخلت اتفاقية منظمة التجارة العالمية حول المشتريات الحكومية التي تم تبنيها في كانون الأول (ديسمبر)2011 حيِّز التنفيذ أمس، بعد سنتين من اعتماد النص المُعدَّل في آذار(مارس) 2012، ونحو خمس سنوات على صدور نصها الأصلي الذي لم ينجح في جذب الدول النامية للاتفاقية، و20 عاما من بدء التفاوض عليها. ففي السابع من آذار (مارس) الماضي صادقت الدولة العاشرة على الملحق المُعدَّل للاتفاقية، ليتم بذلك الوصول إلى الحد الأدنى المطلوب توفره لضمان دخولها حيز النفاذ، وبموجب المُلحق، فالتعديلات تدخل حيز التنفيذ بعد 30 يوماً من إبلاغ ثلثي الأطراف الموقعة على الاتفاقية موافقتها. وأبلغ الاتحاد الأوروبي نيابة عن أعضائه الـ 28، وليختنشتاين، والنرويج، وكندا، وتايوان أو تايبه الصينية، وهونج كونج، وسنغافورة، وإيسلندا، موافقتها في وقت سابق، والأطراف الأخرى في المعاهدة هي أرمينيا، أروبا "جزيرة صغيرة في المحيط الهادئ"، واليابان، وكوريا الجنوبية، وسويسرا. ومِن أهم سمات النُسخة المنقَّحة أنها بسَّطَت، وحدَّثت نص الاتفاق الأصلي، ووسَّعت من نطاقه أيضاً، فعلى سبيل المثال، أخذت بنظر الاعتبار المشتريات الحكومية واسعة النطاق في مجال المعدات والأجهزة الإلكترونية، فقامت بتضمينها في النص المُعدَّل. وجاء النطاق الواسع مِن إضافة مجالات جديدة شملت إلى جانب الجهات الحكومية كالوزارات، والمديريات العامة، الوكالات، والقطاع المختلط. كما غطَّت خدمات جديدة ومجالات أخرى من أنشطة المشتريات العامة لم تقتصر على مشتريات السلع المادية فحسب، بل تذهب مشتريات الخدمات أيضاً، وهي تفتح أسواقاً جديدة للأطراف الموقِّعة، وتوفر لها مكاسب أفضل في فرص الوصول إلى أسواق الأعمال التجارية. ووصف المدير العام للمنظمة، روبرتو آزفيدو، الاتفاقية المُنقَّحة بـ "الإنجاز الكبير"، قائلاً إنها ستفتح الأسواق، وتعزِّز الحكم الرشيد في اقتصادات الدول الأعضاء، مضيفاً أن حقيقة المصادقة على الاتفاقية بمثل هذه السرعة يظهر الأهمية التي توليها الدول الأطراف إليها، وهو دليل إضافي، بعد "حزمة بالي" الناجحة، بأن منظمة التجارة عادت مرة أخرى إلى مجال الأعمال التجارية الدولية. وقال بروس كريستي، رئيس لجنة المنظمة حول المشتريات الحكومية الكندية، إنَّ النص المُعدَّل للاتفاقية والالتزامات الواسعة في ضمان حرية الوصول إلى الأسواق ينبغي أن يحث الدول الأعضاء الأخرى للنظر في المزايا الكامنة في الانضمام إليها. وتضع الاتفاقية التي بدأ التفاوض عليها عام 1994، أحكاماً تضمن ظروفاً عادلة للمنافسة الدولية في الحصول على عقود المشتريات الحكومية على الصعيدين المركزي وشبه المركزي، وتمنع التمييز في المعاملة بين المجهزين المحليين والأجانب، وكذلك بين المجهزين الأجانب من مختلف الدول الأطراف. وتضمنت أيضاً إجراءات انتقالية مؤقتة لتسهيل انضمام البلدان النامية والأقل نمواً إليها. واتفاقية المشتريات الحكومية هي اتفاقية متعددة الأطراف، بمعنى أن امتيازات الوصول إلى السوق بموجب الاتفاقية تُمنح فقط للموردين في البلدان المنضمة إلى الاتفاقية. وتضمنت الفقرات التي تم تبنيها في كانون الأول (ديسمبر) 2011 التزامات جديدة ومحسنة لحرية الوصول إلى الأسواق تمنح معاملة خاصة وتفضيلية للبلدان النامية التي تنضم إليها، فيما ذكر وزراء التجارة في الدول الأطراف في حينها أنَّ التعديلات ستجلب بين 80 إلى 100 مليار دولار سنوياً إلى فرص الوصول إلى الأسواق الجديدة، وتعزز الحكم الرشيد وتردع الفساد. وينبغي على الدول التي ترغب في الانضمام التفاوض مع أطرافها الحاليين لتحديد نوعية مشترياتها التي ستُخضعها لضوابط الاتفاقية وتلك التي تستثنيها. وتحديد مؤسسات الدولة التي تشملها بالاتفاقية والمؤسسات التي تستثنيها، وتحديد ارتفاع عتبة قيمة العقد الذي تنطبق عليه الاتفاقية. فعلى سبيل المثال حددت أوكرانيا التي تتفاوض حالياً للانضمام للاتفاقية ارتفاع عتبة قيمة عقد المؤسسة الحكومية التي تخضع للاتفاقية بأكثر من 197 ألف دولار بالنسبة لمشتريات البضائع والخدمات، و7.6 مليون دولار لخدمات البناء. وتقع عتبة أوكرانيا ضمن مستوى تلك التي حددتها الأطراف الأخرى في الاتفاقية. لكن الصين ما زالت حتى الآن تضع عتبة عالية لقيمة العقود وعدد المؤسسات الحكومية التي تريد إخضاعها للاتفاقية. وكجزء من الصفقة المُنقَّحة، ستُخضع الولايات المتحدة 12 وكالة حكومية مركزية إضافية إلى شروط الاتفاقية من بينها إدارة الأمن الاجتماعي، وإدارة أمن النقل والمواصلات بشرط أن تتجاوز عقود مشترياتها قيمة 201 ألف دولار لمشتريات البضائع والخدمات، و7.7 مليون دولار لعقود البناء، وهي العتبة نفسها المُطبَّقة على الهيئات الحكومية المركزية الأمريكية الأخرى. لكن في المقابل، هناك 13 ولاية أمريكية مُستثناة في الوقت الراهن من التزامات تطبيق الاتفاقية طبقاً لما جاء في اتفاقية انضمام الولايات المتحدة للاتفاقية. وعلاوة على الدول الـ 43 الأعضاء في الاتفاقية، هناك عشر دول تتفاوض حالياً للانضمام إليها هي: ألبانيا، الصين، جورجيا، الأردن، قيرغيزستان، مولدوفيا، مونتونيكرو، نيوزلندا، سلطنة عمان، وأوكرانيا. وهناك ست دول هي، السعودية، وكرواتيا، ومقدونيا، ومنغوليا، وروسيا، وطاجاكستان، وعدت بالتفاوض على الانضمام للاتفاقية كجزء من شروط انضمامها لمنظمة التجارة، لكنها لم تبدأ التفاوض بعد.
مشاركة :