المناطق الآمنة: حين يسألونك عن الإنسان في سوريا هل يعود اللاجئون إلى ديارهم؟

  • 2/6/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حصدت الحرب السورية منذ بدايتها، التي تكاد تدخل عامها السادس، أرواح مئات الآلاف من الأشخاص، وما زالت آلة الحرب مستمرة، ولا يبدو في الأفق ما يبشر بنهاية قريبة، رغم الاتفاقات التي عُقدت، والتي سوف تعقد لاحقاً، وما سوف يزيد الأمر تعقيداً مفاجأة الرئيس الأميركي الجديد لنظيره الروسي بإنشاء المناطق الآمنة، الأمر الذي لم تتوقعه موسكو حين انتظرت علاقات جيدة مع واشنطن. ولكن في المقابل ماذا ينتظر الشعب السوري الذي يسعى دونالد ترامب لحمايته، حين قال في مقابلته مع محطة "إيه.بي.سي نيوز" إنه "سيقيم بالتأكيد مناطق آمنة في سوريا لحماية الأشخاص الفارين من العنف هناك"، ولكن سرعان ما يتبادر إلى ذهن القارئ التناقض حين تعهد ترامب في حال فوزه بمنصب الرئاسة الأميركية بطرد اللاجئين السوريين، وصدق ترامب وعده ووقع ما وعد به عن الهجرة، وتم حظر دخول اللاجئين السوريين لأجل غير مسمى إلى الولايات المتحدة الأميركية. يبدو أن المناطق الآمنة التي أقرها ترامب في سوريا ذريعة لزيادة التدخل الأميركي؛ لأنها تستوجب وجود قوات بأعداد ضخمة على الأرض، بالإضافة إلى فرض حظر جوي وزيادة أعداد الطائرات الحربية، مما سوف يؤدي إلى إلغاء التفرد الروسي بالموقف السياسي والعسكري السوري على الأرض. وبداية لمرحلة جديدة من الصراع بدأت دلالتها، حين أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على لسان الناطق باسمه ديمتري بيسكوف، أنه فوجئ بالموقف الأميركي الجديد، وأن واشنطن لم تبلغ الروس بخططها، و"لم تتشاور معنا في هذا الموضوع، هذا قرار سيادي"، ودعا الكرملين ترامب إلى "دراسة العواقب المحتملة لخطوة من هذا النوع". ولا شك أن المرحلة المقبلة سوف تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت والتحولات لمسار الحل الذي أعدته موسكو للملف السوري، والذي كان آخر نتائجه محادثات أستانا، فالوضع السوري قبل المحادثات لا يشبه الوضع بعد المحادثات؛ حيث باتت صورة المشهد متغيرة الملامح، فتركيا رحبت بالمناطق الآمنة على لسان المتحدث بالخارجية التركية حسين مفتي أوغلو: "بلادنا تؤيد منذ فترة إقامة مناطق آمنة في سوريا لحماية النازحين"، بينما إيران الطرف الراعي في محادثات أستانا سوف تكون خارج الساحة السورية، حسب ما نقلت الجزيرة.نت عن موقع "ديبكا" الاستخباراتي العسكري الإسرائيلي، أن ترامب اتفق بالفعل هذا الأسبوع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إقامة المناطق الآمنة، وأن إنشاء المناطق سيتطلب إخراج القوة العسكرية الإيرانية والميليشيات الشيعية التابعة لحزب الله من سوريا. بينما أكد النظام السوري رفضه للمناطق الآمنة في حال تمت دون موافقته عليها؛ حيث قالت وكالة الأنباء "سانا" الناطقة باسم النظام السوري، إن أي محاولة لإقامة مناطق آمنة للاجئين والنازحين دون تنسيق مع النظام هو "عمل غير آمن، ويشكل انتهاكاً للسيادة السورية". بينما تطالب المعارضة السورية منذ فترة طويلة بمناطق لحماية المدنيين، فمنذ بداية المظاهرات في سوريا طالب المتظاهرون بالمناطق الآمنة، المرة الأولى في 28‏/10‏/2011 جمعة الحظر الجوي مطلبنا، والمرة الثانية في 2‏/12‏/2011 جمعة المنطقة العازلة مطلبنا، حتى تستطيع المعارضة السياسية من خلال هذه المناطق الوجود على الأرض السورية ماهية المناطق الآمنة المناطق الآمنة من حيث الاصطلاح لا وجود لها، ولكن من حيث العرف الدولي، صدر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 