كان العام 1968 عندما قابلته أول مرة، وقد كنت بسن المراهقة في ذلك الوقت، وكان للتو قد عاد من جبهة الجولان أثناء حرب الاستنزاف، حيث كان يرابط لواء اليرموك من الجيش الكويتي، وكان في إجازة قصيرة وبعض زملائه لزيارة زملائهم بالقاهرة، بينما كنت مع والدي رحمه الله، وسمعت محمد البدر وهو يحكي لنا بعض تفاصيل ما يحدث في الجبهة، بحماسة وحزم ومحبة لعمله بالدفاع عن مصر العزيزة، بعد هزيمة 1967 الغادرة.وقابلت محمد البدر للمرة الثانية في أواخر العام 1990، وقد كنت وبعض أصدقائي من العسكريين نبحث عنه لغرض عسكري، فقيل لنا: «تجدوه يقود دراجة هوائية، بين مناطق النزهة والشامية والعديلية..»، وبالفعل وجدنا رجلاً كبيراً بالسن نسبياً، يقود دراجته الهوائية وهو يلبس ملابس مدنية، كان يتنقل بين المناطق يتصل بمجموعات المقاومة، لتوجيهها والتنسيق معها وإيصال الأخبار والنقود لها.وقابلته بمجلس الوزراء في العام 1993 أو 1994 بمنطقة الصليبيخات آنذاك، حيث كُلف بمشروع إزالة التعديات من مخلفات الغزو، ثم التعديات على أملاك الدولة من المخالفين، فاشتهر بين الكويتيين أنه رجل مخلص للوطن، حفظ هيبة القانون دون محاباة أو مجاملة.وقد كنت صغيراً عندما سمعت والدي يتحدث عن صلابة وبسالة محمد البدر، أثناء أزمة تهديد عبد الكريم قاسم عام 1962، حيث كان والدي من بين المتطوعين على الجبهة، حينما تطوع العديد من الكويتيين المدنيين، للدفاع عن أرض الوطن.كان محمد البدر رحمه الله عسكرياً محنكاً ذا خبرة وبسالة منقطعة النظير، وهو مثال لرجالات الكويت المخلصين في مجالاتهم، كان رجل دولة يعتمد عليه، لا يُهادن ولا يُساوم على حب الكويت، ولا يريد عنه بديلاً لا مالاً ولا دعاية، مثله مثل رجال الكويت، الذين بنوا الكويت الحديثة، وساهموا برفعتها وعزتها ومكانتها.وقبل يومين وبعد وفاة البطل، قرأت خبراً في الصحف الكويتية عن عسكري شاب، كان يرقص مخموراً قبض عليه في شارع البلاجات بلباسه العسكري، فشتان بين هذا العسكري الشاب والفريق محمد البدر، الذي رحل وهو يحترم لباسه العسكري، ويحترم واجباته تجاه وطنه وشعبه.osbohatw@gmail.com
مشاركة :