قال فضيلة الداعية د. عيسى يحيى شريف إنه في خضم ما يعيشه الناس في هذا الزمن من بهارج الدنيا وغرورها وما فيها من الملهيات والشهوات يغفل كثير من الناس عن التأمل والتذكر في يوم القيامة وما فيه من العبر التي جاءت في الآيات والسور. وأشار في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة إلى أن التأمل في يوم الدين فيه مزدجر للمسلمين، وعبرة للمعتبرين وموعظة للعالمين، مضيفاً إن جاء في نصوص الوحي آيات وأحاديث كثيرة وكثيرة فيها الخبر عن اليوم الآخر، وفيها المواعظ والزواجر. وأضاف: لقد نزلت سور من القرآن تتسمى باسم يوم القيامة الذي تعددت أسماؤه وكثرت أوصافه وكثرة الأسماء لمسمى واحد دليل على عظمته وجلالة شأنه، فسورة اقتربت الساعة والواقعة والتغابن والحاقة والقيامة والتكوير والانفطار والانشقاق والغاشية والزلزلة والقارعة سور تسمت باليوم الآخر. وتابع: ومع ذلك يغفل الغافلون، بل إن سورة الفاتحة والتي يقرؤها المصلون في كل ركعة من الفرائض والنوافل فيها قوله تبارك وتعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). وتساءل خطيب مسجد علي بن أبي طالب: أين نحن من التأمل في هذه الآية المتكررة على أسماعنا أوقاتاً كثيرة في اليوم والليلة، هل تأملنا في هذه التي تتحدث عن يوم الدين وما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله. وبين أن يوم الدين سمي بهذا الاسم لأن الناس يدانون فيه بأعمالهم أي يجازون بأعمالهم (أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) أي لمجازون بأعمالنا، (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ *يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ* الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ *يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) أي أنذر الناس وأبلغهم عن أن يوم القيامة أزف أي اقترب. وأوضح أن يوم القيام إذا جاء فإن قلوب العباد تتعلق بحناجرهم من شدة الهرع والخوف، وهم ممتلئون هماً وغماً، ما للظالمين من قريب ولا صاحب يسمع كلامه ولا قبيلة ولا جيش يدفع عنهم العقاب. الأخذ من حسنات الظالمين.. والرد للمظلومين وقال إن يوم القيامة سمي أيضا بيوم التغابن لأن الظالمين تأخذ حسناتهم كلها وتوضع ليهم سيئات المظلومين فيحصل الغبن للظالمين فإذا بهم مفلسون، وفي الحديث: (المفلس من يأتي بحسنات ولكنه ظلم هذا وأخذ مال هذا ولطم هذا فيأخذ من حسناته فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم وطرح عليه ثم طرح في النار). وتابع: يسمى اليوم الآخر بيوم الطامة ويوم الصاخة ويوم التناد ويوم الحسرة ويوم الحساب، موضحا أن الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان لا يصح إيمان العبد إلا بإيمانه بكل أركان الإيمان ومنها الإيمان باليوم الآخر. وذكر أنه يلزم من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما يكون فيه مما أخبر الله به من الميزان والصراط والجنة والنار، مضيفا ان إذا ترسخ ذلك في قلب وذهن المؤمن سارع في الأعمال الصالحة وأخذ كامل حذره من الأعمال السيئة. وأضاف: لقد ذم الله الغافلين عن اليوم الآخر فقال: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) وأثنى الله على المؤمنين لأنهم يقولون: (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا *فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا *وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا *مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا). ونوه الخطيب بأن الظالمين في التغابن والحسرات والعرصات والويلات والمؤمنون يمر عليهم كوقت صلاة مكتوبة أو كقيلولة وصاحب الصدقة في ظل صدقته حتى يُقضى بين العباد.;
مشاركة :