قبل قرن من الزمان... كنت بضيافتهم - مقالات

  • 1/31/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من السيطرة العثمانية على المشرق العربي نحو 400 عام، إلا أن العرب لم يكونوا على خلاف دائم مع العثمانيين في المراحل الأولى من سيطرتهم على المشرق العربي. ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، انتشرت حركة النهضة العربية وحركة التنوير العربية والتي كان لها دور كبير في إعادة التفكير في العلاقة بين العرب والعثمانيين، وكذلك عملت النهضة العربية على إعادة إحياء الثقافة العربية وإنقاذ اللغة العربية بعد سياسة التتريك التي عملت عليها الدولة العثمانية في ذلك الوقت. وامتدت النهضة العربية لتشمل مناطق واسعة من العالم العربي حاملةً معها مبادئ الحرية والعدالة والمساواة؛ إذ تأثر منادو النهضة العربية بالفكر الأوروبي آنذاك وبأفكار الثورة الفرنسية، وساعد على قيام تلك النهضة نمو الأفكار القومية العربية ونشأة الأحزاب والجمعيات السياسية والتأثر بالفكر الأوروبي وكذلك الوقوف ضد سياسة التتريك التي انتهجتها الدولة العثمانية في ذلك الوقت. وبالتالي، فقد تم إيجاد الوعي الكامل عند العرب بضرورة التحرر والاستقلال والتخلص من الهيمنة العثمانية والتي تحولت إلى اضطهاد العرب وقتل أحرارهم في الساحات العامة. وصل اضطهاد العثمانيين للعرب حداً لا يطاق خصوصاً مع تولي حزب الاتحاد والترقي مقاليد الحكم في الدولة العثمانية عام 1908. وبالمقابل بدأ تفكير أحرار العرب وعلى رأسهم الشريف الحسين بن علي «شريف مكة»، بضرورة التخلص من السيطرة العثمانية على العالم العربي والانتقال إلى الدولة العربية الموحدة والمطالبة بالتحرر والاستقلال وبناء المملكة العربية الموحدة في سورية الطبيعية أو سورية الكبرى (سورية، الأردن، لبنان وفلسطين) وبالتالي التخلص من الحكم العثماني الذي يضطهد العرب ويمارس سياسة العنف والقتل ضدهم. وعلى الرغم من التفكير العربي بضرورة التخلص من العثمانيين بعد أربعة قرون من الحكم والسيطرة عليها وعلى مدخراتهم؛ إلا أنه لم تكن للعرب أي قوة عسكرية كافية يمكن أن يواجهوا بها أعداءهم من العثمانيين؛ ولأن الدولة العثمانية دولة قوية وامبراطورية عظمى في العالم في ذلك الوقت، فهي تحتاج لقوة عظمى مضادة حتى تقف بوجهها وتنتصر عليها، ولذلك فقد تم التفكير بضرورة البحث عن حليف قوي يستطيع العرب بمساعدته من التخلص من العثمانيين وبناء دولتهم المنشودة ونيل الحرية والاستقلال. شعر العرب بأنه لا بد من القيام بتحرك عسكري ضد الدولة العثمانية يمنحهم التحرر والاستقلال وبناء الدولة العربية الموحدة وبالفعل فقد قام أحرار العرب بالتواصل مع الشريف الحسين بن علي من أجل قيادة الثورة العربية الكبرى. وفي ذلك الوقت اشتعلت الحرب العالمية الأولى وكانت الدولة العثمانية أحد الأطراف الفاعلة فيها، وذلك من خلال تحالفها مع دول المحور ضد دول الحلفاء (بريطانيا، فرنسا وروسيا) وبالتالي فقد وجد العرب بأن هناك مَنْ سيدعمهم ويساندهم في حربهم ضد العثمانيين، وبالتالي كان هناك تلاقي مصالح بين العرب وبريطانيا. وعلى الرغم من تحالف الدول العربية مع بريطانيا وحلفائها في الحرب العالمية الأولى، إلا أن تلك الدول لم تضع مصالح العرب في أولوياتها، بل منحت أعداء العرب الكثير من المميزات، حيث كان وعد بلفور يجسد تلك السياسة التنكرية للعرب. والآن بعد قرن من الزمن بدأت تركيا تشهد تحولاً واضحاً في سياستها العامة اتجاه العرب والمسلمين، خصوصاً بعد أن تقلد حزب العدالة والتنمية ذو الطابع الإسلامي مقاليد الحكم، حيث بدأت تركيا الحديثة تتلاقى مع المسلمين في الكثير من القضايا التي يتعرضون بها للاضطهاد في مناطق مختلفة من العالم، وتقف مدافعة عنها، وربما يعيد ذلك إلى الأذهان عودة التآلف والروح الإسلامية الموحدة والمصير المشترك في ظل سياسة العداء ضد الإسلام والمسلمين التي تتبعها دول غربية، سواء كان المسلمون يمثلون دولا أو أقليات في مجتمعاتهم. ولا يفوتني في الختام، أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى منتسبي وزارة الثقافة الأردنية الذين أعادونا إلى مئة عام لنشهد ولادة الثورة العربية الكبرى في مدينة العقبة التي كانت موطنا لانطلاق الرصاصة الأولى للملحمة العربية، وأخص بالشكر الأمين العام الدكتور أحمد راشد، والصديق العزيز الدكتور جمال الشلبي، وأستاذتنا الفاضلة الدكتورة هند أبو شعر على فكرتها العظيمة لإنشاء مركز علمي يضم كل ما كتب عن الثورة العربية الكبرى أو قيل عنها من خلال الكتب وصحف العالم أجمع، كما أشكر من اصطحبنا من موظفي وزارة الثقافة وأخص عراب الرحلة عبد الهادي وجميع مَنْ ساهم في إنجاح المؤتمر من أساتذة وباحثين وأعيان مدينة العقبة. mnawr@yahoo.com

مشاركة :