اتفق في قمة المنامة على تكليف الكويت بإيصال رسالة إلى طهران تتعلق بحوار خليجي - إيراني محدد ومشروط يعتمد على أسس واقعية كعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول، كما أوضح ذلك نائب وزير الخارجية الأخ خالد الجار الله في لقاء مع الصحافة. ومع أن مضمون الرسالة غير معروف إلا أنني أتصور أنها رسالة تحمل مضامين إيجابية تعبر عن رغبة مجلس التعاون في إقامة علاقات مبنية على المصالح المشتركة مع إيران تستند على تفاهمات تؤدي لتعزيز الاستقرار في الإقليم، وإبعاده عن شبح الحروب والتدخلات الدولية. وهي رسالة إخاء وتعاون تشكل مبادرة من مجلس التعاون للتأكيد على دور إيران في استتباب الاستقرار والسلام في الإقليم، وفي معالجة الكثير من الملفات العالقة بينه وبين دول مجلس التعاون. أقول ذلك وكلنا يعرف أن العلاقات الخليجية ـ الإيرانية مرت بمنعطفات مختلفة على مدى سنوات طويلة تباينت باختلاف الأوضاع، والاتجاهات السياسية، والمتغيّرات الدولية. ففي عهد الرئيس السابق خاتمي كان هنالك تقارب أخذ أشكالاً متعددة، وعكس الأمل في حدوث نقلة نوعية مؤثرة تؤسس تعاوناً وتكاملاً وسط تفاعلات دولية لم تكن مريحة آنذاك.. ومع ذلك، أزيح الكثير من الغبار الذي عم أجواء التعاون والمصالح المشتركة بين إيران ودول المجلس استناداً إلى اعتبارات الأخوة الإسلامية، والبعد الحضاري، والجوار الجغرافي، والميراث الثقافي والعلمي، والمصالح المتبادلة وغيرها من عوامل هي أقوى من تلك التي تعتمد عليها الأمم الأخرى والتي تشكل اليوم نظاماً إقليمياً يسوده مختلف الروابط والمواثيق الداعمة لقوتها ووجودها وتأثيراتها في الساحة الدولية. لقد كان عهد خاتمي منفتحاً أراد محاكاة العصر وتجاوز رواسب الماضي، والرغبة في حل الخلافات أو المسائل العالقة مع دول مجلس التعاون تماماً مثلما كان يسعى رفسنجاني المعتدل الذي اتسم عهده أيضاً بالعمل على توثيق علاقة إيران بدول مجلس التعاون، وبالدول العربية مما حفز الدول الخليجية والعربية على الحضور المكثف، وعلى أعلى مستوى للمؤتمر الإسلامي في دورته الثامنة التي عقدت في عام 1997 في إيران، فكان النجاح الكبير لهذا المؤتمر. لهذا، وفي ضوء المتغيرات السياسية السريعة في العالم، والتهديدات الموجهة لدوله سواء كانت تدخلات الدول الكبرى أو أعمال التخريب المتعمدة من الإرهابيين لزعزعة استقرار العالم فإن هذه المتغيرات وغيرها تدعو إيران أن تبادر في اتخاذ خطوات إيجابية نحو تعزيز علاقاتها بدول الجوار، وبالذات مع دول مجلس التعاون التي تربطها بها علاقات تاريخية معروفة. فإذا كانت المبادرة الخليجية تدعو إلى حسن الجوار، واحترام سيادات الدول، وتقوية المصالح المشتركة فإنها بلا شك عوامل لا اختلاف عليها، وهي ضرورية لتحفيز كل الأطراف على السير في التفاهمات التي توثق العلاقة وتوطد حسن الجوار، وتشجع أيضاً تعزيز الثقة والحرص على سلامة وأمن المنطقة. لا شك إن أمن الخليج يحتاج إلى ترتيبات مشتركة وإرادة سياسية واضحة، والتخلص من رواسب الماضي، وإدراك أهمية العلاقة الاستراتيجية وليس الظرفية، فمن دون هذه الحقائق على الأرض تظل إيران ودول الخليج أمام تهديدات وتدخلات دولية وإرهابية لا يصب في مصالحها المشتركة، خصوصاً وأن المطالبة الدولية بإحداث تحولات إيجابية في الشرق الأوسط أصبحت تلقى تبعات كبيرة على دول المنطقة تستدعي المزيد من التعاون والتضامن بين دوله.. yaqub44@hotmail.com
مشاركة :