بصرف النظر عن رأي أيِّ واحدٍ منا في الأوامر التنفيذية التي وقعها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب المتعلقة بالأجانب الراغبين في القدوم إلى الولايات المتحدة أو المقيمين بها فإن هذه الأوامر هي واقعٌ يجب أن نتعامل معه بكل اهتمام وحذر، وبخاصة طلبتنا المبتعثين الذين يواصلون دراستهم في أمريكا. فمن الواضح أن أمريكا تشهد تغيرات جذرية تطال المهاجرين والمقيمين الأجانب، وقد يكون القادم أشد وطأة إذا كانت التصريحات التي يدلي بها الرئيس الجديد بكل حماس ستجد طريقها إلى التطبيق. سوف يكون المقيمون الأجانب، وبخاصة المسلمون والعرب، تحت المجهر من بعض الأجهزة الأمنية الأمريكية، وهذا ليس جديداً، لكن الجديد هو أن الأجواء السائدة حالياً في الولايات المتحدة أصبحت تذكرنا بما كان عليه الحال بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 يوم ضُرِب مبنى مركز التجارة العالمية في نيويورك. فكل القنوات التلفزيونية ومحطات الإذاعة والصحف ووسائل الإعلام الجديد والقديم في أمريكا تتصدر نشراتِها وتقاريرَها وأخبارَها الأوامرُ التنفيذية التي أصدرها الرئيس ترامب وما تحمله من تغييرات تطال أوضاع بعض المهاجرين والمقيمين المسلمين. هذه الأجواء المشحونة تخلق بيئة مواتية لبعض العنصريين الأمريكيين داخل الأجهزة الأمنية للتحامل على الأجانب الذين قد يكونون محل شبهة حتى لو كانت الشبهة مجرد خيال في أذهان رجال الأمن. إن عدد مبتعثينا ومرافقيهم يتجاوز المائة ألف فرد، وبعض هؤلاء قد يتصرف بحسن نية وطيبة وتلقائية في مواقف يتعين عليهم الحذر فيها لكيلا يتعرضوا للعقوبة. وقد قرأنا في وسائل الإعلام المحلية والعالمية تقارير تتضمن بعض الأمور التي قد تبدو عادية في الظروف العادية لكنها الآن قد تجلب على من يقع فيها نتائج وخيمة. أتمنى من السفارة السعودية في الولايات المتحدة والقنصليات ومن الملحقية الثقافية هناك والجمعيات الطلابية السعودية المختلفة أن تتواصل مع المبتعثين وأن تنبههم إلى الأمور التي يجب عليهم عدم الوقوع فيها لكيلا يتعرضوا للمساءلة وأن يلتزموا بالأنظمة والقوانين والابتعاد عن كل ما يثير الشبهات. لا أريد أن أخيف أحداً، لكن الأمر في غاية الجد، وهذا ما يجب أن يكون حاضراً في أذهان مبتعثينا في كل الأوقات. وهذا من باب التذكير فقط وليس من باب التعليم، فمبتعثونا معايشون للمتغيرات هناك ومتابعون لها ولا ينقصهم الوعي.
مشاركة :