تظاهر آلاف العراقيين أمام مدخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس، للمطالبة بتغيير قانون الانتخابات وأعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. ونُظمت المظاهرة التي دعا إليها التيار الصدري وشارك فيها آخرون، وسط إجراءات أمنية مشددة تضمنت قطع الطرق المؤدية إلى منطقة الجادرية، حيث تجمع المتظاهرون، وإخلاء مقار الجهات الحكومية في المنطقة الخضراء، تحسبًا لاحتكاكات بين موظفيها والمتظاهرين. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: «تغيير مفوضية الانتخابات»، و«التمهيد لتغيير الوجوه السياسية كلها... شلع قلع (اجتث)». وتعيد المظاهرة إلى الأذهان الحراك الشعبي الذي حمل مطالب إصلاحية وانطلق في يوليو (تموز) 2015، وتتزايد خشية السلطات العراقية من تكرار محاولة اقتحام المنطقة الخضراء من قبل المحتجين كما حدث في مايو (أيار) 2016. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حذر الحكومة الاثنين الماضي من «صولة شعبية للجياع والمظلومين تطال الفساد والمفسدين الموجودين في أروقة الدولة العراقية». ودعا في وقت سابق إلى تحديد عضوية مجلس النواب ورئاسة الوزراء بدورتين فقط. وحث المدون صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، عبر صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، أتباع التيار الصدري في 20 نقطة على رفع العلم العراقي وترديد الشعارات الوطنية. وذكّر المتظاهرين بـ«ذكرى الخيمة الخضراء في المنطقة الخضراء»، في إشارة إلى الخيمة التي نصبها مقتدى الصدر لنفسه وأقام فيها خمسة أيام في المنطقة الخضراء العام الماضي. ويرى المتحدث باسم الأمانة العامة لكتلة «الأحرار» النيابية (صدرية) جواد الجبوري، أن «الاحتجاجات عمومًا لا تتعلق بالصدريين فقط، إنما هي مطالب جماهيرية، لكن الصدريين أكثر فاعلية من غيرهم». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع أي مطلب سلمي. المطالب الجماهيرية السابقة بمكافحة الفساد وتقديم الخدمات لا يمكن تحقيقها إلا بتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها، من أجل إنتاج وجوه جديدة في العملية السياسية». واعتبر أن المظاهرات أمام المنطقة الخضراء «استكمال لموضوع استجواب أعضاء المفوضية في مجلس النواب الذي تقدم به أحد النواب الصدريين». وأضاف أن «المفوضية مشكوك في إدارتها، ولدينا كثير من الملاحظات على أدائها». وفي حال عدم تحقيق مطالب المحتجين، لمح الجبوري إلى إجراءات تصعيدية. وقال: «على الساسة ألا يأمنوا فورة الشعب. إرادة الشعب أقوى، ولا ضمان في هذه المسألة. صارت لدى الناس تجربة في الاحتجاج والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات». وتتلخص أهم مطالب المحتجين، استنادًا إلى جاسم الحلفي عضو اللجنة المشرفة على الاحتجاجات الشعبية، في «تشريع قانون منصف وعادل للانتخابات، واختيار مجلس للمفوضية ليس على أساس المحاصصة الطائفية ويتمتع بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية». ويرى الحلفي، وهو ناشط وعضو الحزب الشيوعي العراقي، أن الاحتجاجات التي انطلقت في يوليو 2015 «وجّهت ضغوطًا شديدة إلى الحكومة نتجت عنها إجراءات إصلاحية اتخذتها السلطات الثلاث القضائية والبرلمانية والتنفيذية... لكن الأمور عادت إلى سابق عهدها وإلى المحاصصة البغيضة في وقت لاحق، بدل السير في طريق الإصلاح». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس أمامنا إلا سلوك أحد طريقين، العنف أو السلام. العنف مرفوض بالنسبة إلينا، وليس أمامنا سوى طريق السلام عبر الاحتجاج والتظاهر». وأشار إلى أن «القانون الحالي وتشكيل أعضاء المفوضية لا يخدمان هدف التغيير، إذ إن القوى والأحزاب النافذة فصّلت القانون على مقاساتها وخدمة لمصالحها، بحيث يضمن صعود أتباعها ويحرم الآخرين مهما حصلوا على أصوات. وكذلك الأمر مع أعضاء المفوضية الحاليين الذي تم اختيارهم وفق مبدأ التحاصص الحزبي». إلى ذلك، قررت لجنة مكافحة الفساد في التيار الصدري أمس فصل 11 عضوًا من التيار يتوزعون على مختلف المدن والمحافظات، «لعدم التزامهم بقرارات اللجنة وامتناع آخرين عن الحضور». وكان الصدر شكل لجنة خاصة العام الماضي لمتابعة من تثبت عليه تهم السرقة أو الفساد أو الابتزاز من أعضاء التيار.
مشاركة :