تعاملت موسكو بحذر أمس مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنشاء مناطق آمنة في سوريا. ومقابل رفض الفكرة والتحذير منها بلهجة حادة في عهد باراك أوباما، اكتفت روسيا بتعليق يتيم من جانب ديميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، أشار فيه إلى أن الولايات المتحدة لم تبحث مع روسيا هذا الموضوع، ووصف القرار بأنه «سيادي»، مبديًا خشيته من «أن يؤدي إنشاء مناطق آمنة إلى تعقيد الوضع حول اللاجئين». وأعرب بيسكوف عن اعتقاده بأنه «على الأرجح يتعين على الولايات المتحدة أن تدرس كل العواقب المحتملة لتلك الخطوة». في غضون ذلك، يبدو أن روسيا تسعى لاستغلال مناخات ما بعد مؤتمر آستانة، لتعزيز دورها في عملية التسوية السورية، حيث سيجري وزير الخارجية الروسي لقاءات في موسكو اليوم مع ممثلين عن «منصات» محسوبة على المعارضة السورية. الخارجية الروسية كانت قد أعلنت أن الغرض من اللقاء هو إطلاع ممثلي المعارضة السياسية على نتائح مفاوضات آستانة، غير أن وكالة «ريا نوفوستي» نقلت أمس عن مصدر من العاصمة الروسية تأكيده أن «الموضوع الوحيد على جدول أعمال اللقاءات هو تشكيل وفد مشترك من ممثلي المعارضة»، لكنه استبعد أن يجري خلال اللقاء مع لافروف، بحث مشروع الدستور الذي اقترحته روسيا على المعارضة في آستانة. تمثيل الأكراد وكانت روسيا قد وجهت في اليوم الأخير من مفاوضات آستانة، دعوة لجميع «منصات المعارضة السياسية» لزيارة موسكو، بهدف عقد لقاء مع الوزير لافروف. ونقلت «تاس» عن قدري جميل، رئيس حزب التحرير والتغيير - القريب من موسكو - قوله إن «منصات» موسكو والقاهرة وحميميم ستشارك في اللقاء مع لافروف. وأدرج جميل على القائمة منصة جديدة هي «منصة آستانة» دون أن يوضح مَن القوى التي تمثل هذه المنصة، لافتًا إلى أن ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي سيشاركون أيضًا. وكذلك وجهت روسيا الدعوة إلى «المجلس الوطني الكردي»، حسب قوله. وحسب مزاعمه فإن مسألة مشاركة المعارضة في جنيف، وتشكيل وفد مشترك «شأن خاص بالسوريين» سيجري بحثه في جلسة خاصة يشارك فيها ممثلو المعارضة فقط، وستجري بعد اللقاء مع لافروف. في هذه الأثناء واصلت القيادات الروسية حديثها حول «إنجازات آستانة»، مع تركيز على الدستور الذي أعده الروس لسوريا. وكانت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، قد أشارت خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي أمس إلى أن الأمر المهم بالنسبة لروسيا خلال محادثات لافروف مع ممثلي المعارضة السورية في موسكو هو «الحفاظ على ما تم إنجازه في آستانة»، حسب قولها. وحول مشروع الدستور الذي أعده خبراء روس، قالت زاخاروفا إنه «لا شيء يتم فرضه، وهي مجرد أفكار كي يبدأ الحديث حول هذا الموضوع. وعوضا عن حمل السلاح سيكون الدستور»، الأمر الذي وصفته بأنه «نقطة انطلاق للحوار، لتركيز جهود السوريين على مناقشة مشروع مستقبل بلادهم، عوضا عن الأحاديث الفارغة»، حسب قولها. وشددت المتحدثة على أن معظم ما يجري تداوله من بنود وفقرات مجرد تسريبات، ومعظمها لا يتوافق مع النص الذي عرضته موسكو على المعارضة. وبعد تكرارها عبارة أن «على السوريين أنفسهم تحديد بنية دولتهم»، أشارت زاخاروفا إلى أن «روسيا تدعم وحدة سوريا دولة علمانية ديمقراطية، تتمتع فيها كل الأقليات العرقية والدينية بحقوقها»، أما أن تكون «دولة لا مركزية، فيدرالية، أو كونفدرالية» فهذا أمر يقرره السوريون، حسب قولها، زاعمة أن الهدف من طرح مشروع الدستور على السوريين هو «تحفيز النقاش حول هذه المسألة». لا آثار ميدانية لآستانة بموازاة هذا الحراك السياسي، لم تتضح على الأرض بعد أي من معالم ما تم التوصل إليه في آستانة، لا سيما فيما يتعلق بمسألة تثبيت وقف إطلاق النار. إذ أكدت مصادر من وادي بردى أن النظام السوري صعّد هجمته صباح أمس الخميس، وتعرّضت المنطقة لقصف جوي ومدفعي عنيفين، بينما حاولت الميليشيات الطائفية الشيعية اقتحام المنطقة من عدة محاور. لكن الجانب الروسي عرض رؤية مغايرة تمامًا لما يجري في وادي بردى، إذ أكد ألكسندر بلينكوف، المتحدث الإعلامي باسم «مركز المصالحات الروسي» في حميميم، أن سكان منطقة وادي بردى بدأوا يعودون إلى منازلهم. وزعم في حديث للصحافيين يوم أمس أن «أكثر من ألفين و600 مقاتل من المنطقة ألقوا السلاح، وتمت تسوية أوضاعهم، بينما سيتم نقل من رفضوا العودة إلى الحياة السلمية إلى محافظة إدلب مع عائلاتهم». وادعى أن المدنيين يحصلون على مساعدات إنسانية، وأن «مقاتلين متطرفين رفضوا رمي السلاح، يحتمون في المناطق الوعرة، يطلقون النار من حين لآخر على المناطق السكنية ويعرقلون عودة المدنيين إلى منازلهم».
مشاركة :