حققت القوات النظامية السورية أمس تقدماً بطرد «داعش» من 32 بلدة في ريف حلب الشمالي الشرقي، معلنة عن «توسيع» عملياتها لمواجهة هذا التنظيم المتطرف، ما يجعلها قرب فصائل «درع الفرات» المدعومة من انقرة بين حلب وتركيا، في وقت استمرت المعارك بين القوات النظامية و «داعش» في مناطق اخرى. وتمكن الجيش النظامي ايضاً من استعادة السيطرة على جزء من الطريق السريع الذي يربط بين حلب ومدينة الباب التي تعد آخر معاقل تنظيم «داعش» في محافظة حلب، بطول 16 كيلومتراً. ويتزامن ذلك مع تعرض الباب منذ 10 كانون الأول (ديسمبر) لهجوم كثيف تشنه الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا. كما يأتي بعد نحو شهر من استعادة السيطرة على مدينة حلب، العاصمة الاقتصادية للبلاد، التي تعد ابرز انتصار للقوات النظامية منذ اندلاع النزاع في عام 2011. وكثف الجيش اثر ذلك عملياته ضد تنظيم «داعش» العدو المشترك للنظام وللمعارضة. وذكر بيان الجيش الذي نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، «ان وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة والحلفاء تمكنت خلال العملية العسكرية الواسعة التى بدأتها منذ عشرين يوماً ضد تنظيم داعش الإرهابي شمال شرقي حلب من تحرير أكثر من 32 بلدة ومزرعة». وتبلغ مساحة هذه البلدات نحو 250 كيلومتراً مربعاً، وفق البيان. ولفت إلى «أن هذا الإنجاز يوسع دائرة الأمان حول مدينة حلب ويشكل منطلقاً لتطوير العمليات العسكرية فى مواجهة تنظيم داعش الإرهابي». ويؤدي هذا التقدم كذلك، وفق البيان «الى توسيع مناطق سيطرة الجيش السوري في ريف حلب والتحكم بطرق المواصلات التى تربط المنطقة الشمالية بالمنطقة الشرقية». كما سيطر الجيش على 16 كيلومتراً من الطريق الواصلة بين حلب والباب بعد ايام من استعادته ثلاث قرى في وقت متأخر الجمعة ليصبح على مسافة نحو سبعة كيلومترات جنوب مدينة الباب الشمالية التي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم «داعش». وتشن القوات التركية غارات جوية منتظمة على المدينة لدعم الهجوم البري الذي تشنه داخل الأراضي السورية منذ آب (اغسطس) الماضي ويستهدف مقاتلي تنظيم «داعش» والمقاتلين الأكراد. وحققت عملية «درع الفرات» التي يدعم فيها الجيش التركي فصائل سورية معارضة موالية لأنقرة نجاحاً في آب اذ تمكنت تلك القوات من طرد «داعش» من مدن حدودية عدة بينها جرابلس التي تعد الى جانب مدينة الباب آخر معقلين لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة حلب. الا ان السيطرة على الباب التي تقع على مسافة 30 كلم من الحدود التركية، تبدو مهمة أصعب بكثير. وأكد الرئيس رجب طيب اردوغان الجمعة ان تركيا «ستنهي مهمتها» في الباب، موضحاً ان لا ضرورة بعد ذلك للتوغل اكثر داخل الأراضي السورية. وطالما شكت أنقرة من عدم تلقي دعم من حلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) خلال العملية. ودفع ذلك انقرة إلى الالتفات الى موسكو على رغم ان الأولى تدعم المعارضة والثانية تقف الى جانب النظام. وتسعى تركيا من تدخلها في شمال سورية إلى منع المقاتلين الأكراد الذين تدعمهم واشنطن من اقامة معقل لهم. وترغب انقرة حتى في الوصول إلى منبج حيث تمكن الأكراد من طرد عناصر «داعش». وأفاد الجيش التركي بمقتل 51 من تنظيم «داعش» في غارات جوية شمال سورية خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. أضاف أن الطيران التركي دمر 85 هدفاً لـ «داعش» في مناطق الباب