حذر المستشار في الديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور صالح بن حميد، نظّارَ الأوقاف من التفريط في حقوق المستفيدين أو الواقفين. وذكَّر الشيخ، خلال ندوةٍ أمس في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة بعنوان «الأوقاف الإسلامية بين الماضي والحاضر»، بخطورة التفريط في الحقوق. ولاحظ أن «معظم الشكاوى الخاصة بالخلل أو ضياع الأوقاف وعدم وصول الاستحقاقات إلى المستفيدين ترد بسبب أداء النظّار»، داعياً النظّار والعاملين في القطاع إلى الإلمام بالثقافة الوقفية وإشاعتها في أوساط المجتمع. وشدد ابن حميد على ضرورة سؤال أهل العلم عن الأمور الشرعية. وخاطب حضور الندوة بقوله: «على نظار الأوقاف مسؤولية عظيمة، وأوصيهم ونفسي بتقوى الله»، مبيِّناً أن «من التوجهات المباركة في الوقت الحاضر دخول العمل المؤسسي في قطاع الأوقاف، حيث أصبحت الأوقاف تدار بمجلس أو لجنة نظارة، وهو ما يحول دون انفراد شخص واحد بالعمل». ووفق تأكيده؛ يعدّ «تحديد أموالٍ للإدارة وصيانة الوقف وللعاملين فيه وغيرها؛ من الأمور التي تقود لأن يعمّر الوقف لسنوات طويلة». وتحدث الشيخ عن تاريخ الوقف في الإسلام. وذكَّر بأن أول مسجدٍ في الإسلام، مسجد قباء في المدينة المنورة، أوقِفَت له 7 بساتين، وكانت له وظائف متميزة في المجتمع، و»كان دوره أساسي في معظم الإنجازات العلمية والحضارية، وسد حاجة المجتمع، وحفظ بلاد الإسلام، ونشر الدعوة ورقي المجتمع، وتنظيم الجيوش والصرف عليها، وفك أسرى المسلمين، ودعم المرابطين في سبيل الله، مما كان له أثرٌ في صد الهجمات على الدولة الإسلامية». ولفت ابن حميد إلى جواز أن يوقِف الإنسان كامل أمواله في حياته. ونبَّه: «لكن ليس من الدين أن يوقِف لما بعد وفاته، كون الأجر في الأقارب أفضل، فالوصية للأبناء بالأموال أفضل من منحها إلى إنسان بعيد». ولاحظ الشيخ أن الأوقاف في مكة المكرمة والمدينة المنورة لها مزايا عن غيرها. وأكد أن مكة حظيت تاريخياً بأوقاف كبيرة وكثيرة، إذ «كانت الأوقاف أكثر المباني التي حظيت بالتثمين العقاري حين بدأت مشاريع توسعة الحرم المكي الشريف، وتلك الأوقاف تتشرف بأنها تقدم الخدمة والرعاية إلى الحرمين الشريفين والزوار والقاصدين، ويشكل وقف الملك عبدالعزيز أنموذجاً لذلك». وفي الندوة نفسها؛ ذكر عضو مجلس إدارة غرفة مكة المكرمة، سعد جميل القرشي، أن القيادة السعودية لم تُخفِ عزمها على إحياء الدور الحيوي للعمل الوقفي في المجتمع «من خلال تشجيع الأوقاف وتمكينها من الحصول على مصادر تمويل مستدامة، ومراجعة الأنظمة واللوائح المتعلقة بذلك». وذكّر القرشي باحتضان الغرفة مطلع العام الهجري الجاري المؤتمر الإسلامي للأوقاف الذي حضره وزير العمل والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأوقاف. و»شهد المؤتمر مشاركة دولية متميزة، وخرج بعددٍ من التوصيات المهمة التي من شأنها تعضيد أداء قطاع الأوقاف السعودي»، بحسب عضو مجلس إدارة الغرفة الذي لاحظ، في كلمته، أن «الأوقاف شكّلت عبر التاريخ ركيزة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الإسلامية، وأضحت في المملكة أنموذجاً يقتدى به في كافة الدول الإسلامية». ووفق توقعه؛ فإن «أمام هذا القطاع فرصة للنمو ليصبح الممول الأساسي للقطاع غير الربحي في المملكة».
مشاركة :