688، الذي اعتمد في 5 أبريل/نيسان 1991، وبعد تلقي رسائل من ممثلي فرنسا وإيران، وتركيا، وإذ يعرب عن قلقه إزاء القمع السياسي للشعب العراقي، بمن في ذلك أولئك الموجودون في كردستان العراق، أدان المجلس القمع، وطالب بأن يضع العراق، كمساهمة في إزالة الخطر الذي يهدد السلم والأمن، حداً للقمع، ويحترم الحقوق الإنسانية لشعبه، وأصر المجلس على أن يسمح العراق بوصول المنظمات الإنسانية الدولية إلى المناطق المتضررة، وطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً عن السكان العراقيين والأكراد المتضررين من قمع السلطات العراقية، باستخدام جميع الموارد الممكنة لتلبية احتياجات السكان، كما طالب العراق أن يتعاون مع الأمين العام والمنظمات الدولية للمساعدة في جهود المعونة الإنسانية، واعتمد القرار بعشرة أصوات، أصوات ضد، هي: اليمن، زيمبابوي، وكوبا، والهند، وامتناع عضوين عن التصويت جمهورية الصين الشعبية، واستخدمت فرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة القرار 688 لإنشاء مناطق حظر الطيران العراقي من أجل حماية العمليات الإنسانية في العراق على الرغم من أن القرار لم يشِر صراحة إلى مناطق حظر الطيران. فالمنطقة الآمنة لا يكون هدفها فض الاشتباك بين الطرفين المتنازعين في منطقة معينة؛ بل يكون هدفها الأساسي حماية مجموعة بشرية لا تستطيع حماية نفسها من خلال توفير التدخل الإنساني عبر ممرات آمنة لصيانة حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية. ويجدر بنا أن نفرق بين المنطقة العازلة والآمنة التي لا تعني كل منهما الأخرى بعد إنشاء المناطق الآمنة. هل يعود اللاجئون إلى ديارهم؟ السؤال الذي يشغل الكثير من الناس الحالمين بالعودة منهم وغير الراغبين بها من الذين استقر بهم الحال في الدول الأوروبية وهؤلاء أكثرهم يخشون العودة إلى بلادهم. ما الذي سوف يؤول باللاجئين بعد إنشاء المناطق الآمنة؟ لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون الإجابة على هذا السؤال موحدة، فالأمر يختلف من دولة إلى أخرى، ومدى احترام هذه الدولة التي يقيم على أرضها اللاجئون للقانون الدولي الذي ينص على تقييم قضايا طالبي اللجوء بشكل فردي ومستقل، بحسب الحالة والأسباب ونسبة الخطر الذي يتعرض له كل طالب للحماية على حدة، بغض النظر عن البلد القادم منه. وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الطلبات المقدمة من مواطني الدول الآمنة لا تزال بحاجة إلى دراسة بشكل فردي بناءً على جدارتها، مما يعني أنك تستطيع تقديم اللجوء طالما حياتك معرضة للخطر حتى وإن كنت قادماً من بلد آمن. ويصعب تصنيف سوريا بأنها بلد آمن حتى بعد وجود المناطق الآمنة، وتعود قضية اللاجئين في النهاية لمدى احترام الدولة المضيفة للقانون، فالولايات المتحدة الأميركية أصدرت مؤخراً قراراً يقضي بمنع دخول اللاجئين إلى أراضيها، أما الدول الأوروبية تبدو الأكثر احتراماً للقانون الدولي وحقوق الإنسان التي ما زالت تستقبل لاجئين على أراضيها انتهت الحروب في بلدانهم منذ سنوات طويلة. وإذا تحدثنا عن ألمانيا التي استقبلت ما يزيد عن مليون لاجئ سوري، يستطيع اللاجئ بعد قبول طلب لجوئه البقاء في ألمانيا، وسوف يحصل عندئذ على تصريح بالإقامة لمدة ثلاث سنوات، بعد انقضائها، سوف يحصل على تصريح إقامة غير محدودة، طالما أنه حقق بعض الشروط التي تعود عليه بالنفع كتعلم اللغة، ومن لم يحالفه الحظ بتحقيق شروط البقاء أيضاً يبقى له حق البقاء إذا كان هناك ما يثبت أنه لا يزال غير آمن في موطنه، ويسمح له بالبقاء في ألمانيا. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :