النسخة: الورقية - سعودي ليس هناك أجمل من أن يتحدث رمز دولة بجملة هي أقرب ما تكون لشفاه أي مواطن، وفي حديث ولي ولي العهد الأمير مقرن مساء أول من الأمس للبنوك وتشبيهها بـ«المنشار يمارس الأكل في ذهابه وإيابه»، وصف دقيق وإحضار للجملة التي يؤمن بها المواطنون سراً، لكن لا حيلة بيديهم أو لا فائدة من أن يقولوها، بل هم والبنوك في حال قديمة من عدم التوافق، لكن الظروف تجبرنا على أن نصافح من نرغب في الفكاك منه في أية لحظة ونحلم ببديل عنه، الجملة حين حضرت من فم الأمير مقرن كانت بطعم مختلف وبصوت أقوى لأن البنوك كانت خارج حسابات النقد ولم تعبر على لسان مسؤول بما يجعلها تستيقظ من سباتها لتعترف بأن نومها على حساب جيوبنا. مُّرِر لنا مع مرور الوقت أن استعراض سلبياتها وكشف ترهلها الإداري وتعرية تخطيطها المستمر لسلخ المواطن عبر أكثر من شارع ما هي إلا محاولات مستمرة للتعرض لتماس كهربائي، وفي طرح بسيط لا حاجة لنا أن ندخل في تفاصيل بحتة في تنظيمات بنوكنا وهياكلها، ولا أن نشرع في استعراض حساباتها وتقاريرها السنوية، لكننا متفقون على أنها الوسيلة الوحيدة في أغلب الأحيان لشراء أشياء مهمة أو البدء في مشروع صغير وبالشعبي: «هي الحل الوحيد لفك أزمة عابرة»، إنما ومن رصيد التجارب الشخصية، فهي حين تعطيك تحاول أن تُبكيك، وعندما تأخذ منك تمارس الدور ذاته على مراحل. لنا أن نعترف بأن ثمة تهوراً كبيراً من المواطن لحظة اللجوء للبنوك، فهو يعمد لها لأجل شكليات وزوائد على الاحتياج الحقيقي، وهنا يكون البنك مجرد منفذ لطلبات تدفع قيمتها من دم القلب، وتجعل المواطن من دون وزن وبلا موازنة، والمواطن الذي آمن بأن بنوكنا منشار لا خلاص منه وصل لمرحلة من اليأس والاستسلام والقناعة بأن هذه البنوك لا تفكر فيه إلا بعد التدقيق الجيد في راتبه وحساب ثلُثِه وإجراء المناسب من عمليات القسمة والجمع والطرح والضرب، ومن ثم تمرير ما يناسب كقرض يعود بفائدة لا مثيل لها، البنوك ليست خطاً أحمر أو مبرأة من النقد، وإن كان المواطن يحتاجها فلا يمكن أن تتجرأ وتعلن أنها ليست في حاجته، وهناك تذمر شديد منها وآخر داخل أرجائها من المنتسبين لها، لا أنقل شيئاً بالنيابة لكنني أتقاطع مع كثير من المنتمين لها، وللأسف فمن هو في الأعلى من كراسي هذه البنوك لا يسمع لأحد، ما يهمه هو الأرباح والأرقام، أما من هو في الأسفل فلا ينظر له فليس إلا هدفاً ومتى ما كان الهدف ثابتاً فالوسيلة تستبدل بألف وسيلة أخرى. الأمير مقرن وضع جملة جريئة على الجرح، وسأنتظر البنوك بدءاً من غد توسع إعلاناتها وتقدم عروضها وتفند ماذا قدمت لمصلحة المجتمع المحلي، لكن قبل أن تقول وتجدول وتشرح وتدافع عن موقفها أريد منها أن تفصل لتكتمل الصورة كم أخذت من جيب المواطن؟ ومن أجل ماذا؟ وهل استراتيجيتها مبنية على تضخيم جيبها بأية طريقة كانت من دون المساهمة في أي فعل إيجابي؟ أم أن هذه الاستراتيجيات تحضر في عروض متقنة الكلمات والعبارات ملغمة التفاصيل لجذب المواطن حتى يقع فجأة في قفص لا يخرج منه في أقل من خمس سنوات على أقل تقدير! alialqassmi@
مشاركة :