أعتقد بأن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، سينجح نجاحاً منقطع النظير في فترة حكمه وولايته، على عكس معظم التوقعات التي تعتقد بصعوبة ذلك، حتى لو قرر بناء جدار مع جيرانه وطرد المقيمين بصورة غير شرعية، وهذا أمر في غاية الصعوبة حيث تجاوز عددهم الـ 10 ملايين شخص، وأولادهم أصبحوا أميركيين. لقد أعلنت 50 مدينة أميركية التمرد على طرد اللاجئين، وذكر رئيس شرطة لوس أنجليس أن الشرطة «لن تساعد ترامب لو قرر المضي قدماً في خطته بترحيل المهاجرين غير الشرعيين». يعني الأمر سيكون في غاية الصعوبة. وكذلك أن الإدارة السابقة كانت غير حازمة في الكثير من الملفات الكبيرة التي كانت تحتاج لقرارات جريئة، مثل الأزمة السورية حيث كان التردد سيد الموقف. لذلك أي جهد سيبذل من قبل الرئيس الجديد الذي لم يمارس العمل السياسي مهما كان صغيراً، ستكون آثاره واضحة، فبمجرد ايجاد منطقة آمنة للسوريين لحمايتهم من قصف الطيران، هذا بحد ذاته سيحسب للإدارة الجديدة. وترامب تاجر وابن سوق، وهو يعرف الأمور الإستراتيجية بشكل جيد وما الأمور التي سيعطيها أهمية من عدمها. لا تنظروا إلى تصريحات الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة، ولكن انظروا إلى أفعاله، وهي في الغالب ستكون لمصلحة بلاده والاقتصاد العالمي الذي ما زال يعاني من مشاكل كبيرة، حيث سيركز على البناء الداخلي والاهتمام بالبنية التحتية والتعليم والوظائف... ولا يعني انزواء أميركا على نفسها سيؤثر على مكانتها، وإن أثر فهناك «المارد الصيني» قادم بقوة ليقود العالم من جديد، لأنها أمم جادة تقوم بعمل دؤوب. سياسة اللامبالاة السابقة جلبت العديد من الكوارث على العالم، حيث شاهدنا العمليات الإرهابية تضرب بعض الدول الأوروبية والعربية، ومعظم العمليات تحمل بصمات «داعش» الذي استباح العراق وهجر أهله بطريقة فجة، وهو تنظيم انتشر مثل السرطان في جسم العالم العربي، نتيجة عدم إيجاد حل للقضايا الكبيرة، مثل البطالة وإيجاد فرص وظيفية حقيقية والاهتمام بالتعليم الجيد. ما حصل في سورية خلال السنوات الخمس الماضية، يعتبر أسوأ كارثة مرت على البشرية على الإطلاق، بسبب تردد الإدارة الأميركية السابقة في إيجاد حل إنساني يحفظ الأنفس البشرية من القتل والتشريد، حيث تبين في ما بعد أن الأزمة السورية كانت الحاضنة لنمو تيارات التطرف - مع كل أسف - التي ملأت العالم خوفاً ورعباً. كانت وعود أميركا خلال السنوات الماضية دائماً مع حق الشعب السوري في تحديد مصيره، لكنها تركته يواجه مصيره لوحده وحرمته من كل شيء حتى حق الدفاع عن نفسه. وما حدث في العالم العربي خلال السنوات الماضية، يبين بوضوح أننا إن لم نخطط لأنفسنا فسيرسم لنا الآخرون خططهم وسنسير عليها. يجب أن نتعلم من التجربة التي حدثت مهما كانت قاسية وصعبة على نفوس الكثيرين، لأن التجربة كفيلة بتقديم معلومات لا نتعلمها بشكل عشوائي. المهمة التي أمامنا لبناء أوطان متسامحة قادرة على التعايش، أمر في غاية الصعوبة، لكنها ممكنة إذا قررنا ذلك، وأن نفتح صفحة جديدة ونطوي الماضي الذي دائماً ما نستشهد به للدلالة على كراهيتنا للآخرين. يقول جودت سعيد: «إذا كان لي من نصيحة أثيرة أقدمها للشباب الذين تعلق الأمة عليه آمالها، فهي أن يتطلعوا الى مصادر للعلم غير المصادر التي كنا نستقي منها، لأن المصادر التي أخذنا منها العلم لم تعطنا إلا ما يشاهدون من نتائجه المرئية الملموسة التي تمس جلودهم وضمائرهم». akandary@gmail.com
مشاركة :