القرقيعان.. عادة خليجية متوارثة

  • 7/27/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

--> من العادات التى كان ولا يزال يمارسها الأطفال في منتصف الشهر الكريم هذه العادة المسماة القرقيعــان والتي تنتشر في أقطار الخليج العربي، وهي أشبه بالمهرجان الشعبي للأطفال، حيث يتجمعون للسعي بين المنازل طلباً للحلوى أو المكسرات أو ما يجود به أهل الدار، فكأنهم بملابسهم الزاهية وفرحتهم الغامرة وضجيجهم المفعم بالحيوية.. يبحثون عن الفرح، غير عابئين بغيرهم، فما دام صغر السن يحول بينهم وبين فرحة الصيام، فلا أقل من الاسـتمتاع بفرحـة الطفولـة وحيويتهـا وتألقها في الشهر الكريم، وها هو القرقيعان يمدهم بأكثر من سبب للفرح الصاخب، وكل واحد منهم يحمل معه كيساً صغيرا يضع به ما يحصل عليه من حلوى أو مكسرات، حتى إذا امتلأ سارع الى منـزل أهله لتفريغه ليعود للانضمام الى رفاقه الصـغار لمواصلة رحـلة القرقيعان. وتصاحب هذه الرحلة أناشيد تحث على العطاء، فإذا لم يتحقق هذا العطاء تحولت الأناشيد الى احتجاج تفوح من كلماته رائحة الاستنكار، لكن إذا تحقق الطلب وحصل الأطفال على مبتغاهم تحولت الأناشيد الى دعاء بطول العمر لرب الأسرة وأولاده، وذريته من بعده . ويستمر الانشاد فإذا لم تكن الاستجابة سريعة زادت نبرة الطلب بقولهم : (عطونا من مال الله يسلّم لكـم عبدالله عطونا مـن مالكم يسلّم لكم عيالكم) فإذا طال الانتظار جاء تساؤل الأطفال جماعياً وصارخاً: ( تعطونا لو نروح؟) فإذا كان الجواب: نعــم، استمر الأطفال في ترديد أهازيج المديح، أما إذا كان الجواب: لا، فإن أناشيد الاستياء ترتفع احتجاجاً على هذا الموقف الدال على بخل رب الأسرة، فلا يجدون حرجاً في مخاطبة أهل الدار بكلمات الاحتجاج. وإلى جانب الهدف الترفيهي للقرقيعان الذي يمارسه الأطفال الصغار بفرح شديد.. هناك هدف اجتماعـي، وهو تعرف الأسر على بنين وبنات الأسر الأخرى، فهذه الطفلة الجميلة بنت فلان، وهذا الطفل الأنيق ابن فلان.. صحيح أنهم أطفال صغار، لكنهم حتماً سيغدون كباراً، ويومها ستكون النظرة غير النظرة والحـال غير الحال وفي هـذا الموسم تنشط تجارة بيع الحلويات والمكسرات، فالأسر تشتري كميات كبيرة ، وكلما زاد عدد أطفالها الصغار، زادت الكمية المشتراة من تلك الحلويات والمكسرات، فالقرقيعان أساساً لأطفال الأسرة وإن كان يوزع على أطفال الحــي، وهذا يعني أن الأسرة التي ليس لديها أي طفل صغير فهي غير ملزمة بالقرقيعان، وهذا هو سبب الإلتباس الذي يقع فيه الأطفال أثناء تجوالهم، عندما يعترضهم منزل لم يستعد أهله للقرقيعان لعدم وجود الأطفال الصغار لديهم، فلا يكون نصيبهم سوى الاحتجاج والتقريع من أطفال الحي. ويمكننا أن نعرف حجم الكميات الكبيرة من الحلويات والمكسرات التي كانت توزع في القرقيعان إذا عرفنا أن بامكان الأسرة أن تستفيد مما يحصل عليه أطفالها من الحلويات والمكسرات طـوال العـام، وبشـكل أكـبر في العيدين ـ الفطر والأضحى ـ وقد يحول الحول دون أن تنتهي الأسرة من استهلاك تلك الحلويات والمكسرات، التي يكون معظمها من انتاج المنطقة، وكان بعضهم يهدي قروشاً بدل الحلويات والمكسرات، فتكون فرحة الأطفال بها أكبر، وكانت بعض الأسر تصنع الحلويات للقرقيعان بنفسها دون أن تضطر لشرائها. وإلى جانب الهدف الترفيهي للقرقيعان الذي يمارسه الأطفال الصغار بفرح شديد.. هناك هدف اجتماعـي، وهو تعرف الأسر على بنين وبنات الأسر الأخرى، فهذه الطفلة الجميلة بنت فلان، وهذا الطفل الأنيق ابن فلان.. صحيح أنهم أطفال صغار، لكنهم حتماً سيغدون كباراً، ويومها ستكون النظرة غير النظرة والحـال غير الحال عندما تتدخل الخاطبـة (وتوفق راسين في الحلال). هكذا كانت أيام القرقيعان تمضي دون مبالغة، ودون فتاوى التحريم، ومحاولات المنع، ونظريات الانتماء لأحد الصالحين، أو غير ذلك مما نشهده في هذا الزمن، وخاصة من أولئك الذين لم يعرفوا الحياة في مدن الخليج العربي، وما تتسم به من تآلف ومحبة وتعاون، تبرزها بعض العادات الجميلة ومنها القرقيعان. لذلك نقول ان القرقيعان عادة خليجية متوارثة وباقية ما بقي الزمن. مقالات سابقة: خليل الفزيع : -->

مشاركة :