شدد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على «مرجعية الدولة في إدارة الشأن الوطني. وأن لا مرجعية تعلو عليها، لا مرجعيات الأحزاب ولا الطوائف، ولا مرجعيات الاستقواء بالخارج، كائناً من كان هذا الخارج، شقيقاً أو حليفاً أو صديقاً». ومضى قائلاً في كلمة ألقاها أمام الحشود التي ضاقت بها قاعة «بيال» في الذكرى 12 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، «إن قرار لبنان بيد الدولة، لا بيد أفراد وزعامات، ولا بيد محاور إقليمية أو دولية. والذين يتوهمون، أن في قدرة أي جهة إقليمية، مصادرة القرار الوطني اللبناني كما توهموا في مراحل سابقة، أقول لهم: إن فشل تجارب الماضي عبرة لهم وللجميع، واللبنانيين، ونحن في طليعتهم، لن يسمحوا بتسليم بلدهم للمحاور الخارجية. ولبنان لن يكون، لا اليوم ولا غداً ولا في أي وقت، جزءاً من أي محور في مواجهة أشقائه العرب. ونحن لا نستدعي الخصومة مع أحد، ولن نسمح أن يكون لبنان ساحة لصراع الآخرين فوق أرضه، لكننا بالتأكيد جزء لا يتجزأ من العالم العربي، ومعنيون بحماية المصالح العربية والدفاع عنها». وأمام حضور سياسي وروحي وديبلوماسي متنوع، ضم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، خاطب الحريري مناصري «تيار المستقبل» الذين أتوا من مختلف المناطق قائلاً: «أمامنا مسؤوليات كثيرة، والانتخابات (النيابية) على الأبواب، ولا أحد يستطيع أن يمنعكم من الحضور في كل لبنان». ومثل الوزير سليم جريصاتي رئيس الجمهورية ميشال عون في المهرجان، فيما مثل النائب ميشال موسى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأكد الحريري ان «العدالة كفيلة بردم الفجوة الموجعة التي نشأت عن مصرع الشهيد رفيق الحريري في جسد لبنان وكانت لها تداعيات مدمرة على السلام الوطني ومسيرة بناء الدولة. والعدالة آتية». وقال: «لا نرى خلاصاً من الشحن المتنامي والمخاوف المتبادلة في خلايا الحياة الوطنية، إلا بسلوك الطريق الذي اختاره رفيق الحريري لحماية لبنان. علمنا كيف نملك شجاعة اتخاذ القرار والمبادرة، فبادرنا حيث تكون المبادرة وسيلةً لإنقاذ لبنان. وها نحن على خطاه، نملك أيضاً، شجاعة المواجهة، عندما تكون المواجهة حاجةً للدفاع عن الدولة وشرعيتها وسلامة نظامها الديموقراطي ونملك شجاعة التضحية إذا كانت التضحية، جسراً لعبور لبنان الى مناطق الأمان التي تحمي وجوده». «لن نساوم» وشدد على ان «رفيق الحريري، ليس اسماً للاستخدام في عمليات الثأر السياسي. إنه عنوان لتجديد الثقة بلبنان، أدرك المعنى العميق، لمفهوم التسوية في بلد على صورة لبنان، وأدركنا معه، أن سياسة العناد والعزل والأبواب الموصدة والاعتكاف عن المبادرة عقيمة. فاوضنا وساومنا من أجل الحفاظ على الاستقرار ولكن لم ولن نساوم على الحق أو الثوابت. المحكمة الدولية، والنظرة لنظام الأسد وجرائمه، والموقف من السلاح غير الشرعي والميليشيات ومن تورط «حزب الله» في سورية، وغيرها وغيرها، كلها تشهد». وأضاف قائلاً: «نعم، هناك خلاف حاد في البلد، حول سلاح حزب الله وتورطه في سورية، وليس هناك توافق على هذا الموضوع، لا في مجلس الوزراء، ولا في المجلس النيابي، ولا على طاولة الحوار. ولكن ما يحمـي البلد هو أن هناك اجماعاً حـــول الجيش والقوى الشرعية والدولة فقط. تحمّلنا عن البلد وليس لنا أي فضل. اللوم يقع على من لم يتحمّل واعتبر أن مصالحه، أو مصالح الخارج الذي وراءه، أكبر من بلده». وتحدث عن «شجاعة قرارنا بانتخاب الرئيس ميشال عون. ومن يدعونا للصدام وتكسير البلد قلنا له ونقول: «غلطان بالعنوان»، ومن يتهمنا بالتنازل عن الثوابت نقول له أيضاً: غلطان بالعنوان. ونحن إم الصبي، طالما أن هذا يعني حماية الحياة المشتركة بين اللبنانيين. لكننا لسنا إم الصبي، بمعنى التنازل عن حقوقنا الوطنية، ودورنا في النظام السياسي ومسؤوليتنا في إدارة الشأن العام. لسنا جمعية خيرية سياسية، تتولى توزيع الهبات والمواقع وتقديم التضحيات المجانية على أكتاف «تيار المستقبل» أو على حساب التمثيل الوطني للتيار». وقال الحريري: «التضحية مسؤولية وواجب وشجاعة. بهذه الروحية والمسؤولية، نتقدم للحوار حول القضايا الوطنية، ونبدي حرصاً لا تراجع فيه، للتوصل إلى قانون للانتخاب، يعيد إنتاج الحياة السياسية والنيابية، شرط ألا يشكل حال قهر أو عزل لأي من مكونات العيش المشترك. وعلى رأسهم حلفاؤنا بالسراء والضراء». وأكد التمسك بـ «كوتا المرأة». ورأى ان «14 شباط ذكرى لقيامة لبنان الذي نفض عنه الاحتلال وكسر الذل وقال كلنا للوطن. لبنان الذي غنى بصوت واحد لحن السيادة بقسم جبران، لبنان الشباب الذين افتداهم