أثارت معلومات عن «مصالحات» عقدها النظام بإشراف روسي، مع أعيان ست بلدات، أبرزها منغ وتل رفعت، حفيظة المعارضة السورية التي تتهم الأكراد بـ«تسليم هذه المناطق إلى النظام، قبل انسحابها إلى عفرين، وتلافيًا للصدام مع قوات درع الفرات». وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «استياء واسعًا يعمّ في أوساط الأهالي المهجرين والنازحين من قراهم وبلداتهم في ريف حلب الشمالي، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، جراء قيام سلطات النظام بإشراف روسي، على توقيع مصالحة مع أعيان 6 بلدات وقرى من أبرزها منغ وتل رفعت في الريف الشمالي لحلب، على أن يجري التحضير لاحقًا لعودة سكانها إليها». غير أن بيانًا منسوبًا إلى أهالي تل رفعت ومنغ والقرى المحيطة بهما في ريف حلب الشمالي، نفى - وفق المرصد - كل ما أشيع عن إبرامهم مصالحة مع نظام الأسد برعاية روسية، مؤكدًا أنهم «قدموا التضحيات للخلاص من إجرام نظام الأسد». وقال البيان إن «ما يسمى بالمصالحة بيننا وبين نظام الأسد، ما هي في الحقيقة إلا تمثيلية استفزازية، وشماتة بمعاناة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، أبطالها النظام المجرم وأزلامه الذين لم يكونوا في يوم من الأيام يشعرون بمعاناة أهلهم، وداسوا على كل القيم الإنسانية في سبيل مصالحهم الشخصية البعيدة عن أدنى مستويات الإنسانية والكرامة التي لا قيمة للإنسان من دونها». أضاف البيان، أن «هذه التمثيلية تحصل بإخراج النظام الروسي الذي يدعي مصلحة الشعب السوري، بينما هو يدعم الظلم الجاثم على صدور السوريين لعشرات السنين ويحرمهم من أدنى حقوقهم في الحرية والكرامة، وبتواطؤ من قوات حزب العمال الكردستاني التي تحتل بلداتهم». من جهته، أعلن المعارض السوري سمير نشّار عن «مفاوضات تجري بين النظام والأكراد، لتسليم هذه البلدات للنظام قبل انسحاب القوات الكردية منها». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ التحوّل التركي (محاولة الانقلاب الفاشلة)، جرى خلط أوراق في شمال سوريا، خصوصًا في حلب وريفها الشمالي». وقال: «لم تعد موازين القوى دقيقة، ولا أحد يعرف أولويات التفاهمات التركية الروسية، علمًا بأن أولوية أنقرة باتت معروفة، وهي تنظيف حدودها من الوجود الكردي»، مذكرًا بأن «منغ وتل رفعت هما من النقاط القريبة من تركيا، وهاتان البلدتان، سيطرت عليهما قوات الحماية الكردية بدعم روسي وليس أميركي». كل هذه التطورات تخضع للحسابات التي ترعى مصالح الدول المؤثرة في الحرب السورية، وفق تقدير المعارض سمير نشار الذي انسحب مؤخرًا من الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، مشيرا إلى أنه «بعد التدخل التركي باتت منطقة شمال سوريا موضع اهتمام أنقرة، التي رفضت أي وجود للأكراد على حدودها، باستثناء عفرين، لذلك تفضّل وحدات الحماية التخلي عن منغ والعودة إلى عفرين، وتسليم البلدتين للنظام بإشراف الروس»، لافتًا إلى أن «الروسي بات يلعب دور ضابط ارتباط بين النظام والأتراك، ويضمن عدم حصول أي اشتباك بين الطرفين، وقد تكون الأولوية التركية هي إبعاد وحدات الحماية عن الحدود التركية، وأي قوة تأتي غير وحدات الحماية الكردية تكون مقبولة من تركيا، حتى لو كانت قوات النظام». من جهته، رأى الناشط المعارض عبد القادر علاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الترتيبات القائمة «ليست اتفاق مصالحة، إنما هي إجراءات تسليم قوات الحماية الكردية هذه المناطق إلى النظام». وعزا السبب إلى أن «قوات درع الفرات باتت قريبة من البلدات المشار إليها»، مؤكدًا أن «أيًا من أبناء هذه البلدات لم يعد إليها، والأهالي لا يزالون يقيمون في مخيمات في مدينة أعزاز قرب الحدود التركية». إلا أن قياديًا كرديًا رفض ذكر اسمه، أعلن أن «بنود هذا الاتفاق خاضعة للتقييم والتدقيق من وجهاء البلدات المعنية فيه». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هدف هذا الاتفاق هو عودة المهجرين إلى بيوتهم وأرزاقهم وحمايتهم»، رافضًا اتهام المعارضة للوحدات الكردية بتسليم المنطقة لقوات الأسد. وسأل: «بعد أن سلمت المعارضة حلب بكاملها، هل يحق لها اتهام غيرها بالتواطؤ مع النظام؟». ويبدو أن هذه الخطوة، تمهّد لما هو أبعد من انسحاب الأكراد من بلدات تقع تحت سيطرتهم، إذ رأى العلاف، أن «تسليم هذه المناطق للنظام، يجعل جبهات القتال بين النظام عريضة وفصائل المعارضة واسعة جدًا، وقابلة للصدام على نطاق واسع»، مشيرًا إلى أن «الصدام حصل (الخميس الماضي) قرب الباب بين الطرفين، لكن بعد تحرير الباب ستتوجه قوات «درع الفرات» إلى منغ وتل رفعت لتحريرها، لأن معظم مقاتلي هذه القوات هم من أبناء هذه القرى، ويرفضون بقاءها تحت سيطرة الأكراد أو النظام»، مشددًا على أن «الصدام مع النظام قادم لا محالة».
مشاركة :