وتادف وقباسين وبزاعة منها مبان ومركبات. وقال «المرصد السوري» امس انه «تجددت الاشتباكات بين القوات التركية وقوات «درع الفرات» من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في شمال شرقي مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، وتركزت الاشتباكات في محيط منطقة تل المقري، حيث لا تزال القوات التركية تحاول تحقيق تقدم نحو مدينة الباب لإطباق الحصار عليها، وإجبار التنظيم على الانسحاب من المدينة، مستغلة تقدم قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين نحو مدينة الباب من المحورين الجنوبي والجنوب الغربي للمدينة». وكان «المرصد» نشر أمس أن القوات التركية تمكنت من التقدم والسيطرة على قريتي الغوز وأبو الزندين «بعد انسحاب التنظيم منهما نتيجة القصف المكثف والاشتباكات العنيفة». وفي هذه السيطرة تكون القوات التركية وقوات «درع الفرات» تمكنت من التقدم إلى مسافة نحو كيلومتر ونصف كيلومتر من طريق الباب - حلب الرئيسي، حيث سيسفر أي تقدم جديد في الأيام المقبلة لهذه القوات عن قطع الطريق من محور ثانٍ أبعد عن مدينة الباب، أمام قوات النظام والمسلحين الموالين لها التي وصلت إلى مسافة نحو 7 كلم في جنوب غربي الباب، بعد إطلاقها عملية عسكرية. في الوسط، قال «المرصد» انه «تستمر الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محيط قصر الحير الغربي ومحيط المحطة الرابعة وقرب الكتيبة المهجورة، ترافق مع قصف متبادل بين الطرفين في محاولة من قوات النظام السيطرة على نقاط جديدة كان التنظيم قد تقدم فيها في وقت سابق، خلال هجومه العنيف على منطقة تدمر والحقول النفطية والمواقع الأثرية والمنشآت القريبة منها، في الريف الشرقي لحمص، بعد وصول تعزيزات إليه مقبلة من العراق، ومؤلفة من نحو 300 عنصر وقيادي ميداني، والتي أرسلتها قيادة تنظيم داعش بعد اجتماع ضم قائد «جيش الشام»، مع أبي بكر البغدادي زعيم التنظيم ووزير الحرب في التنظيم، واللذين أكدا لقائد جيوش الشام بأن التعزيزات ستكون مستمرة ومتلاحقة من الآن وصاعداً، بعد شرح الأخير الأوضاع العسكرية السيئة لمقاتلي وعناصر التنظيم على الجبهات التي تقاتل فيها كلاً من «درع الفرات» وقوات سورية الديموقراطية (الكردية - العربية) وقوات النظام والمسلحين الموالين لها». وسيطر التنظيم خلال هجومه هذا على مدينة تدمر والمدينة الأثرية ومطار تدمر العسكري وقلعة تدمر الأثرية وقصر الحير الأثري وحقل المهر وحقل وشركة جحار وقصر الحلابات وجبل هيال وصوامع الحبوب وحقل جزل ومستودعات تدمر ومزارع طراف الرمل وقريتي الشريفة والبيضة الشرقية ومواقع أخرى في محيط مدينة تدمر وباديتها. في الجنوب، قال «المرصد» ان المعارك تواصلت «بين القوات النظامية وداعش في أطراف القلمون الشرقي، حيث تتركز الاشتباكات بينهما، في محور المحسة والثنايا عند الحدود الإدارية بين ريف حمص والقلمون الشرقي، في محاولة من التنظيم تحقيق تقدم أكبر في المنطقة، خلال هجومه المستمر منذ نهاية الشهر». كان تنظيم «داعش تمكن في الساعات الـ 24 الفائتة من السيطرة على محطة واستراحة الصفا وعلى الكتيبة 559 دبابات غرب مطار السين، وكتيبة الكيمياء القريبة منها، وسط اشتباكات مستمرة في محاولة لقوات النظام استعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها، في حين كانت الاشتباكات التي تدخل يومها الخامس قد أسفرت عن سقوط مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الجانبين، حيث ارتفع إلى 25 على الأقل بينهم 4 ضباط، عدد عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها ممن قتلوا في هذه الاشتباكات والتفجيرات والاستهدافات، فيما ارتفع إلى 22 على الأقل عدد عناصر التنظيم ممن قتلوا منذ هجومهم في الـ 29 من كانون الثاني (يناير)»، وفق «المرصد». في الشرق، قال «المرصد» ان «داعش» أعدم خلال الـ 48 ساعة الفائتة، قائد حاجز المقص الواقع في جنوب الرقة، وهو من القيادات الميدانية المحلية، ذلك انه «اعتقل قائد الحاجز وعدداً من العناصر برفقته، وقاموا بالتحقيق معهم، في قضية تهريب مواطنين لخارج الرقة وخارج مناطق سيطرة التنظيم» ومن ثم أعدمته بعد ذلك بتهمة «اعترافه بتهريب عناصر إلى خارج أراضي الخلافة، فيما لا يزال مجهولاً مصير العناصر الآخرين الذين اعتقلوا برفقة قائد الحاجز». البنتاغون ينفي التلاعب بمعلومات عن «داعش» ذكر تقرير للبنتاغون أن المسؤولين في القيادة المركزية الأميركية لم يزيفوا تقارير استخباراتية متعلقة بالصراع ضد تنظيم «داعش» في العراق وسورية، في وقت أقر مقتل 11 مدنياً بغارات في هذين البلدين نهاية العام الماضي. وقال الجيش الأميركي الخميس إن 11 مدنياً قتلوا في أربع غارات جوية منفصلة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحملة على «داعش» في العراق وسورية في الفترة بين 25 تشرين الأول (أكتوبر) والتاسع من كانون الأول (ديسمبر). وأضاف في بيان: «على رغم ما يبذله التحالف من جهد فائق في قصف الأهداف العسكرية بطريقة تقلل أخطار سقوط ضحايا مدنيين، إلا أنه يتعذر تفادي وقوع ضحايا في بعض الحوادث». وزاد البيان أنه لا يزال يتحرى عشرة تقارير أخرى في شأن سقوط ضحايا مدنيين. واشتكى محللون استخباراتيون عام 2015 من أن مسؤولين عسكريين كباراً غيروا تقييمات من أجل التقليل من قوة تنظيم «داعش»، كما أن تقريراً للكونغرس صدر العام الماضي خلص إلى وجود محاولات متكررة لتحريف وعدم نشر المعلومات الاستخبارية. إلا أن تقريراً ضخماً أعده المفتش العام في البنتاغون توصل إلى أنه لا يمكن إثبات الاتهام الأخطر من أن المعلومات الاستخباراتية قد تم تحويرها. ويورد التقرير: «فقط بضعة شهود وصفوا التقييمات الاستخبارية بأنها خاطئة، ولم يقدموا أمثلة معينة تدعم مزاعمهم». وتحولت التقييمات الاستخباراتية إلى موضوع مسيس في شكل كبير في الولايات المتحدة، كما أن المنتقدين الجمهوريين للحملة ضد تنظيم «داعش» التي تشكلت خلال إدارة الرئيس باراك أوباما حرصوا على التقاط كل ما من شأنه أن يؤشر إلى مشاكل في هذه العملية. وانتقد الرئيس دونالد ترامب أيضاً الاستخبارات، متحدثاً باستخفاف عن تقرير أفاد بأن روسيا كانت وراء اختراق اللجنة الانتخابية للحزب الديموقراطي. والقيادة المركزية الأميركية المعروفة باسم «سنتكوم» تشرف على العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وأفغانستان. كما كشف التقرير عن مشاكل إدارية و «تصور واسع النطاق» بأن قادة الاستخبارات «كانوا يحرفون الاستخبارات لإعطاء نظرة إيجابية أكثر عن نجاح -القوات العراقية- ونظرة أكثر سلبية عن نجاحات» تنظيم «داعش». وكان المفتش العام أيضاً «مصدوماً لعدم بذل القيادة المركزية جهوداً كافية» للتعامل مع هذه المشكلة. الفصائل المسلحة تتمسك بـ «الهيئة التفاوضية» والانتقال السياسي أكدت فصائل المعارضة المسلحة التي شاركت في مفاوضات آستانة الشهر الماضي، تمسكها بـ «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة والوصول إلى انتقال سياسي يتضمن تشكيل هيئة انتقالية بموجب «بيان جنيف» للعام 2012. