ما أن تذكر كلمة «القرية» إلا ويتبادر إلى أذهاننا البيوت البسيطة والحقول والبساتين بعيداً عن صخب الحياة العصرية ونمطها السريع .. ولكن «القرية الرملية» في الكويت تختلف في مسماها ومضمونها.. فقد أصبحت القرية الرملية معلماً سياحياً يجذب زوار الكويت من كل مكان، كما استحوذت على الاهتمام الإعلامي باعتبارها أكبر قرية رملية في العالم. تصميمها كان بمثابة مفاجأة للجمهور، فالزائر يعيش قصصاً وروايات وحكايا قديمة وتاريخ جميل قرأه في الكتب، حيث يتجول بين مجسمات صممت على أيدي فنانين عالميين ماهرين. فما هي حكاية القرية الرملية؟ ومن قام بتصميمها، وكيف تصمد أمام تقلبات الطقس والأمطار؟ التقينا رئيس مشروع «كويتي وأفتخر» ضاري الوزان الذي حدثنا عن هذا الإنجاز الكبير قائلاً: يأتي تصميم القرية الرملية ضمن إنجازات «مشروع كويتي وأفتخر» الذي حقق نجاحات كبيرة منذ بداية انطلاقه عام 2008، وهو عبارة عن مؤسسة غير ربحية تهدف إلى دعم وإبراز طاقات الشباب الكويتي في مختلف المجالات والمستويات، وذلك من خلال تنظيم الفعاليات والأنشطة والبرامج المنوعة مع العمل على تحديد العقبات التي تواجههم والقضاء عليها، كما يتبنى فريق «كويتي وأفتخر» المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويعمل على تلبية متطلباتها من خلال الدعم والتوجيه المستمر من البداية وحتى النهاية. وفي كل عام يقام «ملتقى كويتي وأفتخر» ويشارك خلاله شباب موهوبون وطموحون يعرضون إبداعاتهم، ويستقبل أعداداً كبيرة من الزوار. قرية مختلفة عن فكرة تصميم القرية الرملية ومهرجان رمال يحدثنا ضاري الوزان ويقول: إن مشروع كويتي وأفتخر لا يتوقف عند دعم الشباب والسعي لتحقيق طموحاتهم، بل يدعم بشكل مباشر السياحة في الكويت لتنشيطها وإعطائها المجال لتكون واحدة من أبرز الدول السياحية نشاطاً كما عهدناها سابقاً. من هذا المنطلق حرصنا على تقديم مفاجأة حقيقية للجمهور خلال «ملتقى كويتي وأفتخر» بدورته السابعة هذا العام بتصميم أول وأكبر قرية رملية في العالم بمساحة 30 ألف متر مربع مستخدمين فيها 35 ألف طن من الرمل، وعمل على تصميمها 73 نحاتاً دولياً وعالمياً من 20 دولة حول العالم. وقد تم خلالها تنظيم مهرجان دولي غير مسبوق تحت اسم مهرجان (رمال – REMAL) الدولي، كما كانت فرصة للشباب الكويتي للمشاركة في النحت على الرمال. ويضيف قائلاً: إن إنجاز عمل مثل القرية الرملية يتطلب إعداداً وتحضيرات وفريق عمل على قدر من الكفاءة، وقد حرص فريق عمل مشروع كويتي وأفتحر على تقديم إنجازهم على أكمل وجه، خاصة أن من يقوم بأعمال المشروع مجموعة من الشباب الكويتي الطموح، جمعهم حب الوطن والانتماء والولاء لأرضه. وعن التجهيزات والاستعدادات الخاصة التي تطلبها إنجاز القرية الرملية يقول: بعد إجراء العديد من الفحوصات والتجارب على عينات الرمل المختلفة والمتوافر في الكويت، أوضح الفريق الأمريكي القادم من الولايات المتحدة الأمريكية أن رمال الكويت تعتبر من أفضل أنواع الرمال الموجودة في العالم، وهذا سيسهم بشكل رئيسي وكبير في نجاح المشروع وإتمامه بالصورة المطلوبة والمرجوة. أما عن اختيار محتويات القرية، فقد حرصنا على إعطاء مهرجان رمال جانباً توعوياً، لذا تم اختيار رواية ألف ليلة وليلة لاعتبارها واحدة من أكثر الروايات شهرة عالمياً إضافة إلى أصولها العربية فأردنا تسليط الضوء عليها لقيمتها الكبيرة والثمينة. على أن يتم في كل عام اختيار رواية معروفة ومشهورة عالمياً. كل شيء مختلف بما أن القرية الرملية