أمام ترامب أمامه خطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها

  • 1/27/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأستاذ عبدالله العبيدي دبلوماسي تونسي معروف وخبير في الشؤون الدولية، حاورته «اليمامة» بعد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وتوجهت إليه بعدة أسئلة تتعلق بصعود الرئيس الخامس والأربعين، يوم الجمعة الماضي، إلى رئاسة الولايات المتحدة.. وفيما يلي هذا الحوار الخاص مع الدبلوماسي التونسي عبدالله العبيدي: r ما قراءتك لمضمون خطاب دونالد ترامب في حفل تنصيبه رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية يوم الجمعة الماضي؟ - في الحقيقة هو خطاب عادي وليس برنامجاً سياسياً، خطاب موجه إلى داخل أمريكا خاصة إلى ناخبي ترامب.. وهو خطاب من تحرير مجموعة من الخبراء والإخصائيين لتمرير برنامجه، وهو برنامج يمكن أن يتبناه أي سياسي أمريكي.. إذن هو خطاب سياسي وليس برنامجاً بأتم معنى الكلمة.. لأن مرحلة الحملة الانتخابية التي مرت قبل الانتخابات الرئاسية شيء والمرحلة الحالية التي جاءت بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض شيء آخر.. لأن أمريكا لا يحكمها شخص واحد ولا يستطيع أن يغير سياستها فرد، لأن المؤسسات هي التي تسير أمريكا، أي المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادة والصناعية بصفة خاصة، ودونالد ترامب ليس مجنوناً كما يعتبره البعض وقد رشحه حزب عريق وكبير هو الحزب الجمهوري الذي يحدد له السياسة التي ينبغي عليه أن يلتزم بها ويضع أمامه خطوطاً حمراء لا يجب عليه أن يتجاوزها، فهو لا يتصرف كما يريد ولا يستطيع أن يفعل ما يريد، لأنه مراقب مراقبة شديدة من قبل مجموعات الضغط.. وإذا حاول التمرد وتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له فإن مصيره يكون في الميزان وربما يتعرض إلى الاغتيال، وهذا شيء معروف في تاريخ الولايات المتحدة. وخطاب ترامب في تنصيبه ممتاز بالنسبة إلى الشعب الأمريكي لأنه موجه إلى البناء الاقتصادي والاجتماعي الداخلي وإعادة هيكلة الرأسمال الأمريكي الذي وقع استثماره خارج أمريكا.. وقد ركز الخطاب على الاهتمام بشؤون أمريكا الداخلية.. لأن أمريكا الآن على وشك الانفجار، حيث نجد ما بين 40 مليون و50 مليون مواطن أمريكي يعيشون حالياً تحت خط الفقر.. لهذا يقع في الوقت الحالي إحياء نظرية «مُونرو» الذي كان وزيراً للخارجية في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، وهي نظرية تتمثل في وضع أمريكا في نوع من الانعزالية حتى تهتم بأمورها الداخلية أكثر من أي اهتمام آخر. r لكن بماذا تفسر الاحتجاجات التي استقبلت مجيء ترامب؟ - هذا نتيجة مغالطة الإعلام الأمريكي للرأي العام.. وهي احتجاجات عابرة لا تأثير لها، لأن ترامب توجه إلى المواطن الأمريكي العادي وعرف كيف يخاطبه وخاطبه بلغة رجل الأعمال. r في رأيك كيف ستكون السياسة الخارجية الأمريكية مع ترامب؟ - ستتقلص وستقتصر على مصالح أمريكا وهي إستراتيجية لخدمة المصالح الأمريكية، أي إن الولايات المتحدة ستتحالف مع من يتحالف معها خاصة في محاربة الإرهاب. r ما انعكاسات تولي ترامب الرئاسة على العرب والمسلمين داخل أمريكا؟ - علينا أن نعرف أن المجموعات الإسلامية في أمريكا كبيرة يتجاوز عدد أفرادها ثمانية ملايين مسلم، لا يستطيع أن يمسها ترامب بسوء لأن القوانين تحميها وتمنع ترامب من اضطهاد المسلمين. r هل هناك مخاوف أوروبية من ترامب؟ - فعلاً بدأت المخاوف الأوروبية تظهر بوضوح خاصة في ألمانيا وفرنسا، وعلى عكس ما يظن البعض فإن أمريكا ليست حليفة لأوروبا الغربية، بل هي منافسة لها وتسعى دائماً للسيطرة عليها لتضعها تدور في فلكها.. لأن أمريكا لا تريد أوروبا قوية وموحدة، وسيتصدى الألمان والفرنسيون لترامب لأنه هدد أوروبا ويهدف إلى فرقعتها.. لأن وجود أمريكا قوية تهديد لأوروبا، وتعمل أمريكا بكل الوسائل لتبقى مسيطرة على أوروبا. من هنا فرح ترامب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وستكون تيريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية أول زعيم عالمي يستقبله ترامب في البيت الأبيض، وفي ذلك دلالات كثيرة وكبيرة. من هذا المنطلق أنا أتوقع عودة قوية للديغولية في فرنسا وأوروبا، الداعية إلى الاستقلالية في مواجهة الولايات المتحدة. rوكيف ستكون العلاقات العربية الأمريكية؟ - من الواضح دائماً مع كل رؤساء أمريكا السابقين أن أمريكا تقيم علاقاتها الخارجية حسب مصالحها.. فعلى العرب أن يتعاملوا معها أيضاً وفق مصالحهم.. يبجب أن يكون هناك توازن في تبادل المصالح، وعلى الدبلوماسية العربية أن تتغير وتتطور لخدمة المصالح العربية والمحافظة عليها.. لكن مع الأسف تتحدد العلاقات العربية الأمريكية حسب مصالح أمريكا لأن العرب ما زالوا ضعفاء ولم يفهموا إلى الآن أن مصلحتهم تقتضي أن يتعاملوا مع العالم أقوياء ومتضامنين وموحدين في الموقف والكلمة والصف. r كيف سيتعامل ترامب مع القضية الفلسطينية؟ - ستبقى القضية الفلسطينية كما هي الآن لأن الانحياز الأمريكي إلى إسرائيل سيزداد وسيقوى وعلى أصحاب القضية أن يعولوا على أنفسهم لإخراج قضيتهم من النفق المظلم مدعومين بأشقائهم العرب والمسلمين وبأصدقائهم في العالم. r وهل أن ترامب جاد في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؟ - لا.. هو ليس جاداً لأن مجموعات الضغط الأمريكية ترفض أي قرار من هذا النوع..وقد حاول رؤساء أمريكيون ذلك في السابق وتراجعوا، لأنه إذا ما وقع وتم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ستصبح مصالح الشركات والمؤسسات الأمريكية مهددة، ليس في الشرق الأوسط فقط، بل في العالم أجمع. r في رأيك ما أولويات ترامب في الخارج؟ - سيقع التركيز على مقاومة الإرهاب في العالم مع الحد من التدخلات العسكرية الأمريكية الخارجية باستثناء ما تسمح به حماية المصالح الأمريكية. وفي المجال التجاري والاقتصادي والصناعي ستتصدى الولايات المتحدة بصفة خاصة للصين الصاعدة واليابان حتى تبقى هي الأقوى عالمياً تجارياً واقتصادياً وصناعياً في الخارج والداخل.

مشاركة :