سيد حجاب .. عزف بشعره على وتر وجدان الوعي الشعبي

  • 1/30/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

توفي عن عمر يناهز 77 عاما، شاعر العامية المصري سيد حجاب، وذلك بعد أن أثرى الحياة الشعرية والغنائية بالعديد من ابداعاته مؤلفاته، حيث عزف بشعره على وتر الوعي الشعبي، وجعل من ثقافة العامة ملحمة شعرية رائعة، وعلى يديه تطوّر الزجل وعانق اللحظة الشعرية في صفاء لغوي نادر، كما كان له دوره البارز في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في مصر، ليكون أحد أهم الشعراء الذين شكّلوا الوجدان المصري. كتب الشاعر الراحل في وصيته، “ولما أموت، لو مت ع السرير ابقوا احرقوا الجسد، ونطوروا رمادي ع البيوت، وشوية لبيوت البلد، وشوية حطوهم في إيد ولد، ولد أكون بُسُته .. ولا أعرفوش، ولو أموت.. قتيل – وانا من فتحة الهويس بافوت، ابقوا اعملوا من الدما حنة، وحنوا بيها كفوف عريس، وهلال على مدنة، ونقرشوا بدمي، على حيطان بيت نوبي تحت النيل – اسمي”. كتب حجاب، الذي وُلد بقرية المطرية بمحافظة الدقهلية، أول قصيدة في عمر أحد عشر عاما، وكانت بمناسبة ضرب بورسعيد، واستمر لفترة طويلة يكتب بالفصحى ويقرض الشعر العمودي، إلى أن انصرف إلى كتابة الشعر العامي المصري، ومن أبرز إصداراته الشعرية، ديوانه الأول “صياد وجنية”، و”قصائد الطوفان، والسلم والكرسي”، ويعتبر الكثير من الشعراء تجربة سيد حجاب، واحدة من أهم التجارب التي فتحت باب التجديد في نص العامية المصرية بعد ما شهدته من انغلاق صعب بعد تجارب مؤثرة ورائدة. كما يعد سيد حجاب من أبرز الشعراء المصريين في تقديم الأغنية، فقد غنى كلماته كبار المطربين، أمثال: عفاف راضي وعبدالمنعم مدبولي وصفاء أبو السعود، وكتب العديد من الأغاني لفريق الأصدقاء في ألبومها، ثم أتبعه بألبومين هما “أطفال أطفال” و”سوسة”، بعدها لحن له بليغ حمدي أغنيات لعلي الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضي، وقدم معه الحجار “تجيش نعيش”، وكتب لمحمد منير في بداياته أغنية “آه يا بلاد يا غريبة”، ثم كتب العديد من فن “الأوبريت” والفوازير المصرية لشريهان وغيرها بجانب الكثير من تترات الأعمال الدرامية شديدة التميز لمسلسلات مختلفة، منها: “أرابيسك – العائلة – الليل وآخره – أميرة في عابدين- بوابة الحلواني”. الشاعر الراحل سيد حجاب من بين أكثر أبناء جيل الستينات ثقافة وارتباطا بالحراك السياسي، فبدأ حياته العامة في أشبال الدعاة بجماعة الإخوان المسلمين، وكان أحد المتميزين بين أقرانه، يلقي خطبه شعرا، ثم انتقل إلى حزب مصر الفتاة، تحول بعد ذلك لاعتناق الماركسية في سنّ مبكرة، واعتُقل حجاب عام 1966، بعد أن بدأ المشاركة الفعلية في الحياة العامة، واستمر حجاب في رفضه للنظام الرأسمالي ومعارضته، فشارك بقوة في ثورة 25 يناير 2011، كما كان دوره مؤثرا في الحشد لاحتجاجات 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي، وتم اختياره للمشاركة في كتابة ديباجة الدستور المصري عام 2014. كان للراحل سيد حجاب أقواله الخاصة في القضايا الشعرية والثقافية، حيث كان يرى أهمية الشعر الشفهي، معتبرا التواصل هو أساس أي إبداع خاصة في الشعر، كون أن الشعر في الأساس شفاهي، يعتمد على الإلقاء وكيفية قول ونطق المعاني، أما التدوين فقد تم بالكتابة بغرض حفظ المعاني، كما أكد أن الشعر يجب أن يواكب متطلبات العصر، مع مراعاة الذوق العام والمغزى من الدراما أيا كان سياسيا أو تاريخيا أو اجتماعيا. كثيرا ما عبر حجاب عن حبه وتقديره للأدب الغربي، قائلا: “أنا عاشق للأدب الأجنبي وخاصة الأدب الإنجليزي، فقد قرأتُ من أول شوسر وشكسبير إلى توماس واليوت، كما قرأتُ الكثير من أشعار وهومي روس وفيرجل، وصولا لـ نيرودا ولوركا”. اعتبر حجاب الستينيات عصر الغناء الذهبي في مصر، وكان هناك مشروع وطني ولكننا فقدناه، وتراجعت القوى الناعمة لمصر، وظهر الغناء الذي كان يموت قبل أن يُغنى، مما أدى إلى تراجع دور الفن خلال السنوات الماضية ومن ثم دور مصر الفني والثقافي. وعن دور المثقف والثقافة، اعتبر حجاب أن المجتمع وصل إلى قاع التردي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وهذا ما يجعل بلادنا في حاجة ماسة إلى نهضة جديدة يقودها المثقفون، وتكون الثقافة والأخلاق محورها، قائلا: “الوسط الثقافي المصري في حاجة إلى إعادة بناء لقدراته، والتواصل مع فئات وطبقات الشعب المختلفة، وعلى الدولة أن تضع قدراتها في أيدي المثقفين حتى تستعيد القوى الناعمة دورها، وتستعيد مصر دورها الريادي في المنطقة”. كان شديد الحب للقاهرة حيث كتب عنها: “القاهرة.. الآسرة الهادرة الساهرة الساترة السافرة.. هنا القاهرة.. الزاهرة العاطرة الشاعرة النيرة الخيرة الطاهرة.. هنا القاهرة.. الصابرة الساخرة القادرة المنذرة الثائرة الظافرة.. هنا القاهرة.. صدى الهمس في الزحمة والشوشرة”. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

مشاركة :