بدت علامات الترقب والخوف على أعين مجموعة من لاعبي كريستال بالاس أثناء صعودهم الدرج باتجاه قاعة الاجتماعات الرئيسية الأحد الماضي، وهو اليوم التالي للهزيمة القاسية على يد ضيفهم سندرلاند. أما الساعات القليلة التي أعقبت ذلك، فجرى خلالها استعراض الرعب الذي سيطر على صفوف الفريق خلال الشوط الأول من مباراة سندرلاند، ومشهد التعرض للهزيمة على يد الفريق القابع في قاع الدوري، وحالة الشلل التي أصابت صفوف الفريق وقوضت أي أمل في استعادة عافيته. وبذلك، جاءت الهزيمة التاسعة للفريق على أرضه لتحصره في آخر مركزين بقاع جدول ترتيب الأندية. وعبر شاشة تلفزيونية عملاقة تعمل باللمس، عمد مدرب بالاس سام ألاراديس وأفراد الطاقم الفني المعاون له إلى كشف جميع نقاط الضعف التي ظهرت بصفوف الفريق وأثارت التساؤلات حول قدرة اللاعبين على تقدير المواقف فيما يخص كل من الأهداف الأربعة التي مني بها مرماهم خلال الشوط الأول من المباراة. في الواقع، بدا الأمر برمته أشبه بجلسة للتخلص من روح شيطانية تلبست الفريق عبر العودة إلى أساسيات كرة القدم في محاولة أخيرة لإنقاذ ما تبقى من الموسم. ومن الواضح أن الفوز الذي تحقق منتصف الأسبوع على بورنموث كان بمثابة فجر كاذب، فمع العودة إلى ملعب سلهرست سرعان ما تسببت العقبة الأولى بطريق الفريق إلى انهياره، والتي تمثلت في مزيج من هدف قلب دفاع سندرلاند الإيفواري الأمين كوني وتعرض الفرنسي يوهان كابايي للإصابة، الأمر الذي شكل حافزًا للانفجار الأخير الذي شهده الفريق. وبدا وكأن جميع المعلومات والاستعدادات تلاشت من أذهان اللاعبين بمجرد إحراز الخصم هدف التقدم الأول، في الوقت الذي نجح سندرلاند في إبداء الصبر انتظارًا للفرص التي سيستثمرها حتمًا حالة القلق التي سيطرت على لاعبي الخصم. وفي تعليقه على المباراة، قال ألاراديس: «لم أر سوى حالة من الضعف منذ اللحظة التي تقدم فيها الخصم علينا. لم يكن هناك سوى الخوف». والواضح أن كريستال بالاس يحمل ندبات الأداء السيئ الذي قدمه هذا الموسم على أرضه - حصد سبع نقاط من إجمالي 36 محتملة - بجانب ثلاثة أعوام ونصف العام من الإنجاز الهزيل. أما الجماهير التي تعاين هذا الأداء، فما تزال تحمل بداخلها ذكريات الأداء المذهل أمام ليفربول وكذلك الانتصارات الكبرى أمام توتنهام هوتسبير ومانشستر سيتي. ورغم أن الجو العام داخل سلهرست بارك ما يزال صاخبًا، فإن الفرق الزائرة وجدت الطريق عليه ممهدًا نسيبًا، ذلك أن الأرقام تكشف نجاح كريستال بالاس في الفوز في 22 مباراة فقط من إجمالي 69 مباراة خاضها على أرضه في إطار الدوري الممتاز منذ صعوده إليه عام 2013. والمؤكد أن نجاح كريستال بالاس في المشاركة بالدوري الممتاز على امتداد أربعة مواسم متتالية رفع سقف تطلعات جماهير النادي. وحتى بعد التراجع الشديد الذي تعرض له أداء الفريق خلال النصف الثاني من الموسم الماضي، قليلون توقعوا أن يستمر الموسم في حالة اضطراب بعد الاستثمارات الضخمة التي ضخها النادي تجاه استقدام لاعبين جدد خلال الصيف. ورغم أن فريق كريستال بالاس يملك مهارات حقيقية ورغبة صادقة في تصحيح المسار، فإنه يعاني كذلك من هشاشة ذهنية جراء 14 شهرًا من النتائج المريعة. وفي خطابه الذي ألقاه بعد المباراة داخل غرفة تغيير الملابس، السبت، شدد رئيس النادي ستيف باريش، على مشاعر الإحباط التي سيطرت على الجماهير. أما الرسالة التي أطلقها