نشر الشهر الماضي تقرير لوكالة «ستاندرد آند بورز» لخدمات التصنيف الائتماني، خلاصته أن حجم الإقراض سيعزز أرباح البنوك السعودية في ظل توقعات بارتفاع تكاليف التمويل، وأن بنوكنا حققت خلال فترة الأزمة المالية أرباحا قوية مقارنة بنظيراتها في أسواق الدول المتقدمة لانخفاض المخاطر ومعدلات الفائدة منذ العام 2008، وأن جني الأرباح سيستمر أقله للعامين المقبلين، وقد يوقفه احتمال قيام بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة في العام 2015م. ولم يتطرق التقرير إلى إمكانية انتهاز البنوك هذه الربحية المرتفعة لتعزيز خدماتها مهنيا مقارنة بمثيلاتها في دول المنطقة طمعا برضى عملائها الذين يعانون الأمرين للحصول على خدمات مدفوعة تعتبر مجانية لدى بقية بنوك العالم. تذكرون قرار مؤسسة النقد الأخير بتطبيق نظام الفوائد المتناقصة، كم هي رحيمة (ساما) في البنوك على حساب العملاء، أعطت البنوك فترة زمنية كافية لتصلح أوضاعها، وهي ليست وكيلتهم، بل المشرفة عليهم، ولم تنظر إلى مصلحة المقترضين، وهي وكيلتهم والمدافعة عن حقوقهم أمام البنوك، بإمكانية التطبيق بأثر رجعي لاسترجاع بعض ما أخذ دون وجه حق. لن أتوقف طويلا هنا، فقد كتبت وكتب كثيرون للمطالبة بخطوات إلحاقية كمراجعة عقود الإذعان، وسعر الفائدة، ومدى تناسبه مع قيمة القرض. لكن وبعيدا عن كل هذا، أين دور (ساما) من إيجاد أوعية استثمار، أو حتى صناديق تمويل متخصصة في عدة مجالات اجتماعية لتشغيل حجم السيولة المتوافر من كم المدخرات الفردية، والودائع الطوعية لدى البنوك من أفراد يهمهم عدم الحصول على فائدة ربوية؟ كثيرون لديهم «تحويشة العمر» بالخصوص النساء، وبالأخص المعلمات، ولا يريدون المغامرة بها في سوق الأسهم، أو غيره من مجالات غير آمنة، وينأون بها من شبهة الربا، ويحزنهم أن تنقص قيمتها الشرائية بمرور الزمن، جميعهم يتوق إلى تشريع أقنية استثمارية آمنة قليلة الربح الحلال، مع ضمان كاف بصيانة أموالهم، دول كثيرة سنت ما يكفي لاستثمار هذه الثروات النائمة دون المرور ببوابات البنوك والتيه في غاباتها. دور «المنظم» بين عناصر الإنتاج، وهو دور مدني حسب تصور الاقتصادي «جوزف شمبيتر»، يمكن استعارته رسميا، فإن تخلت عنه وزارتا الاقتصاد والمالية، يجب أن تدعمه مؤسسة النقد.
مشاركة :