مختلفة بمسماها ومضمونها كانت أيضاً محتوياتها مختلفة ومتنوعة، تحدثنا عن محتويات القرية رئيسة اللجنة الإعلامية في ملتقى كويت وأفتخر 7 ومهرجان رمال الدولي بيبي الخضري فتقول: تضم قرية رمال عدة مجسمات أولها: لوحات تعريفية وتوضيحية خاصة بعرض قصص وروايات ألف ليلة وليلة والتعرف على أدق التفاصيل المرتبطة بالمجسمات وقصصها، حتى يتمكن الزوار من التعرف على القصص بصورة أفضل وأسهل وبشكل أجمل. ومجسم قصر شهرزاد وهو عبارة عن قلعة كبيرة مستوحاة من رواية ألف ليلة وليلة على ارتفاع 15 متراً ومكونة من ثلاثة طوابق، ويمثل المجسم الرئيسي في القرية وقد استهلك 10 آلاف طن من الرمال، حيث تم تصميمه بشكل يسمح للزوار من الصعود إليه والدخول عبر الدرج، وكذلك منحدر خاص لذوي الاحتياجات الخاصة إلى لقاء شهرزاد التي ستحكي القصص لشهريار أمام الجمهور من خلال المؤثرات الصوتية والضوئية باللغتين العربية والإنكليزية، ومشاهدة القرية الرملية بالكامل من الأعلى. أما مسرح مهرجان «رمال الدولي» يعتبر الأول من نوعه في العالم بتصميمه المبتكر والمبدع، حيث جسد واحدة من أنجح وأشهر القصص في العالم وهي قصة علاء الدين والمصباح السحري بالمجسمات والمؤثرات الصوتية والضوئية. كما تضمنت القرية منطقة مطاعم ومقاهٍ لتكون مكاناً لتجمع العائلة بعد الاستمتاع بالزيارة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية مشاهدة المعالم من كل جانب. وعن تقنية المؤثرات الضوئية تقول بيبي الخضري: تم التعاون والاتفاق مع أكثر من 50 شركة عالمية متخصصة بالإضاءة والمؤثرات الضوئية وكذلك العروض والفعاليات النارية، حيث تم تنظيم عروض ترفيهية متجددة لقيت صدى كبيراً لدى الزوار. إن حكايات ألف ليلة وليلة، وكنز علاء الدين ومصباحه، ومغامرات السندباد ووحوش الأدغال، وحيتان البحار، وغيرها مجسمات فنية أبدعها مصممون مهرة، ولعل اختيار فكرة الموضوع زاد من إقبال الجمهور لرؤية قصة من قصصنا الجميلة. وفيما يتعلق بنوعية الرمال تخبرنا بيبي الخضري قائلة: الرمال التي تم استخدامها نوعية ممتازة تحتوي على تربة هوائية ومادة لزجة من الطين تساعد على تماسكه ويطلق على هذه النوعية من الرمال اسم (الاكلاي)، وطبيعة الرمل الكويتي يمتاز بالتماس، كما أن طبيعة الأرض الكويتية بها ما يمكن من الوصول إلى طبقات من الرمال الأفضل عالمياً والملائمة لعملية النحت. وكي نتغلب على عوامل التعرية والأمطار والرياح تم صقل المجسمات المنحوتة بمادة صمغية تحافظ على شكل المجسم المنحوت مدة كبيرة خاصة أن الأمطار المعتادة في الكويت لا تعتبر مشكلة كبيرة. وتلفت إلى أنه تم تخطيط الموقع وعمل مسح كامل للمنطقة قبل البدء في عمل مناسيب وميول تستوعب مياه الأمطار حتى لا تخزن علاوة على عمل تحديد مساحة كل مجسم ومكانه باستخدام الأسمنت الأبيض وأسياخ الحديد وعمل قوالب خشبية لوضع الرمل بداخلها بسماكة نحو 20 سم كأساس للمجسم ومن ثم تم دكها وذلك لتهيئة الأرض لإقامة التصميم. وتقول: حرصنا على عدم تلوين المجسمات وتركها بلون الرمال الطبيعي لأن عند طلائها ستبدو أشبه بتماثيل الجبس.. على أن يتم تلون ليلاً بواسطة مؤثرات ضوئية. وتشير بيبي الخضري إلى أن وضع القرية الرملية في الهواء الطلق، بدلاً من وضعها في صالة مغطاة يعود لإبهار الزوار بفكرة تصميم القرية من الرمال وليس فقط بحجمها. يذكر أن القرية الرملية افتتحت في يناير 2014 وتستمر لاستقبال الزوار لمدة أربعة أشهر ليتم إهداؤها للمعارض الدولية، حيث أقيمت عليها.
مشاركة :