ألاراديس بعدما تولى تشريح وتحليل الأخطاء التي وقعت بالمباراة أثناء الاجتماع الذي انعقد في السابعة صباح الأحد، فتركزت حول منع حدوث موجة من الذعر صفوف اللاعبين مرة أخرى. من ناحية أخرى، تكشف الإحصاءات أن كريستال بالاس اخترقت شباكه تسعة أهداف خلال الدقائق الثماني الأخيرة من المباراة هذا الموسم، ما كبده تسع نقاط ثمينة. وربما تشير أصابع الاتهام هنا إلى غياب التركيز أو اللياقة البدنية. وكثيرًا ما وجد الفريق نفسه ممزقًا ما بين الحاجة إلى السعي الدؤوب وراء تحقيق الفوز أو الرضا بالتعادل. وتفتق عن مزيج القلق والطموح حالة من غياب الانضباط. واليوم، يبدو أن الفريق يعقد جل آماله في البقاء بالدوري الممتاز على أربعة وجوه جديدة بالفريق ضمهم النادي مقابل مبالغ ضخمة. في الواقع، كان كريستال بالاس النادي الأكثر إنفاقًا على صفقات ضم لاعبين جدد خلال موسم انتقالات اللاعبين بمنتصف الشتاء. ومع ذلك، فإن واحدًا فقط من اللاعبين الأربعة الجدد المأمول فيهم شارك في مباراة السبت. ويرى فريق التدريب أن اللاعبين أمثال قلب الدفاع مامادو ساكو المعار من ليفربول والصربي لوكا ميليفوجفيتش، بل وحتى الظهير الأيسر الغاني جيفيري شلاب والمدافع الهولندي باتريك فان آنهولت، لم يعانوا من عقدة الخوف من الفشل على أرض كريستال بالاس. وبالتالي، فإنهم لن يشاركوا باقي اللاعبين حالة الذعر وغياب الثقة بالنفس لدى المشاركة على أرض هذا الاستاد. بوجه عام، من الواضح أن الحاجة كانت المحرك الرئيسي وراء سياسة الانتقالات داخل كريستال بالاس، خاصة أن الفريق عانى انعدام التوازن جراء غياب ظهير أيسر منذ حادث السيارة الذي تعرض له بابي سواري في سبتمبر (أيلول). ورغم أن ساكو ربما بدا محدود التأثير في صفوف ليفربول، لكن من غير المتوقع أن يفرض عليه ألاراديس المطالب ذاتها. في الواقع، ساكو يمثل نمطًا بالغ الجدية من المدافعين، إضافة إلى تميزه بشخصية كاريزمية بمقدورها توفير حماية خلفية لصفوف الفريق بمفردها. وهناك أيضًا ميليفوجفيتش الذي ربما يعيد إلى الأذهان القدرات التدميرية المذهلة لمايل جيديناك في دور دفاعي بوسط الملعب. ومع ذلك، ورغم ما يحملانه من إمكانات واعدة، يبقى ساكو وميليفوجفيتش بمثابة عنصرين مجهولين في معادلة الفريق، خاصة أن أحدهما لم يشارك في مباراة تنافسية منذ أبريل (نيسان). أما الصربي فقد جرى ضمه مقابل مبلغ ضخم من نادي أوليمبياكوس، وليس لديه سابق خبرة بالدوري الإنجليزي الممتاز. من جانبه، علق ألاراديس على لاعبه الجديد بقوله: «أعتقد أنه سيضفي بعضًا من الاستقرار على الفريق. لقد لاحظت أن الفرق الأخرى تخترق منتصف الملعب لدينا بسهولة بالغة للغاية وبمعدل كبير». على المدى القصير، ينبغي أن يشارك اللاعبون الجدد في مباراة ستوك سيتي، غدا، إذا ما سمحت لياقتهم البدنية بذلك. في المقابل فإن أمثال داميان ديلاني وجويل وورد وجيسون بونشون ارتبطوا عاطفيًا بالنادي لفترة طويلة، لكن أداءهم تراجع تحت وطأة إخفاقات الشهور الـ14 الأخيرة. وتنتظر كريستال بالاس مواجهات على أرضه أمام ميدلسبرة وليستر سيتي وهال سيتي، لكن بالنظر إلى أن مواجهاته خارج أرضه أمام أندية كبرى هي ليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، فإن من الواضح أن على لاعبيه ضمان الفوز على المباريات الثلاث على أرضهم على الأقل إذا ما رغبوا في ضمان فرصة حقيقية للهروب من شبح الهبوط.
مشاركة :