اعتبر الصحفي الكبير نبيل زكي، الكاتب الراحل فخرى لبيب، شخصية نادرة الحدوث، وأحد العمالقة من أصحاب القيمة والقامة، حيث ألّف وترجم أكثر من أربعين كتابًا، وخُيّر بين أن يموت أو يتنكر لمبادئه، فاختار أن يموت، وكان بالفعل على مشارف الموت داخل المجتمع، ومع ذلك كان عملاقًا بينما الجلّادين كانوا أقزام في مواجهته، موضحًا أن فخري لبيب الذي وصفه كل من عرفوه بأنه رجل لا يقبل المساومة، يستحق أن نكرمه، ونستعيد مواقفه المشهودة تاريخيًا. جاء ذلك خلال ندوة "فخري لبيب"، بالقاعة الرئيسية، الجمعة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، بحضور الدكتور عاصم الدسوقي. ويُعد فخري لبيب، من جيل الكبار الذين تصدوا لقضايا العامة وهم أنور عبدالملك ولطيفة الزيات وعبدالعظيم أنيس وفؤاد مرسي ولطفي الخولي، وغيرهم. وأشار "زكي"، إلى أن حياة "لبيب"، تمتعت بصفة خاصة، فقد تعرض لمحنة الاعتقال أكثر من مرة، فقد واجه وتحدى رجل اشتهر بأنه سفاح وقاتل، وهو اللواء "إ. هـ"، وهو أحد القيادات التي عذبته في المعتقل، وقال: " ضربه ضربًا غير إنساني، بجريد النخل والشوم، حتى قصف ذراعه، ولكنه لم يخنع أبدًا، واختار أن يموت ولا يستسلم للجلاد والسفاح". وتناول "زكي"، في حديثه، كتاب فخري لبيب، المعنون "الشيوعيون وعبدالناصر"، معتبرًا أن هذا الكتاب، لا يوجد مثيل له في اللغة العربية، تناول فيه أخطر فترة من تاريخ مصر، من بداية 1959 حتى 1965، ولا تستعرض صفحاته فقط، وقائع التعذيب والإهانة التي تعرض لها المعتقلون، ولكنه أيضًا يغوص في عمق المقاومة والحياة العامة، وكيف كان يتحدى المعتقلون القمع، ونشاطهم الثقافي والمسرحي والأدبي، وتهريب أجهزة الترانزيستور داخل المعتقل، ليكونوا على صلة بالعالم. وأكد "زكي"، أن فخري لبيب، واصل المقاومة داخل المعتقل، وقاد المقاومة وتصدى لإدارة المعتقل، فقد أضرب ونظم حياة المعتقلين على النحو الذي يساعد على مزيد من الصمود والمواجهة، موضحًا أن "لبيب"، لم يكن فقط موسوعي الثقافة يقرأ في الأدب والتاريخ والشعر وغيرها، بل أيضًا كان مفكرًا كبيرًا. ولم يكتف بمجموعاته القصصية؛ "الأيدي الخضراء"، وكنز الدخان"، فقد صمد حصل على الدكتوراه في سن متأخرة، عام 1987، وأجرى أبحاث مقتدرة، بجانب سيرته الذاتية في الجز الأول، وعنوانها" المشوار"، وقد زف الناقد والشاعر شعبان يوسف، خبر إنهاء الجزء الثاني من سيرته الذاتية، قبل رحيله وستطبع عن الهيئة العامة للكتاب، بعنوان "اختيار" وفي كتابه الذي تناول فيه تاريخ المعتقل، حرص على أن ينبهنا إلى ان هذا الكتاب ليس تصفية حسابات ولكنها شهادة إنسان، عاش تلك الأيام من موقع سياسي معين، وبرؤية خاصة تقوم على اختيار إرادي وانتماء طبقي، أنها شهادة حتى لا ينسى، من يعمل في عالم السياسة. والتجربة المصرية عند فخري لبيب، تجربة دسمة، مهمة للعالم الثالث، كونها تتمتع بمصير من التكامل، والصراع بين الصراع الطبقي، ليس صراعًا هلاميًا غير محدد المعالم ولكنه صراع قديم نسبيًا، يمنح المجتمع درجات من النضج.
مشاركة :