لندن: «الشرق الأوسط» ساهمت العديد من العوامل في تشكيل «نقاط ساخنة» عقارية جديدة في لندن مع انتشار بناء ناطحات السحاب وتطوير نظم مواصلات سريعة بالإضافة إلى مشاريع التجديد للمناطق الشعبية. ويرى خبراء أن تأثير هذه العوامل سوف يفيد نمو الأسعار في هذه المناطق، وإن كان التأثير سوف يكون على المدى البعيد في بعض الأحياء. وتقع معظم النقاط الساخنة الجديدة جنوب نهر التيمس، وهو منطقة كانت مهملة تاريخيا. ولكنها تعد الآن من المناطق الواعدة خصوصا بعد بناء ناطحة السحاب «شارد» التي تقع بالقرب من محطة «لندن بريدج». ويشمل التطوير أيضا مناطق مثل «ناين ايلمز» التي تشهد انتقال بعض السفارات إليها ومنها السفارة الأميركية والسفارة الصينية، ومنطقة «إيليفانت آند كاسل» التي تشهد مشاريع إسكان جديدة. ولكن خبراء يحذرون من الإفراط في التفاؤل، حيث يقول ديفيد آدامز الذي يدير مكتب عقارات «جون تيلور» للعقارات السوبر في لندن، إنه لا يرى تحولا مفاجئا بين ليلة وضحاها في هذه المناطق بفضل مشاريع الناطحات أو الإسكان الفاخر القريب منها. وضرب مثلا بذلك أن العقار السوبر «وان هايد بارك» يبلغ سعر القدم المربع الواحد فيه نحو سبعة آلاف إسترليني (10.5 ألف دولار)، بينما المبنى المجاور الذي يتمتع بنفس المشاهد والمزايا المحلية لا يزيد سعر القدم المربع فيه على 2500 إسترليني (3750 دولارا). ولكن آدامز يضيف أن تأثير مشروعات عملاقة مثل «شارد» وناطحات السحاب الأخرى هو تغيير مفاهيم الرأي العام حول المنطقة وزيادة الإقبال عليها. ويعتقد جيمس هايمان من شركة «كلاتونز» العقارية في لندن أن منطقة مثل «لندن بريدج» كان ينظر إليها في الماضي على أنها مركز مواصلات، أما الآن فإنها تجتذب الزوار كمركز تجاري مجاور لناطحة السحاب «شارد» التي يقبل عليها السياح يوميا. من الآثار الواضحة أيضا تحول المواقع السكنية في هذه المناطق من نمط الإيجار إلى التملك، خصوصا بين الجيل الجديد الذي يفضل السكن في لندن بدلا من الضواحي. وهو لا يعتقد أن تألق بعض المواقع الجديدة يعود فقط لبرامج التجديد أو لناطحات السحاب القريبة ويقول: «لا أحد يعرف تماما كل الأسباب، ولكن ما نعرفه هو أن بعض المناطق ترتقي في السمعة والأسعار والسبب هو توافد العديد من المستثمرين والسكان عليها وإضفاء روح جديدة على المكان بالكثير من الابتكار». ويشترك هؤلاء جميعا في هدف واحد هو تحسين المعيشة في المنطقة التي يقيمون فيها. وهو يعطي أمثلة لمناطق مثل ناتنغ هيل التي يقطنها مصرفيون أثرياء أو منطقة «شورديتش» التي يسكنها عاملون في مجال الإعلام لأنها تقدم إيجارات رخيصة. وعادة ما يحصل هؤلاء الذين يتوجهون إلى مواقع جديدة على عوائد أفضل، وإن كان الأمر يستغرق بعض الوقت. فهؤلاء الذين ذهبوا إلى منطقة كناري وارف في الثمانينات يجنون الآن عوائد مجزية من الموقع. ومثل كناري وارف ازدهرت أيضا مواقع أخرى مثل ساوث بانك وكنغز كروس، وكلها استغرقت نحو عشر سنوات في المتوسط لكي ينجز التغيير من منطقة دون المتوسط إلى منطقة ناشئة عقاريا. وتعتبر منطقة «ناين إيلز» التي تجذب إليها السفارات في جنوب لندن هي المنطقة المرشحة لفترة نمو عقاري هائل في السنوات العشر المقبلة. وسوف يتم تحسين شبكة المواصلات في المنطقة، كما أن الجيل الجديد ينظر إليها على أنها أفضل مناطق المستقبل. ويمتد الاهتمام بالمناطق المجاورة أيضا لأنها رخيصة نسبيا