«بشار: أنا أو الفوضى»

  • 1/27/2017
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

من هو بشار الأسد؟ الفيلم الفرنسي الذي «لا ينصح به لمن هم دون العاشرة»، حاول الإجابة عن هذا السؤال، بصعوبة بالتأكيد! رجل عصري خجول ومرتبك أم طاغية فاق والده بدمويته؟ مصلح ساذج تجاوزته الأحداث ولعبة بيد القوى الخارجية أم صاحب استراتيجية بسيطة: التشبث بالسلطة، ساحر بهيئته العصرية أم ...؟ إنه «شخصية يصعب النفاذ إليها»، يجيب عدد من الشخصيات السياسية التي لجأ إليها أنطوان فيتكين مخرج الفيلم الوثائقي «بشار، أنا أو الفوضى» الذي عرضته القناة الفرنسية الثالثة، لتحل اللغز وليحاول معها فك رموز «رجل لم يكن مهيأ للسلطة ويسعى للحفاظ عليها من دون أي وازع». من المشهد الأول الذي صور في دمشق قبل الحرب، يبدو الأمر معقداً للنفاذ لهذه الشخصية «المنيعة»، فهو واقعي لمن لا يعرف ومفتعل لمن يعرف! الرئيس يخرج مع زوجته إلى الأوبرا، يقود السيارة بنفسه ويضع حزام الأمان «حتى لا توقفه الشرطة»، كما تنبه الزوجة مازحة، يبدو كأنه «يعيش الحياة التي كان يجب أن يعيشها» (لولا أن أصبح على ما أصبح عليه) كما يستنتج صاحب الفيلم. يرسم الوثائقي في ساعة ونصف لوحة للأسد مرتبطة بالأحداث منذ وصوله إلى سدة الحكم «صدفة» وحتى اليوم وهو «يتابع سيطرته على بلد محطم». ويصوره على أنه «يملك باهتمامه الشديد بالصورة كل أساليب التواصل الحديث، لكنه يحكم بأسلوب موروث من عصور أخرى». وليحل لغز هذه الشخصية، استعان الفيلم بوثائق وتسجيلات وحوارات مع شخصيات غربية وسورية كانت مقربة من الأسد، وسرد بتسلسل واضح ومقنع كل ما يسمح برسم معالم الشخصية من كيفية الوصول للسلطة، انتهاء بقلب موازين الحرب، مروراً بالعلاقة مع الغرب وأثرها على الأحداث وعلى الشخصية نفسها. هذه العلاقة المتذبذبة منذ البدايات بين صلح وخصام مع الأسد، أبداها الفيلم جيداً كنوع من إلقاء المسؤولية على غرب رحب بالأسد حين قدومه وساهم في صعود قوته وإحساسه بالغرور لأمله فيه وفي قدرته على صد الإرهاب. وها هم اليوم وبعد ترحيب بقدومه، «فكيف لا نرحب بشخص يشبهنا إلى هذه الدرجة؟»، فقطيعة «لخيبتهم من وعوده»، ثم ترحيب فقطيعة بسبب قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فترحيب فقطيعة بسبب قمع الثورة الشعبية... ها هم اليوم بعد ست سنوات من حرب مفجعة في سورية يميلون إلى مواقفهم الأولى ضمناً وبعضهم علناً! فيلم مكثف وغني بالشهادات، لم يكن الهدف منه تصوير المأساة السورية بمقدار ما كان محاولة للتغلغل في شخصية المسؤول الأول عنها، ومرور سريع على ضعف وفرقة المعارضة السورية وأزمة اللجوء والهجرة والدمار السوري... وهو يخلص، ليس من دون أسف، إلى أن الرئيس السوري نجح بتحويل التمرد الشعبي الداخلي إلى مشكلة عالمية كما فعل والده في لبنان ليثبت أن الفوضى ستعم سورية من دونه وهذه هي الحال الآن.

مشاركة :