قلق تونسي من عواقب اتفاق للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي بقلم: رياض بوعزة

  • 1/30/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قلق تونسي من عواقب اتفاق للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي حذر محللون من الانعكاسات السلبية لاتفاقية التبادل التجاري الحرّ الشامل والمعمّق (أليكا) التي تطمح تونس لإبرامها مع الاتحاد الأوروبي، على الاقتصاد التونسي، رغم اقتناع الحكومة بأنها خطوة ضرورية لتعزيز النمو عبر الاندماج أكثر في السوق الأوروبية. العربرياض بوعزة [نُشرفي2017/01/30، العدد: 10528، ص(11)] المتضرر الأكبر تجدد الجدل في الأوساط الاقتصادية التونسية حول الجدوى من إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاقية للتبادل التجاري الحر الشامل والمعمّق، وسط تحذيرات من أنها يمكن أن تقوّض الأساس المادي لأبرز ديمقراطية ناشئة في المنطقة العربية. ويأتي مشروع الاتفاقية الذي حصلت “العرب” على نسخة منه، كامتداد لاتفاقية التبادل الحر والشراكة التي أبرمتها تونس مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995 حيث كانت تونس أول بلد جنوب البحر المتوسط يوقع مثل تلك الاتفاقية. وينقسم المحللون بين التشاؤم والتفاؤل، حيث يرى المنتقدون أن تونس لم تتمكن من تعديل ميزانها التجاري المختل مع أوروبا، بعد أن خسرت موازنة الدولة خلال السنوات الست الأخيرة بسبب الاتفاق نحو 30 بالمئة من الإيرادات ودفعتها إلى المزيد من الاقتراض الخارجي. وقال الخبير التونسي سامي العوادي إن “أهم تحد يواجه تونس اليوم يتمثل في عدم قدرة الاقتصاد على تعزيز موقعه كشريك حقيقي مع أوروبا”، مشيرا إلى أن الاتفاق يحمل تحديات حقيقية للقطاعات الحساسة. ويشمل الاتفاق تحرير قطاعي الزراعة والخدمات اللذين كانا خارج إطار التبادل الحر، وهذا الوضع سيمكّن الشركات الأوروبية من منافسة المنتجين المحليين في مجالات إستراتيجية مثل الغذاء والصحة والبنوك والطاقة وغيرها. وأكد العوادي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية خلال ندوة عقدت في العاصمة تونس لعرض دراسة “التنمية من خلال التبادل الحر” أعدتها مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية الجمعة الماضي، أن “هناك تباينا صارخا؛ العملاق الأوروبي يتفاوض مع القزم الاقتصادي”، في إشارة إلى تونس. فيرنر روف: مبادئ التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي كبدت تونس خسائر فادحة وتندرج المفاوضات الجديدة في قطاع الفلاحة على وجه التحديد في سياق توصيات قديمة للمؤسسات المالية الدولية حيث أشارت دراسة للبنك العالمي في عام 2006 إلى “التخلي عن الزراعات غير الرابحة مثل القمح وتربية الماشية”. وحاولت تونس في عام 2014 إطلاق مفاوضات في هذا الشأن، لكنها تراجعت في أعقاب ضغوط داخلية، لكن في أكتوبر 2015 أطلقت الحكومة التي كان يرأسها الحبيب الصيد آنذاك المفاوضات رغم العواقب التي يعتبر الخبراء أنها ستكون وخيمة على اقتصاد البلاد. وبدأت الجولة الأولى من المفاوضات في أبريل الماضي، حيث شملت أساسا تحرير القطاع الصناعي عبر تحرير التعرفة الجمركية على المنتوجات الصناعية، لكن دون تفويض رسمي من البرلمان. وقال الخبير الاقتصادي الألماني فيرنر روف، أحد معدي الدراسة، خلال مداخلة له في الندوة إن “مبادئ التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي كبدت تونس خسائر فادحة بعد التخلي عن التعرفة الجمركية”، مؤكدا أن هذه العائدات لم تعد متوفرة للاستثمار في البنية التحتية. وأكد أن الأسباب الحقيقية لاندلاع انتفاضة يناير 2011 لا تزال موجودة وتعمقت أكثر. وأشار إلى أن “الظروف المعيشية للأغلبية الساحقة من التونسيين، لم تتحسن خاصة في جنوب وغرب البلاد. المطالبة بحياة كريمة تبدو صعبة تحت النظام الاقتصادي الليبرالي الجديد”. ويشدد الخبراء المعارضون للاتفاقية على ضرورة البدء بتقييم نتائج اتفاق الشراكة المبرم قبل 22 عاما بين الطرفين خاصة مع اختفاء نحو 55 بالمئة من الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة التي تمثل القطاع، وقد تسبب هذا الاختفاء في فقدان قرابة نصف مليون تونسي لوظيفته. وقال الخبير الاقتصادي التونسي عبدالجليل البدوي، خلال مداخلة له في الندوة، إن “هناك ضرورة تدعونا إلى تقييم الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي منذ عام 1995 وتقييم مشروع الاتفاق الجديد وتحديد احتياجات الاقتصاد التونسي وتطوير نموذج جديد للتنمية وذلك قبل الانطلاق في المفاوضات بشكل رسمي”. ومن القضايا التي تثير القلق من الاتفاقية ما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكريّة حيث يطالب الأوروبيون بالمصادقة على قوانين تحمي براءات اختراع شركاتهم وتمنع نسخها، كما ورد في مسودة الاتفاقية. وسيكون من بين المتضررين من حماية حقوق الملكية، شركات صناعة الأدوية التونسية؛ إذ قد تفضي الاتفاقية إلى تهديد حقوق المرضى في تناول الأدوية المثيلة، والتي تعتمد عليها منظومة التأمين الصحي في البلاد بشكل كبير، نظرا لارتفاع أسعار البعض من الأدوية الأصلية التي يتم استيرادها. وكشفت وثيقة وقعت عليها الجمعية التونسية لمقاومة الأمراض المعدية والتحالف الدولي من أجل ضمان العلاج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل أشهر، أن الأوروبيين وقعوا اتفاقيات مشابهة تطالب بتمديد براءة الاختراع إلى أكثر من عقدين. وتقول الحكومة إن المفاوضات مع الأوروبيين ستكون على مراحل وقد تدوم سنوات، وأنها ستؤخر التفاوض حول كل ما من شأنه أن يضر بمصالح تونس. وتعد الدراسة التي أعدتها مجموعة من المختصين في الاقتصاد بعنوان “التنمية عبر التبادل الحر: رهانات أجندات الليبرالية الجديدة للاتحاد الأوروبي في بلدان شمال أفريقيا”، من نتائج أعمال ملتقى دولي عقد أواخر 2015. :: اقرأ أيضاً أوراق أميركية وتركية لتخفيف آلام البريكست البريطاني مقاييس جديدة للأمن الإلكتروني لإنقاذ شركات التأمين معرض توظيف أبوظبي بوابة مثالية للكفاءات الإماراتية قمتان تناقشان تحديات الشحن البحري والنفط والغاز

مشاركة :