الصعود إلى قمة المجد لا يمكن أن يأتي دون استراتيجية مقنعة تحدد سقف طموحها الذي يتصاعد لحظة بلحظة نحو سلم المنافسة وبناء فريق قادر على إثبات وجوده، وهذا ما لمسته من نصر فيصل بن تركي في مرحلته الأولى تمهيدا للمرحلة الثانية، التي بدأ النصر فيها العودة إلى النهائيات والمنافسة حتى لو لم يأخذ بطولة كما في العامين الماضيين، وصولا إلى المرحلة الثالثة التي أعلن فيها النصر عن نفسه بقوة كفريق بطل غني بالنجوم الذين يمنحون أي فريق يوجدون فيه الثقة والطموح وكاريزما الصيت والشهرة التي تملأ الوسط الرياضي وتشغل متابعيه. هذه الاستراتيجية النصراوية الواقعية كانت محل انتقاد دائم من الجماهير ووسائل الإعلام التي تبحث فقط عن البطولات بأسرع وقت وبأي شكل كان، لكن إدارة الأمير فيصل بن تركي ظلت متمسكة بتخطيطها المتصاعد لا تسمع ولا ترى غير ما هو مرسوم ومخطط له، حتى لو أدى ذلك إلى كبش فداء مؤقت كان من أبرز ضحاياه عامر السلهام نائب الرئيس والقريني إداري الفريق، مع أنهما من صناعه. لكن هل يمكن أن أقول إن النصر الذي أشرقت أرقامه القياسية على مدار هذا العام، وبدت بكل وضوح في رئيسه الذي أبهر الجميع بقيادته وميزانيته القياسية وصوته الإعلامي المتزن، ونائبه الخبير، وجهازه الإداري الصامت، ولاعبيه الذين لفتوا الأنظار لنجوميتهم، وبقيادة كارينيو الذي قدم معه النصر كرة جميلة يستسيغها المنافس قبل المحب، وجماهير عاشقة خلف كل هذه المنظومة المبدعة ترسخ التشجيع الحضاري الأجمل والأروع في ملاعب الكرة.. هل يمكن بعد كل هذه الجمل المنسجمة الغنية بكل حروف التألق وأرقام الإبداع أن أقول إن النصر بات بالفعل على مقربة من المرحلة الأهم المتمثلة في ترقية هذا الجيل المبدع والطموح إلى "العالمية الثانية"، التي تزهو بالنصر من جديد في بطولة الأندية مع فرق أخرى عالمية من دول عديدة. الإجابة بكل تأكيد لدى صانع النصر الجديد الأمير فيصل بن تركي، فهو تعهد بأن يجعل النصر أفضل فريق في آسيا بعد انتهاء فترة رئاسته، وهذا حلم مهره كبير جدا ومتطلباته تحتاج إلى استراتيجية طموحة وعمل منظم واستقطاب للشركات والمؤسسات الراعية، ولا يمكن أن يكون الحلم مستحيلا مع رئيس لم ينس صناعة نصره بالصفقات تلو الصفقات، حتى وهو يقطف ثمار نتائجه القياسية بالتعاون ليلة التتويج الكبيرة التي كانت ملحمة صفراء تتطلع بكل شوق لاستراتيجية جديدة تضع في اعتباراتها البطولة الآسيوية والعالمية الثانية.
مشاركة :