ترتفع وتيرة عمل منشار البنوك في هذا الشهر الكريم، وتصل سرعة المنشار إلى أعلى المعدلات في مثل هذه الأيام من كل عام.. نعرف المنشار من قبل وهو يأكل رايح جاي، ولا يقصر مع جيوب محدودي الدخل والباحثين عن قروض لرتق ثقوب الحياة، لكن المنشار يزداد شراهة ونهماً في شهر رمضان المبارك بنفس وتيرة الصحون الشهية مع وجبتي الفطور والسحور التي تصل أعلى معدلاتها الأسرية، وكأن البطون الفارغة والأفواه الفاغرة لا تشبع. منشار البنوك لا يشتغل على العملاء فقط، بل تمتد خدماته -بنهم بالغ- إلى الموظفين والموظفات في نفس البنوك الذين يعيشون تحت ضغوط عصبية ونفسية يومية منهكة للبدن ومذهبة للفكر، ويظل الموظف والموظفة تحت سيطرة المنشار الذي لا يرحم، بحيث لا يجد وسيلة للخروج من هذا الحصار إلا بجرجرة الضحايا من زبائن البنك لخندق «القروض والتمويل» أو المغادرة بالاستقالة الجبرية أو الفصل التعسفي. يشتغل «منشار البنوك» بقوة دفع رباعي مؤطر بفتاوى شرعية مُعلبة وجاهزة للاستخدام الآدمي، ويبدأ عرض «المنشار» بكلام معسول وترقيص بعبارات فضفاضة ومُنمَّقة عليها بهارات دينية وابتسامات صفراء حتى يقع الضحية -عفواً العميل- في شراك القرض أو ما يسمى بالتمويل وتنتهي به مسرحية «المنشار» على رصيف الفقر والشح والمعاناة. أما إذا تعثر سحبُك النقدي من آلة الصرف فعليك الانتظار أسبوعين وقد لا يصل الجواب!!!! بين أروقة البنوك يشتغل «منشار» بقوة طاردة للبيئة الصحية ومنفرة للحياة الوظيفية الآمنة.
مشاركة :