لاجئون سوريون في الأردن يشككون في احتمالات العودة القريبة

  • 2/16/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجلس أحمد الخابوري أمام باب محل متواضع في مخيم الأزرق في الأردن يحلم بالعودة إلى سورية «اليوم قبل الغد»، لكنه لا يبدو متفائلاً بتحقيق ذلك قريباً على رغم المفاوضات المرتقبة في جنيف وآستانة بهدف إيجاد حل للنزاع الدامي في بلاده. ويقول أحمد، الشاب الطويل الملتحي (32 سنة) الذي غادر درعا في جنوب سورية في 2014 ولجأ إلى الأردن مع وزوجته وأطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية أشهر وثلاث سنوات: «لا أعوّل كثيراً على المفاوضات». ويعيل الخابوري عائلته من بيع وتصليح الدراجات الهوائية. وتعتبر الدراجة وسيلة النقل الوحيدة داخل المخيم الواقع على بعد نحو 90 كلم شمال شرقي عمان ويؤوي نحو 54 ألف لاجئ. ويقول عمّه (65 سنة) الذي فضل عدم ذكر اسمه: «كل يوم أتخيّل نفسي جالساً أمام بيتي في درعا. صورته والأرض حوله مزروعة لا تفارق قلبي وعقلي». ويضيف الرجل الذي ارتدى الثوب العربي الأبيض وكوفية حمراء والذي يزور ابنته في المخيم بينما هو مقيم في مخيم الزعتري القريب من الحدود: «سورية هي الوطن، سورية هي الأرض والماء والهواء... لكن إلى أين نعود؟ ما زالت الحرب قائمة». ورداً على سؤال حول المفاوضات التي ستعقد في آستانة هذا الأسبوع وفي جنيف الإثنين، يقول بغضب: «كل تلك المفاوضات والدعوات كاذبة، جميعهم أسوأ من بعضهم، من المعارضة إلى النظام... هم يضحكون على الشعب السوري ويتاجرون به». ويستضيف الأردن، بحسب الأمم المتحدة، أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مسجلين رسمياً، فيما تقول عمان إن عدد السوريين في المملكة يقارب 1.3 مليون شخص. في مدرسة داخل المخيم، ترسم غزل (خمس سنوات) أشكالاً على ورقة بيضاء وتلوّنها وهي تضحك مع رفيقاتها، وتقول لوكالة «فرانس برس»: «أشتاق إلى صديقاتي وروضتي والجيران» في ريف حمص في وسط سورية، مضيفة: «يفكّر أبي في العودة، لكن أمي ترفض بسبب الخوف». وتقول رفيقتها نعمة (11 سنة): «نحن هربنا من سورية بسبب الحرب، كيف نعود والحرب ما زالت هناك، هل نعود لنموت؟». ويطبق في سورية منذ 30 كانون الأول (ديسمبر) وقف هش للنار برعاية تركية وروسية، لكن المعارك مستمرة في مناطق عدة، إذ يستثني وقف النار مجموعات متشددة، ويشهد خروقات عدة. ويقول علي الغوثاني (42 سنة) من درعا في جنوب سورية، والذي يعمل في مجال بيع الأجهزة الكهربائية في سوق في مخيم الأزرق لإعالة أسرة من عشرة أفراد: «إذا تحقق الأمان في سورية، سأعود فوراً حتى إن كان بيتي مهدماً، سأبنيه من جديد. لا غنى لنا عن بلدنا». لكنه لا يعرف متى تتحقق هذه العودة. ويقول صديقه عبدالمنعم المذيب (45 سنة) الذي يعمل في صيانة الأجهزة الخليوية: «إن شاء الله تهدأ الأمور، لكن من سيعود ليبدأ حياته من الصفر؟». في مخيم المرج في شرق لبنان الحدودي مع سورية، يعبّر لاجئون آخرون عن التشكيك ذاته. ويقول طارق سلوم (24 سنة) النازح من مدينة الزبداني قرب دمشق بينما يقف أمام غرفة سقفها عبارة عن لوح من الزنك، وقد ارتدى معطفاً أسود: «لا نتأمل شيئاً، عقدوا حواراً أربع أو خمس مرات من دون نتيجة. يعقدون مؤتمراً ويتقاتلون داخل المؤتمر، لن نصل إلى حل». ويضيف: «الخاسر هو الشعب المسكين الذي خرج من بلده. كيف يمكن أن يشعر من يعيش في فندق خمسة نجوم بالوجع؟. لا يشعر بالوجع سوى من يعيش اللجوء هنا وهناك». وتقول قاسية العز النازحة من حمص منذ عام 2013 ولها عشرة أولاد، وهي تجلس داخل خيمتها: «نريد أماناً وبيتاً صغيراً لي ولأولادي، لا نريد أي شيء آخر». وتضيف: «يسقط النظام أو لا يسقط، لا فرق بنظرنا. المهم الأمان لأولادي، المهم ألا يبقوا تحت الدمار والحرب. أتمنى أن نرجع إلى بلادنا وأراضينا. كنا نعيش بأمان واطمئنان، بلادنا حلوة». ولجأ أكثر من أربعة ملايين شخص إلى خارج سورية لا سيما دول الجوار، خلال سنوات النزاع، وهم يعيشون في ظروف صعبة. ونتيجة هذه الظروف، تتمسك شاديا خالد العمر (19 سنة) وهي أم لولدين، بشيء من الأمل، تقول: «حالتنا تعيسة جداً. نضع أملنا في الحوار الذي سيعقد لنعود إلى بلادنا. لا نريد أي شيء، مستعدون أن نعيش في البرية من دون إعمار، المهم أن أعود مع ولدي وأشعر بالانتماء إلى المكان الذي أنا فيه».

مشاركة :