اليوم، ولكنها قد تقدم أفضل العوائد ونسب النمو في المستقبل. ويمكن القول إن تحسين منظومة المواصلات في لندن توفر أكبر الحوافز للنمو العقاري فيها. ويجني أفضل العوائد هؤلاء الذين يعرفون مقدما بتفاصيل مشروعات التحديث التي ستقع حتى عام 2020. من هذه المشروعات خط حديدي يمتد في شرق لندن وخط آخر دائري حول لندن، كان من تأثيرهما رفع الأسعار في بعض المناطق الهامشية مثل هايوارد بنسبة 15 في المائة. وهذا العام يبدأ العمل في مد خط مترو أنفاق إلى منطقة باترسي لخدمة منطقة السفارات في «ناين إيلز» كما أعلنت إدارة لندن ميزانية قدرها 300 مليون إسترليني (450 مليون دولار) لتحسين محطات «ووترولو» و«إيليفانت آند كاسل» و«ووليتش». ويوجه عمدة لندن إرشادات إلى المجالس المحلية بضرورة تكامل مشروعات الإسكان مع منظومة المواصلات بحيث تتقلص الحاجة إلى استخدام سيارة في العاصمة إلى الحد الأدنى. كما سوف ينتبه أهالي لندن هذا العام إلى تأثير مشروع «كروس ريل» الذي يربط بين جانبي لندن من الشرق إلى الغرب. وسوف يوفر هذا المشروع ست محطات جديدة في وسط لندن ويضيف إلى اقتصاد لندن ما قيمته 42 مليار إسترليني (63 مليار دولار). وتقول دراسة من شركة «جونز لانغ لاسال» إن العقارات القريبة من محطات «كروس ريل» الجديدة سوف تكتسب قيمة إضافية تصل إلى 57 في المائة إضافة إلى قيمتها الحالية من الآن وحتى عام 2018. وهذه النسبة تزيد كثيرا عن بقية قطاعات سوق العقار في لندن. وتلاحظ شركات العقار في لندن أن سكان لندن يركزون في الوقت الحاضر على القيمة، ويبيعون في المناطق التي يعتبرونها باهظة وينتقلون إلى عقارات أفضل في مناطق مجاورة أرخص ثمنا. ويبدو الأمر وكأنه هجرة جماعية منظمة من حي تشيلسي إلى حي فولهام المجاور، ومن أحياء مثل باترسي وكلابهام إلى بالهام وداليتش. ويحسب هؤلاء حساباتهم على أساس سعر القدم المربع بالإسترليني، وهو المعيار الذي يستخدمه وكلاء العقار وشركات تطويره وبيعه. وتتراوح الأسعار في لندن حاليا ما بين 400 إسترليني (600 دولار) للقدم المربع الواحد في منطقة لويشام، إلى أربعة آلاف إسترليني (6000 دولار) للقدم الواحد في منطقة مايفير. وهناك عوامل أخرى تؤثر في الأسعار، أحيانا بين شارعين متجاورين. من هذه العوامل وجود مجمعات إسكان شعبي تنعكس سلبيا على أسعار العقارات المجاورة. ولكن مشاريع النهوض بهذه المساكن وتحويلها إلى مساكن خاصة من شأنه رفع الأسعار وتحسين سمعة المنطقة فورا. وهناك مثل هذه المناطق في منطقة المواصلات المركزية في لندن التي تعرف باسم «المنطقة رقم 1». فيمكن شراء العقار في منطقة «إيليفانت آند كاسل» بأسعار لا تزيد على 600 إسترليني (750 دولارا) للقدم المربع الواحد. من المناطق الأخرى المرشحة للنمو بقوة في السنوات الخمس المقبلة، منطقة ساوث بنك القريبة من النهر. وتعتبر مناطق لندن بريدج وبرموندزي من مناطق العقار الساخنة أيضا بفضل تأثير ناطحة السحاب «شارد». * أعلى ناطحات السحاب في لندن: 1- شارد (ارتفاع 310 أمتار) 2- ذا بيناكل (288 مترا) 3- سيتي غروب سنتر (243 مترا) 4- ريفر سايد ساوث (237 مترا) 5- وان كندا سكوير (235 مترا) 6- هيرون تاور (230 مترا) 7- 8 كندا سكوير (200 متر) 8- 25 كندا سكوير (200 متر) 9- برودغيت تاور (185 مترا) 10- سان جورج وارف تاور (181 مترا) 11- تاور 42 (183 مترا) 12- سان ماري أكس «غيركن» (180 مترا)
مشاركة :