يبدو أن العلاقة بين العملاء ومصارفهم في سويسرا تغيرت، حتى أن هذا التحول طال حساباتهم المصرفية، فقد بدأت فروع هذه المصارف تفقد أهميتها، على النقيض من الإنترنت الذي يكسب مساحة يوما بعد يوم. لكن مع ذلك، كانت هناك حدود لهذا التطور، إذ لا يزال هناك عدد قليل من العملاء يرغبون حاليا في إيداع أموالهم بقسم إدارة الأصول تحت إشراف الإنترنت وحده بدلاً من المستشار المصرفي.ونتيجة لذلك، فإن عدد فروع المصارف يتناقص في سويسرا منذ سنوات، وعلى سبيل المثال، كانت لا تزال هناك 3433 شركة تعتمد على المصارف في عام 2000، مثل فروع، ووكالات، وصناديق إيداع، أو مكاتب ممثلة للمصارف.وبعد خمس سنوات، انخفض هذا العدد إلى 3200، ففي عام 2015، أحصى البنك الوطني السويسري (المصرف المركزي) 2864 فرعاً مصرفياً في البلاد، بنقصان 569 فرعاً مقارنة بعام 2000، و336 فرعاً مقارنة بعام 2005. وأعلنت أخيرا مؤسسات مصرفية مختلفة مثل مجموعة "رايفايزن"، التي أصبحت أحد أكبر المصارف السويسرية بعد مصائب المصرف الأول "يو بي إس"، عن رغبتها في الحد من فروعها وشبكة الشركات التابعة لها.ويعكس هذا الانخفاض الجانب السلبي للتطور التقني الذي يدفع يومياً مزيدا من العملاء نحو تنفيذهم "بأنفسهم"، جميع الخدمات المصرفية عبر الإنترنت بدلاً من اللجوء إلى الفروع. وتتسع الخدمات المصرفية ذاتية الإنجاز يوماً بعد يوم، كتحويل أموال إلى الخارج أو الداخل، ودفع الفواتير، وتسديد مستحقات الضريبة، وبيع وشراء الأسهم والسندات، ومتابعة حركة الحساب المصرفي. وتُمثل الخدمات التي يتيحها المصرف لعملائه عبر الإنترنت الآن، أهم معيار في اختيار العميل للمصرف، بحسب ما يعتقده 30 في المائة من 4 آلاف شخص شملهم استطلاع أجراه معهد الخدمات المالية (آي إف زد).وأشار 60 في المائة من المُجيبين على الاستطلاع إلى أن آخر زيارة لهم إلى مصرف أو فرع كانت منذ ستة أشهر أو أكثر، بل إن 28 في المائة من العملاء لم يذهب إلى مصرفه أو إحدى المؤسسات المصرفية منذ أكثر من سنة. ووراء هذه الأرقام يظهر الاختلاف الجذري بين الأجيال، فالعملاء الأصغر سناً ينفذون الأعمال المصرفية بالوسائل الرقمية أعلى بكثير من كبار السن، في حين بقيت فروع المصرف أكثر تفضيلاً للعملاء الكبار في السن. ولهذا السبب لا تزال فروع المصرف والمؤسسات التابعة له مهمة، ولن تختفي تماماً في المستقبل المنظور، بحسب ما صرح به أندرياس ديتريش، الأستاذ في معهد الخدمات المالية، وأحد مُعدي الدراسة.ويريد أغلب المستطلع آرائهم إتمام أوامرهم المصرفية عبر الهاتف الذكي الخاص بهم، في حين يقول المعهد إن القنوات الرقمية هذه يمكن أن تُسبِّب تغييرا أساسيا في النظام المصرفي ككل مما ينعكس سلباً قبل كل شيء على التوظيف. من ناحية أخرى، فإنه عندما تصبح الخدمات المصرفية خالصة عبر الإنترنت، فستصير أحسن وأسرع وأرخص، وأكثر تنافسية، وسيؤدي ذلك إلى تحسين المركز المالي للبلاد. ومع ذلك فإن هذا التطور شهد حدوداً، فالأشخاص الذين تم إستطلاع آراؤهم كانوا أقل عدداً في إمكانية تخيُّل إيداع أموالهم لدى مدير للثروات اسمه "الإنترنت" يقوم بتنفيذها عبر برامج نقية تتولى توجيه العميل: أين يستثمر أمواله، وفي أي مجال، حيث يميل العملاء إلى اللجوء لمستشار المصرف الذي يتعامل معه، بدلاً من العالم الرقمي.وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن تستهدف انتقادات العملاء قبل كل شيء ارتفاع التكاليف التي يستقطعها المصرف منهم، وانخفاض معدلات الفائدة، وعلى هذا الأساس فإن الرأي القائل إن انعدام، أو حتى تدني التكاليف التي يتحملها مستخدمو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت يمكن أن يعطي زخماً للنمو الرقمي في مجال الخدمات المصرفية.وتتعلق بعض الانتقادات الموجهة للمصارف في سهولة الوصول، وشبكة الفروع، وساعات عمل المصارف العادية، وتشير الدراسة إلى أن المرأة أعطت اهتماماً أكثر لهذه المعايير من الرجل.وأظهر عملاء المصارف في سويسرا إخلاصاً أكثر لمصارفهم، إذ إن ما يقرب من 90 في المائة من المجيبين عموما، كانوا في المجمل العام راضين أو راضين جداً إزاء المصرف الذي يتعاملون معه، ويزداد الارتياح ولا سيما بين الشباب دون سن الـ 26 عاما، ويتزايد عدم الرضى حول ارتفاع تكاليف الخدمات المصرفية مع تقدم سن العميل.وبينما لم يغير أبداً ربع الأشخاص الذين تم استجوابهم، المصرف الذي تعاملوا معه في المرة الأولى، أدار ثلث الأشخاص ظهورهم إلى تلك المؤسسة المالية مرة واحدة فقط، وكان ارتفاع التكاليف وانخفاض أسعار الفائدة المفتاح الذي قاد نحو خُمس العملاء الى تغيير مصرفهم.وتؤكد الدراسة أن هذا الرقم كان يُمكن أن يصبح أعلى بكثير، لو كان من السهل على العملاء إجراء مقارنة دقيقة بين المصارف إزاء تكاليف الخدمات المقدمة لهم، غير أن المقارنة معقدة، وقد جعلت الحلول الشاملة أو "حزمة المزايا" للحسابات الجارية، والمرتبات بما في ذلك بطاقة السحب الآلي، وبطاقة الائتمان من المستحيل المقارنة بين المصارف المختلفة والمتعددة. Image: category: عالمية Author: ماجد الجميل من جنيف publication date: الخميس, فبراير 9, 2017 - 03:00
مشاركة :