أزمة صناعة الزربية تعود إلى سببين أساسيين، هما عدم وجود سياسة واضحة للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية، حيث لا تمتلك السلطات أي إستراتيجية لإنقاذ قطاع إنتاج الزرابي، وارتفاع أسعار المادة الأولية، التي تدخل في صناعة السجاد الجزائري، مثل الصوف والصوف الصناعي”. نقوش ودلالات عن أنواع الزرابي في الجزائر، قال رزقي بن خيضر، أستاذ الصناعة التقليدية، إن “الجزائر تتميز بستة أنواع رئيسية من الزرابي، هي زربية بابار الأمازيغية بالشرق الجزائري، وزربيتا النمامشة والحراكتة بالشرق أيضا، وهما نوعان من السجاد الرفيع المنسوج بالصوف، وقادران على منافسة أفضل أنواع السجاد بالعالم، إضافة إلى زربية العمور، وهي سجاد عربي تنتجه نساء إحدى قبائل الغرب، وزربية غرداية في الجنوب، وأخيرا زربية منطقة سيدي بلعباس بالغرب، وتسمى الحنبل، وهي نوع من السجاد المنسوج بالصوف”. السلطات شاهد مسؤول على اندثار الحرف التقليدية بن خيضر، وهو مسؤول سابق في وزارة التكوين المهني، أوضح أن “السجاد الجزائري يحمل نقوشا ورموزا وألوانا لها دلالات اجتماعية عميقة وأبعاد إنسانية معبرة تعكس تراث الجزائر القديم الأمازيغي، مثل طبيعة العلاقة الزوجية والوحدة الأسرية”. وتقول مليكة، حرفية ورثت صناعة زربية بابار عن والدتها، إن الرسومات في الزربية مصدرها قصص وأساطير قديمة مستلهمة من المحيط والواقع من أجل جلب الخير والبركة ومن بينها الرمح و”الخلاله” والهـلال. ويتراوح وزن الزربية بين 30 و50 كلغ، ويتم قياسها بالذراع أو بأدوات القياس الحديثة، وتحبذ حرفيات الزربية، أن تجرى عملية قياس ووزن الزربية، بعد الانتهاء من نسجها وطيها لتكون فأل خير على أهل البيت وخاصة الفتيات. يقال إن الفتاة كانت تعبر عما يختلجها من مشاعر الفرح أو الحزن، بما ترسمه من أشكال في الزربية التي تنسجها، فإذا أرادت الزواج واستحت من التصريح بذلك لأهلها، تعبر عن ذلك برسم أو شكل تجسده في زربيتها يعكس أحاسيسها ورغباتها. وأوضح المتخصص الجزائري بن خيضر أن “السجاد الجزائري يستخدم في تزيين غرف استقبال الضيوف والجدران، وهي ميزة البيوت في الجزائر قديما، وبالنسبة إلى الأعراس تعادل الزربية الذهب والحلي من حيث القيمة، حيث ذاع صيت السجاد الجزائري عالميا في السابق مع ازدهار السياحة”. ووفق الدكتور دهان منصور، أستاذ التاريخ في جامعة وهران بالغرب الجزائري، فإن “تاريخ صناعة الزربية في الجزائر يعود إلى 5 آلاف سنة، وهي تنسج بواسطة الصوف أو الصوف الحر، حسب الطلب وحسب النوعية، ويتم شد خيوطها بدقة كبيرة لإنجاز الرموز والأشكال الهندسية التقليدية التي تميز كل زربية بمفردها”. وأضاف منصور أنه “عادة ما تعبر هذه الرموز عن الأدوات القديمة، التي كان يستخدمها السكان المحليون الأمازيغ، مثل الغربال، والفانوس وآلة تصفية الصوف، التي تسمى القرداش وتستعمل في عملية النسج”. وختم الأكاديمي الجزائري بالتأكيد على أن “رموز وألوان الزرابي تحمل دلالات اجتماعية، حيث تعكس القيم المجتمعية، منها العلاقات الأسرية، وذلك عبر تلاقي المربعات والأشكال الهندسية وحروف من اللغة الأمازيغية”. وتقول هاجر حملاوي، وهي صاحبة ورشة صغيرة لإنتاج الزرابي في مدينة تقرت (600 كلم جنوب شرق العاصمة)، إن “تقرت معروفة بإنتاج أنواع من الزرابي التقليدية، لكننا نواجه مشكلة كبيرة في تسويقها؛ بسبب عدم وجود معارض ومحلات متخصصة في تسويق السجاد على مدار السنة”. وتابعت حملاوي “تعمل في ورشتي 11 سيدة في صناعة أنواع عدة من السجاد، وأجد صعوبة في تسديد رواتبهن الشهرية، بسبب ضعف الطلب على السجاد، وأفكر جديا في تسريح نصف العاملات”. واعتبرت أن “الطريقة الوحيدة التي نتمكن بها من تصريف منتجاتنا هي عبر المشاركة في المعارض التي تنظمها السلطات للترويج للمنتجات التقليدية.. لكن الطريقة الأفضل لإنقاذ قطاع إنتاج السجاد هي تصديره إلى الخارج والترويج له بشكل أفضل في العالم”. ورغم كل العراقيل فإن الزربية الجزائرية المتواجدة بشتى أنحاء البلاد، تحاول الحفاظ على خصائصها التقليدية، سواء في المحافظات أو بلاد القبائل أو الأوراس أو الصحراء. :: اقرأ أيضاً
مشاركة :