أشارت صحيفة "إيزفيستيا" إلى أن المباحثات في أستانا أفضت إلى اشتباكات مسلحة بين المعارضين–الإسلامويين. جاء في المقال: اندلعت اشتباكات عنيفة في محافظة إدلب السورية بين المتطرفين والمعتدلين الإسلامويين. ووفقا لمعلومات شبكات التواصل الاجتماعي، فإنها أسفرت عن مقتل زهاء 100 مسلح. وخوفا من القضاء عليها، تحاول مجموعات صغيرة كثيرة الالتحاق بصفوف المعسكر "المعتدل". وفي غضون ذلك،يقوم الطيران الحربي الأمريكي والقوة الجو-فضائية الروسية باصطياد قادة "جبهة النصرة" السابقة من الجو. إن التوتر، الذي كان يتصاعد طيلة شهر يناير/ كانونالأول بين المجموعات الإسلاموية من المعارضة السورية، تحول في النهاية إلى حرب داخلية فيما بينها في محافظة إدلب، التي انسحب إليها المسلحون الناجون بعد هزيمتهم في حلب. وفي يوم 03/02/2017، اندلعت الاشتباكات المسلحة إلى الغرب من حلب، حيث هاجم مسلحو "هيئة تحرير الشام" ("جبهة فتح الشام" و "جبهة النصرة" سابقا) مواقع "الجيش السوري الحر". وكانت الاشتباكات قد اتسعت لتشمل مساحات بالقرب من محافظة إدلب في 30-31 يناير/كانون الثاني، حيث استخدم المسلحون فيها الأسلحة الثقيلة. وهاجموا تنظيم "جيش المجاهدين"، الذي لم يخش إرسال ممثلين عنه إلى محادثات أستانا، وساندته المجموعات "المعتدلة" الأخرى. ولا يوجد في إدلب خط جبهة بالمعنى التقليدي، وتدور الاشتباكات هناك بصورة متقطعة، ويعتمد الفرقاء في الحرب ضد بعضهم بعضا أسلوب الغزوات الخاطفة، وإقامة نقاط وحواجز وكمائن والغارات عليها، وعمليات اغتيال قادتهم بعضا ضد بعض، لذا يبقى من الصعب الحصول على معطيات دقيقة حول الخسائر البشرية في صفوف الأطراف المتصارعة. غير أن بعض المصادر تؤكد أن حصيلة الاشتباكات الأخيرة زادت عن 100 قتيل من المسلحين. ويجب القول إن المجموعات الإسلاموية، التي تتصارع الآن فيما بينها، كانت في السابق تشكل القوة الضاربة الرئيسة للمعارضة السورية المسلحة، حيث انضم إلى تنظيم "هيئة تحرير الشام" ما يقارب 16 مجموعة. بينما انضم إلى تنظيم "أحرار الشام" مسلحون من 12 فصيلا عسكريا، ويساند "الجيش السوري الحر" تنظيم "أحرار الشام". وفي حصيلة الأمر، ووفقا لمعطيات مصادر كردية، يوجد لدى كل تحالف إسلاموي نحو 20 ألف مسلح، ولكن كفة الميزان تبقى تميل إلى مصلحة تنظيم "هيئة تحرير الشام" الأكثر تطرفا وعدوانية. وكان الإسلامويين قد سيطروا على مدينة إدلب في مارس / آذار 2015. وكانت تندلع سابقا فيما بينهم اشتباكات مسلحة؛ ولكن "العامل الاقتصادي" كان السبب الجوهري والأساس في هذه الصراعات، وعلى قاعدة - من سيحصل على حصة أكبر من المال، الذي يرسله الرعاة الخارجيون للحرب؟ بيد أن جوهر الصراع الحالي يتلخص في حقيقةأن العديد من هذه المجموعات يرتبط في المقام الأول بتركيا، وفي الوقت الراهن تحاول هذه المجموعات النأي بنفسها عن "الجهاديين" والبرهنة على "اعتدالها". وتلعب دورها أيضا الغارات الجوية التي يشنها الطيران الحربي الروسي والأمريكي وعمليات الاصطياد الجوي للمتطرفين. هذا، ويحدد تنظيم "أحرار الشام" وضعه كاتحاد للإسلامويين-القوميين المعتدلين. كما أن هذا التنظيم لم يدرج في قائمة "المتطرفين" الروسية حتى لا يتعرض للقصف الروسي الجوي. وفي الوقت نفسه، اتخذ موقفا محايدا تجاه مفاوضات أستانا، ولكن من دون أن يرسل ممثلين عنه إلى العاصمة الكازاخستانية. في حين أن هيكل "جبهة النصرة" السابقة يتكون من "الجهاديين"الأمميين، ولا تريد أن تسمع كلمة عن أي تسوية مع دمشق، وتعتزم مواصلة القتال حتى النهاية. يقول المستشرق ليونيد إيسايف من المدرسة العليا للاقتصاد إن المفاوضات الثلاثية (روسيا، إيران، تركيا) أدت الى انخراط المجموعات الموالية لتركيا وبخاصة "الجيش الحر" في إدلب في مواجهة مع التنظيم المتشدد "هيئة تحرير الشام".وبما أن قدرات "الجيش الحر" محدودة، وأن الأتراك مشغولون في مجابهة تنظيم "داعش" في منطقة الباب، فإن أنقرة تتمنى كثيرا أن يقوم تنظيم "أحرار الشام " بتقديم المساعدة إلى "الجيش الحر". لكن "أحرار الشام" يفضلون الانتظار ولم يهرعوا لنصرة "الجيش الحر". ويضيف إيسايف أن "أحرار الشام" تنظيم يتصف بالحذر الشديد، وقد انضم إلى المصالحة لكيلا يتعرض للقصف الجوي الروسي، وفي الوقت نفسه لم يرسل ممثلين عنه إلى مفاوضات أستانا. وعلى الرغم من أنه يتلقى معوناته عبر الحدود التركية، فإنه موالٍ للسعودية. لهذا إذا أردنا استخدام "أحرار الشام" ضد "جبهة النصرة"، فعلينا اولا الاتفاق مع الرياض"، كما أكد إيسايف. أما بالنسبة إلى الجيش الحكومي السوري، فهو ليس في عجلة من أمره للتدخل في الأحداث التي تدور في إدلب. هذا، إضافة إلى أن قطعاته العسكرية الأكثر فعالية مشغولة في مقاطع أخرى من جبهة القتال. وبصورة عامة، فإن دمشق راضية جدا، لأن المسلحين يبيدون بعضهم بعضا.
مشاركة :