باسل... وبيار، لبنان الحرية التي رفع رايتها سمير وجورج ووليد وأنطوان. لبنان البطولة التي كُتبت بدم وسام ووسام، لبنان الإخلاص الذي زرعه محمد شطح. لبنان الذي ودّع رفيق، واستقبل وطناً أصغر من أن يُقسم وأكبر بكثير بكثير من أن يُبتلع. ولبنان هذا، لن نفرط فيه، ولن نساوم عليه، ولن نسمح لأحد أن يخطفه، هذا عهدنا، ووعدنا». بالمصالحة ننجح وقال: «في 7 أيار البغيض، الأسود، رفضنا الانجرار للفتنة وقررنا أن نرد في صناديق الاقتراع ونجحنا بالمصالحة التي قالوا عنها مستحيلة بين رفض العنف والمذهبية وبين الحفاظ على وجودنا السياسي والشعبي والانتخابي. وعندما اندلعت الثورة السورية، قلنا إن المصالحة ليست مستحيلة بين الوقوف إلى جانب الشعب السوري وحماية بلدنا من النيران المشتعلة في سورية. وعندما بدأ الإرهاب الداعشي يضرب العالم وبدأ العالم يخلط بين الإسلام والإرهاب، قلنا إن المصالحة ليست مستحيلة بين أن نكون مؤمنين بالله وبرسوله، وبين أن نكون أول الواقفين في وجه الإرهاب المجرم الذي لا دين له. وعندما نخر الفراغ بلدنا ودولتنا ومؤسساتنا على مدى 3 سنوات تقريباً، دخلنا في المصالحة التي كان الجميع يقول إنها مستحيلة بين إقفال صفحة الانقسامات وإنقاذ البلد والدولة والمؤسسات. والنتيجة؟ لبنان يعيش بما يشبه معجزة صغيرة؟ في حين كل المحيط يغرق بالدم والنار والخراب واليأس، لبنان يعيش بالأمن والاستقرار والأمل؟ هذا طبعاً بفضل بطولات جيشنا وقوانا الأمنية، وبفضل قرار اللبنانيين بألا يعودوا ولا بأي شكل إلى إيام الحرب السود، ولكن أيضاً وقبل كل شي بفضل استمرارنا، بعد 12 سنة، على خط رفيق الحريري وفكره ومشروعه». واضاف: «لا نقبل أن يقول لنا أحد إن المصالحة مستحيلة بين التسوية لإنقاذ الوطن، وبين أن نخوض انتخابات نيابية ونربح فيها! ولا أن يقول لنا أحد إن المصالحة مستحيلة بين تطبيق اتفاق الطائف وبين الوصول إلى دولة مدنية حديثة لا تميز بين أي من أبنائها. ولا نقبل أن يقول لنا أحد إن المصالحة مستحيلة بين التنمية والنهوض الاقتصادي واستعادة دور لبنان وبين تلبية طموحات كل اللبنانيين من كل المناطق والطوائف والاتجاهات السياسية. هل عندما نهبط في مطار رفيق الحريري، في بيروت، ونمشي على الطرق وتصلنا المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت، تسألنا البنى التحتية إذا كنا مسلمين أو مسيحيين؟ إذا كنا شيعة أو سنّة؟ عندما ألقى أبطال الجيش وقوى الأمن الداخلي القبض على انتحاري «الكوستا» في بيروت، هل داروا على الطاولات يسألون الزبائن إذا كانوا من العاصمة أو من المناطق؟ أو إذا كانوا مع تيار المستقبل أو حركة أمل أو القوات أو التيار الوطني الحر؟ هذا هو مشروع رفيق الحريري، وهذا هو مشروعنا الحقيقي، وبه مستمرون، وبه سنذهب إلى الانتخابات وسننتصر معكم». الشعلة أضيئت... وزهور غطت الضريح أضيئت الشعلة في المكان والزمان الذي حصل فيه الانفجار الكبير قبل 12 سنة، وأودى بحياة الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري وآخرين، في وقت قصد ضريحه وأضرحة من قضوا معه في قلب بيروت عشرات الزوار من سياسيين وحزبيين لقراءة الفاتحة ووضع زهرة. وإضافة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي زار الضريح يرافقه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان ووزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، وعدد من نواب كتلة «المستقبل»، قصد المكان نجلا رئيس «اللقاء الديموقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي تيمور وداليا وليد جنبلاط، ووفود من مكاتب منسقيات «تيار المستقبل» في بيروت والمناطق، وشخصيات سياسية واجتماعية وفكرية وإعلامية وعسكرية وديبلوماسية وروحية ووفود شعبية. وغرد الرئيس نجيب ميقاتي على «تويتر» في الذكرى قائلاً: «كان الرئيس الشهيد رجل دولة بامتياز، بذل التضحيات من أجل لبنان، فعسى أن تكون ذكراه مناسبة لتوحد الجميع للحفاظ على هذه التضحيات». جنبلاط لرفيق الحريري: اشتقنالك نشر أمس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط على حسابه على موقع «تويتر» صورة للرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري في ذكرى اغتياله الـ «12» مكتفياً بالقول: «اشتقنالك». وكان غرد قبل ساعات على ذلك منتقداً غياب التمثيل الدرزي عن الوفد الوزاري المرافق لرئيس الجمهورية ميشال عون في جولته العربية الثانية، والتي شملت مصر والأردن وقال: «من الذي قرر عدم اصطحاب مروان حمادة أو أيمن شقير إلى مصر والأردن، رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو جهة نافذة نجهلها؟».
مشاركة :