«استيقظت الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال الأيام الأخيرة، على وقع انتصارات داخلية للحكومة الشرعية والتحالف العربي، ومتغيرات دولية أبرزها الموقف الأميركي الجديد الصارم ضد سياسة إيران وحلفائها في المنطقة». بهذا بدأ الباحث اليمني السياسي نجيب غلاب تعقيبه على تحركات التنظيم الإرهابي الأخيرة في اليمن. ولم تهدأ محافظة لودر اليمنية خلال الأيام الماضية من وقع المواجهات مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي كثف من تحركاته خلال الأيام الأخيرة، وخرج الأهالي أمس لمجابهة التنظيم، وأطاحوا بـ23 عنصرًا على الأقل حاولوا السيطرة على مواقع أمنية في المدينة. يقول عبد اللطيف السيد قائد قوات الحزام الأمني في جعار وأحور وشقره (وهي مدن تتبع لمحافظة أبين)، إن عناصر التنظيم سحبت جثث قتلاها بعدما منيت بالهزيمة التي شارك فيها الأهالي مع القوات. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كما باءت محاولة أخرى للتنظيم بالفشل لدى محاولته اقتحام مديرية أحور». وبسؤاله عن سر التحرك الأخير للتنظيم، أرجع عبد اللطيف السيد ذلك إلى «ارتباطهم بالانقلاب». ويضيف: «ينشرون الفوضى في المناطق المحررة لإرباك المشهد العسكري الذي قد يسقط صنعاء قريبًا أمام تقدم الجيش والمقاومة». نزار جعفر القيادي في اللجان الشعبية (الموالية للحكومة اليمنية) يشير في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى خلو مقاتلي لودر من أي إصابات خلال المواجهات في اليومين الماضيين، «رغم قلة العدة والعتاد»، لافتًا إلى انسحاب عناصر «القاعدة» صوب منطقتي موديه والوضيع، التي تحتفظ فيهما «بأطقم طبية وجراحين من مختلف الجنسيات». وتقول مصادر عسكرية إن عناصر من التنظيم تتمركز في جبل صهيل المطل على «مفرق النائب»، وهو مفرق سمي باسم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حين كان نائبًا للرئيس؛ نظرًا لوقوعه قرب «دكيم» قرية هادي، في الطريق الذي يربط المدينة بمحافظات شبوة وحضرموت والمهرة. ويحذر نجيب غلاب من تكرار السيناريو السوري باستغلال الجماعات الإرهابية في إدارة المعركة، من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، ويقول غلاب إن التوجه الأميركي الجديد دفع بالانقلابيين إلى محاولة تسويق أنفسهم من جديد بتحريك «القاعدة» والإيهام بأنها الخطر الأكبر على اليمن، وهو تكرار للسيناريو السوري. ويضيف أن التحول في أبين والبيضاء مسرح لإدارة عمليات «القاعدة» وإدارة معركتها ضد «الشرعية» و«التحالف» بدأ يتضح، إذ يسلح الانقلاب ويسهل لعناصر التنظيم التحرك في محافظة البيضاء القابعة تحت سيطرته، ويسعى في المقابل إلى السيطرة على بعض المناطق في أبين. ويرجع غلاب تحرك «القاعدة» أيضًا إلى أنها «بدأت تشعر بأنها مستهدفة فبدأت بتحريك أوراقه والانقلاب جاهز لدعمها». وفي عدن، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن دغر «وجه الوزارات والجهات المعنية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة بالتعاون مع السلطة المحلية بمحافظة أبين بتوفير الآليات والتجهيزات الأمنية اللازمة لقيام المنظومة الأمنية بالمحافظة بأعمالها ومهامها على النحو المطلوب، مؤكدًا أن الحكومة لن تتوانى عن القيام بدورها في التصدي الحازم للعناصر الإرهابية تحت أي غطاء أو اسم أو ارتباط كان، خاصة مع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وذلك بالتعاون مع الأشقاء في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن». وأضاف البيان أن رئيس الحكومة «شدد على وضع خطة أمنية عاجلة ومحكمة لمحاصرة وإجهاض بروز أي بؤر إرهابية أو محاولات لنشر عناصرها الضالة من جديد في محافظة أبين، لحماية أمن واستقرار المواطنين والممتلكات العامة والخاصة». ويعود الباحث السياسي اليمني غلاب إلى القول إن هناك ترجيحًا بأن مواجهة «القاعدة» ستترك أثرًا على «الشرعية» في بعض المناطق، لكن جزءًا من أهدافها يتمثل في مكافحة الإرهاب، وهو جزء من إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة. ويستدرك قائلاً: «صحيح أن الحكومة الشرعية تدرك هذه المخططات، وبالتالي سيديرون معاركهم باتجاهين؛ الانقلاب و(القاعدة)»، مجددًا التحذير من أن «الانقلاب يوظف (القاعدة) ويعدها أحد المداخل الأساسية لتسويق نفسه دوليًا».
مشاركة :