ماذا سيكون في جراب لقاء ترامب ونتانياهو

  • 2/13/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين إلى واشنطن في وقتٍ لم يكتمل فيه تشكيل الإدارة الأميركية الجديدة، وفي خضم التعقيدات التي بدأت تواجه ترامب في سياق التفاعل السياسي والشعبي الأميركي والدولي مع أول خطوات بلورة وعوده الانتخابية المثيرة للجدل. لكن هذا اللقاء الذي جرى تصنيفه إسرائيليا على أنه حاسم، لن يكون محكوما بهذه التفاصيل في ظل ما تنتظره حكومة نتانياهو من أهداف كبيرة من وراء هذا الحدث تتعلق أساسا بعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين عموما، وحول المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية بشكل خاص، فضلا عن الملف الإيراني. وتتطلع إسرائيل إلى عهد جديد من العلاقات مع الولايات المتحدة الحليفة التقليدية لها، ووضع حد للثماني سنوات الصعبة التي رافقت فترة حكم باراك أوباما. ورغم ما ينطوي عليه اللقاء من أهمية بالنسبة للدولة العبرية، إلا أن الوعود والمواقف التي أطلقها ترامب أثناء الحملة الانتخابية وخاصة المتعلقة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو تصريحاته بشأن اعتراضه عن الاتفاق النووي الإيراني، كانت بمثابة رسائل طمأنة إلى حكومة نتانياهو عن نوايا الساكن الجديد للبيت الأبيض. وفي خضم تفاعلها مع رسائل الإدارة الأميركية الجديدة لم تنتظر إسرائيل موعد لقاء الرئيس، وشرعت في توسيع حملاتها الاستيطانية في مناطق مختلفة الضفة الغربية المحتلة والقدس رغم تبني الأمم المتحدة لقرار يقضي بوقف الاستيطان في ديسمبر كانون الأول دون أن تعترض واشنطن عليه للمرة الأولى. كما أقرت إسرائيل قانونا يقنن بأثر رجعي وضع نحو أربعة آلاف وحدة سكنية استيطانية بنيت على أراض يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة. ويسمح القانون الذي أثار استياء الفلسطينيين والمدافعين عن حل الدولتين، باستملاك أراض خاصة تعود إلى فلسطينيين شيد إسرائيليون عليها مبان بدون ترخيص سواء لأنهم لم يكونوا يعلمون بأنها ملكية خاصة أو لأن السلطات الإسرائيلية سمحت لهم بذلك. ورغم تعليق ترامب للمرة الأولى منذ توليه منصب الرئاسة على ملف الاستيطان باعتباره خطوة تهدد السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا تصريحه هذا لم يغير في مواقف الحكومة الإسرائيلية، ولم يلاقي أي استنكار يذكر، بل تم الاحتفاء به لأنها جاء مذيلا بتأكيد الرئيس الأميركي مساعيه لنقله سفارة بلاده إلى القدس. وبدا ترامب بذلك في ثوب المتواطئ سلفا مع إسرائيل، إلى الحد الذي تبدو فيه الأخيرة منتشية يصدر عنه، بيقين أن التعقيدات التي فرضتها حقبة أوباما قد ولت وحلت محلها فترة جديدة قد تكون منعرجا حقيقيا للقضية الفلسطينية يؤدي إلى لتلاشي حل الدولتين والإعلان عن أطروحات جديدة تؤيد الاستراتيجيات المرسومة سلفا داخل جدران الكنيست الإسرائيلي حسب تقديرات بعض المراقبين. وباعتباره أحد أسباب الخلاف الجوهرية بين الحليفين فترة حكم أوباما الذي اعتبر أن إيقاف الاستيطان هام جدا للمساعدة على السير قدما بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن نتنياهو وترامب سيكونان أمام ضرورة التوصل إلى اتفاق حول النشاط الاستيطاني. ولكن هذا الاتفاق المنظر قد يواجه بعض العقبات في ظل الانتصار الذي يصبو إليه نتانياهو من وراء رحلته لواشنطن، وهو المتطلع لأن يعود وبحقيبته حزمة وعود أو قرارات تؤيد الخطوات الأخيرة التي تم اتخاذها فيما يتعلق بالاستيطان الملف الأخطر على أي اتفاقية سلام كما تقدر ذلك الإدارة الفلسطينية وغالبية سياسيي العالم. في حين أعرب ترامب عن مساعيه للتوصل إلى اتفاق سلام دائم للقضية الأشد تعقيدا على مر عقود، وإعلانه عن رغبته في إيجاد إمكانيات سلام أكبر من ذي قبل. وفي ظل هذا التناقض، سيكون على ترامب إما السير في التيار المعاكس لإدارة أوباما وتعزيز مواقفه الداعمة لإسرائيل واتخاذ قرارات تجنبه الوقوف في وجه المشاريع الاستيطانية، أو سيجدد موقفه الأخير من هذا الملف ويرفضه باعتباره تهديدا لعملية السلام، في حين يقدم للحليف التقليدي جرعة دعم كبرى من بوابة نقل السفارة الأميركية للقدس. ويرجح المتابعون أن يسترضي ترامب إسرائيل بتشديده على قرار نقل السفارة، نظرا لما بهذه الخطوة من أهمية كبرى لدى مختلف التشكيلات السياسية الإسرائيلية، بل قد تكون الورقة الرابحة بالنسبة لنتانياهو والتي بإمكانه استغلالها لإسكات الأصوات التي قد تعلو وبقوة داخل فريقه من اليمين المتطرف الجهة الأكثر تشددا فيما يتلق بملف الاستيطان. وبذلك يضمن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن لا يعود بحقيبة خالية من القرارات، لأن نقل السفارة لمدينة القدس يعد حسب الكثير من المراقبين اعترافا نهائيا بدولة إسرائيل وبأن القدس عاصمة لها دون الحاجة لوضعها على طاولة المفاوضات، وحتى في حال طرحها على المفاوضات فإن المنظور الأميركي للملف سيكون المنظور المتبع عالميا. وهي الخطوة التي ستكون كفيلة بإرضاء اليمين المتطرف الإسرائيلي وقد تلجم الأصوات الملحة بشأن الاستيطان. علما وأن فإن الرؤساء السابقين لدونالد ترمب كانوا يؤجلون تطبيق نقل السفارة أو الاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وانحازت السياسة الخارجية الأميركية بشكل عام إلى سياسة الأمم المتحدة والقوى الكبرى الأخرى التي لا تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل ولا تعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية العربية بعد احتلالها في حرب عام 1967، على أمل إنجاح مفاوضات السلام بناء على حل الدولتين. إيران والدولة الإسلامية ومما لا شك فيه أن التهديد الإيراني سواء لإسرائيل العدو اللدود لها أو لأميركا كخصم تقليدي، سيكون على طاولة المحادثات بين الزعيمين. وعلى خلاف تعقيدات ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، سيكون الملف الإيراني أكثر توافقا بين الجانبين لعدة اعتبارات. أولها أن الجانبان يلتقيان في رفض الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في حقبة باراك اوباما، باعتباره يساهم في تقوية شوكة طهران الخصم العنيد للجانبين، والرغبة المشتركة في طرح عقوبات جديدة لتحل محل العقوبات التي تم إسقاطها على إثر الاتفاق النووي. لن يكون ترامب في حرج إزاء هذا الملف ما دام مدعوما بالكونغرس الأميركي ذي الأغلبية الجمهورية، والدافع باتجاه التخلي عن الاتفاق النووي الإيراني، والإجماع بشأن فرض أقصى حد ممكن من العقوبات. ولهذا سيسعى نتنياهو للدفع نحو إدخال تعديلات عليه باتجاه إعادة الوضع السابق لإيران قبل الاتفاق النووي، إلى جانب ضرب المساعدات المقدمة من طهران إلى حزب الله. وهذا الهدف سبق وأن تحدث عنه وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال أن نتنياهو سيحث ترامب على ضرب المساعدات الإيرانية المالية والعسكرية لحزب الله، عبر فرض عقوبات مشددة. كما أن تفشي النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط الذي أصبح واضحا ومنتشرا في أكثر من بلد على غرار العراق بشكل خاص الذي أصبحت الميليشيات الموالية لطهران داخله طرفا نافذا ومتحكما، فضلا على انتشار أمثالهم في كل من سوريا واليمن مستفيدين من انفلات الوضع الأمني، والذي يخيف أمن إسرائيل سيكون حافزا على الاشتراك في رؤية متطابقة لمواجهتها. هذا ويتوقع المراقبون أن يتطرق اللقاء إلى الدولة الإسلامية، وامن جهة البحث عن آليات القضاء عليه وليس مجرد تخفيف خطورته أو احتواءه، في تناغم مع رغبة ترامب المتوعد بالقضاء على التنظيم بشكل نهائي. وبحكم القرب الجغرافي لإسرائيل من معاقل التنظيم الإرهابي، فإنه من المرجح أن يكون الحديث منصب حول كيفية التأسيس لعلاقات جيدة مع دول الجوار المعنيين مباشرة بالحرب ضده، في ظل علاقات لا ترتقي إلى المستوى الجيد بينهم وبين إسرائيل.

مشاركة :