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس حذر، على غرار مبعوثه إلى سورية ستيفان دي ميستورا، من إمكان تحديد ممثلي وفد المعارضة السورية إلى المفاوضات المرتقبة في 20 شباط (فبراير)، في حال لم تتمكن الأخيرة من ذلك. وأكد غوتيريس للصحافيين أنه «من الواضح أن هناك إمكاناً لاستخدام هذا الاحتمال». وأضاف: «ما نريده هو نجاح مؤتمر جنيف، الذي يتطلب تمثيلاً جدياً للمعارضة السورية في جنيف»، مؤكداً: «سنبذل قصارى جهدنا لضمان هذا الأمر». وذكرت فصائل المعارضة السورية المسلحة في بيان، أنها لا يمكنها أن تقبل دعوة للمفاوضات لا تؤدي إلى نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالي. كما قال البيان إنه لا يمكن اتخاذ أي خطوة صوب حل سياسي للحرب من دون تطبيق كامل لوقف لإطلاق النار. وأضاف أنه لا يمكن أطراف خارجية اختيار من يمثل المعارضة السورية في المفاوضات. وأعلنت وزارة الخارجية في قازاخستان في بيان الخميس، أن روسيا وإيران وتركيا ستجري محادثات بشأن كيفية تطبيق وقف لإطلاق النار في سورية في آستانة الإثنين المقبل، وذلك بعد عشرة أيام من انتهاء محادثات بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة المقاتلة برعاية روسية- تركية- إيرانية في آستانة، يفترض أن تشكل قاعدة لحوار سياسي بين النظام والمعارضة خلال مفاوضات جنيف. وشارك في محادثات آستانة وفد سياسي يمثل الحكومة السورية وآخر عسكري يمثل المعارضة المسلحة، فيما اقتصر دور المعارضة السياسية، وبينها «الهيئة العليا للمفاوضات» على تقديم الاستشارة. وفي ختام المحادثات، اتفقت روسيا وتركيا وإيران على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الساري في سورية منذ نهاية كانون الأول (ديسمبر). وقررت الأمم المتحدة الثلثاء تأجيل المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة الى 20 شباط بعدما كانت مقررة في الثامن منه لتمنح المعارضة السورية المزيد من الوقت للاستعداد. وعقب اجتماع مع مجلس الأمن الدولي، حذر دي ميستورا أنه «في حال لم تكن المعارضة جاهزة للمشاركة بموقف موحد بحلول الثامن من شباط، فسأقوم (...) بتحديد الوفد لجعله شاملاً قدر الإمكان». وأبلغ دي ميستورا مجلس الأمن، وفق ديبلوماسيين، بأن الدعوات إلى مفاوضات جنيف ستوجه في الثامن من الشهر الحالي. ووصفت «الهيئة العليا للمفاوضات» الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الأربعاء، تصريح دي ميستورا بأنه «غير مقبول» مؤكدة أن هذا «ليس من اختصاصه». وقال المنسق العام لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب في تغريدة على «تويتر»، إن «تحديد وفد المعارضة السورية ليس من اختصاص دي ميستورا». وأضاف: «أهم ما يجب أن ينشغل به الموفد الأممي هو تحديد أجندة للمفاوضات وفق بيان جنيف». من جهته، اعتبر المتحدث باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» سالم المسلط في بيان، أن تصريح دي ميستورا «اعتزامه تشكيل وفد المعارضة بنفسه أمر غير مقبول». وتساءل المسلط: «هل يستطيع السيد دي ميستورا التدخل في تشكيل وفد النظام؟». كما رأى المتحدث أن تأجيل المفاوضات «ليس من مصلحة الشعب السوري»، مشيراً إلى أن قرار التأجيل جاء «تلبية لطلب حلفاء النظام» وليس لعدم جاهزية ممثلي الوفد المعارض. وتعقد «الهيئة» اجتماعاً لقيادتها في 10 و11 الشهر الجاري لاتخاذ قرار في شأن جنيف.
مشاركة :