ذكر مسئول المكتب العمالي في جمعية «وعد» محمد مساعد، أن «التعميم الصادر من قبل ديوان الخدمة المدنية قبل سنوات، لايزال يحرم أكثر من 66 ألف موظفا حكوميا من تنظيم أنفسهم نقابيا وحماية حقوقهم». فيما شدد رئيس قطاع النقابات العمالية والمهنية في جمعية المنبر التقدمي جواد المرخي، على أن تعمل «الحركات العمالية على تأسيس حركة نقابية قوية بعيدة عن المصالح والاستقطابات السياسية، وأن تبتعد عن الانقسامات في ظل السماح للتعددية النقابية في المؤسسة الواحدة». جاء ذلك، في ندوة نظمها التيار الوطني الديمقراطي، في مقر جمعية المنبر التقدمي، في مدينة عيسى مساء الأحد (5 فبراير/ شباط 2017)، بعنوان «واقع العمل النقابي وآفاقه». وفي ورقته، قال مسئول المكتب العمالي في جمعية وعد محمد مساعد: «بعد عقود من تأسيس الحركة النقابية حصدت القوى العمالية ثمرة نضالاتها بعد صدور قانون يسمح للحركة النقابية بالعمل والتأسيس في العام 2002، ومن ثم تشكيل الاتحاد العام للنقابات في العام 2004، بمشاركة نحو 40 نقابة آنذاك، الى ان بلغ 76 نقابة في العام 2010، كما تشكيل عدة نقابات عمالية في القطاع الحكومي، ولكن الحكومة لم تعترف بها ومنعتها». وأضاف أن «هناك تحديات واجهتها الحركات العمالية بعد العام 2011، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ومنع الحركات النقابية من التأسيس في القطاع الحكومي، وخلق المعوقات للعمل النقابي والذي ظهر بعد انتشار النقابات، عبر قيام ديوان الخدمة بحظر حق الطبقة العمالية من تشكيل نقابات في القطاع الحكومي، رغم ان ذلك يخالف قانون النقابات العمالية، ولدينا ردود قانونية عدة تبين خلاف ما ذهب اليه ديوان الخدمة المدنية، فهذا التعميم مايزال يحرم أكثر من 66 ألف موظف حكومي من تنظيم أنفسهم نقابيا وحماية حقوقهم». وأردف «كان هناك 10 نقابيين مفصولين قبل تعديل قانون العمل الذي يعود للعام 2006، واذا استثنينا ما جرى في العام 2011 من فصل لآلاف العمال، ومن ضمنهم العديد من النقابيين، نجد أن عمليات الفصل لم تتوقف منذ ذلك اليوم وحتى الآن، ولايزال هناك 5 رؤساء وأعضاء نقابات عمالية مفصولين رغم وجود القانون الذي يجرم فصلهم بسبب نشاطهم النقابي، فضلا عمن تم فصلهم وذهبوا الى شركات أخرى، بمزايا وظيفية أقل بكثير عما كانوا يحصلون عليهم في وظائفهم قبل الفصل منها». وتابع أن «هناك مشكلة أخرى تتعلق بالتعددية النقابية، التي جاءت بإرادة حكومية، كأحد إفرازات الأزمة السياسية في العام 2011، ولم تكن يوما من مطالب الحركة النقابية، ما أوجد حالة من الاصطفاف، إذ إن التعددية لا تصلح لدولة صغيرة مثل البحرين، ذات كثافة عمالية محدودة». وأكمل «تفتيت الحركة النقابية من شأنه تفتيت قوتها، وفيه مساس بقوتها، وبالتالي فإن التعددية بهذا الشكل المستفيد منها هم أصحاب العمل والحكومة، ولكن وجدت حالة واحدة استثنائية في هذا السياق استفاد منها العمال في تأسيس نقابة أخرى تمثل مصالح العمال الفعلية». وأفاد مساعد «لم تعد العديد من الشركات والمؤسسات تكترث بآلية التفاوض الجماعي الثلاثي مع الاتحاد العام للنقابات ووزارة العمل، ما جعل الكثير من القضايا العمالية معلقة، ووصل الكثير منها الى طريق مسدود، وتم الذهاب بها الى القضاء وهو طريق طويل يأخذ سنوات عدة للحسم فيها». ومن جانبه، قال رئيس قطاع النقابات العمالية والمهنية في جمعية المنبر التقدمي جواد المرخي: «لا يمكن ان نتحدث عن دور وواقع الطبقة العمالية، دون الحديث عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لها، بحكم تشابك المصالح والمطالب للعمال، ثم ان الظروف التي تعيشها الطبقة العمالية لها انعكاس مباشر على الحركة والانشطة العمالية». وأضاف المرخي «كلما تزداد وتيرة الديمقراطية في أي بلد ما، يتوافر هامش من الحرية يتيح للطبقة العمالية دور أكبر في اي مجتمع، اما إذا كان اي مجتمع يرزح تحت الظروف السياسية، فإن ذلك يؤدي الى تغييب دور الحركة العمالية ايضا». وتابع أن «الكل يعرف اننا نعيش واقعا عربيا مؤلما، وغير مستقر سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وهناك خصوصيات يعيشها المجتمع العربي، وهذا لا يعطي فرصة للحركات العمالية من اجل وضع مطالبها بشكل ايجابي، واصبحت أكثر التحركات العمالية شبه مجمدة او حتى ملغاة في بعض البلدان العربية التي تعيش دمارا شاملا، لأنه في ظل هذه الاوضاع لا يمكن ان تتقدم الحركة النقابية والعمالية». وواصل أن «الاخطر في هذا الموضوع، هو ازدياد الانتهازية في بعض الحركات العمالية والنقابية، ما يؤدي الى جر الحركة العمالية لتكون مطيعة لأرباب العمل او الانظمة، مع ان المفروض ان الحركات النقابية تقدم دفعة للجماهير العمالية وتعطي دفعة لمطالبهم، في ظل اوضاع عمالية تتطلع للمستقبل». وأكمل المرخي «لا نستطيع ان نوحد الحركة العمالية في مثل هذه الاجواء، ومن المعروف سابقا ان الحركة العمالية كان لها دور ايجابي في دعم نضالات الشعوب نحو التحرر، وارتبطت الحركة العاملة بأفكار مختلفة في دعم حركات الاستقلال، بينما اليوم نحن نرى أن التيارات الاخرى التي لا تستطيع ان تناضل من اجل مصالح الطبقة العمالية هي السائدة، وان كان هذا هو طبيعة حركة التغيير الذي يجري في المجتمعات العربية، التي يمكن ان تدعم المطالب العمالية او ان تشيح عنها، وهذا الامر ينطبق كذلك على واقع التنظيمات السياسية الأخرى». وواصل أن «هناك بعض القوى السياسية على مستوى العالم تعتقد نظريا أن حراكها للتغيير يأتي من خلال دعم الطبقة العمالية والنقابية، وهذا يتمثل في ان الطبقة العمالية تشكل اكثر قاعدة جماهيرية، وبالتالي فإن استقطابهم يأتي كمكسب لهذه القوى السياسية، الا انه احيانا ونتيجة للظروف المختلفة يمكن ان تتقرب الحركات النقابية والعمالية من بعض القوى السياسية، كلما عاشوا ظروفا صعبة نتيجة للوعود التي تقدم لهم في سياق المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العربي». ولفت الى أن «الطبقة العاملة في نضال مستمر، قد يتغير هذا النضال في اي اتجاه، ولكنه مستمر، في ظل احتكار الرأسمالية واستمرار الصراع الطبقي والمجتمعي والسياسي، ولا يجب على الطبقة العاملة ان تكون مستكينة، ولذلك نرى ان الطبقة العمالية العربية ساهمت في تأسيس احزاب سياسية». وبيّن أنه «نتيجة الى نضال الطبقة العمالية ومقارعة الاستبداد، أخذت هذه الطبقة في التوسع مطلع السبعينيات في البحرين، ولعبت دورا عظيما في المجتمعات، واستطاعت ان تنخرط في الانشطة الوطنية والتجديد وتحقيق الحقوق العمالية والوطنية ومنها السياسية، حيث صعدت الحركة النقابية من نضالها، وكانت المسيرات والاحتجاجات والاضرابات ضد الفصل التعسفي، ووصل الوضع الى مرحلة الاستقلال في البحرين، حيث كانت فترة تاريخية مفصلية في تاريخ الحركة النقابية في البلاد، حيث اشتد ساعد القوى العاملة، في سبيل تحقيق المطالب الديمقراطية». وأشار الى انه «في العام 1974 تأسست عدة نقابات في مجال الصحة والكهرباء، ولكن بعد ضرب الحركة الوطنية ومعها الحركة النقابية، تحطمت آمال الجميع، ولم يسمح بتأسيس النقابات بعد ذلك، وان كانت هناك محاولات جرت لامتصاص المطالب العمالية، عبر تأسيس لجان عمالية». وأردف «بعدها دخلنا في فترة ميثاق العمل الوطني وحدث انفراج، وفي العام 2002 تم السماح بتأسيس النقابات العمالية ولكن فقط في القطاع الخاص». وختم المرخي بأن «واقع الحركة النقابية الحالي في البحرين قد تعطى فيه اكثر من وجهة نظر، ولكنه ليس افضل من واقع الحركة النقابية في الوطن العربي بشكل عام، ولكن اعتقد انه يمكن القول انه لن يكون حال الحركة العمالية جيدا في ظل الاوضاع الحالية، وفي ظل تغييب دور الحركة الوطنية ليس في البحرين فقط بل في دول الخليج جميعا، وخاصة في ظل تنامي حجم العمالة الاجنبية فيها، وفي ظل إغراق البلد بالقوى العاملة الاجنبية لنا ان نتساءل كيف يمكن ان تصبح هذه الحركات النقابية قوية؟ على الحركات النقابية ان تعمل على تأسيس حركات نقابية قوية بعيدة عن المصالح والاستقطابات السياسية، وأن تبتعد عن الانقسامات في ظل السماح للتعددية النقابية في المؤسسة الواحدة».
مشاركة :